أولا: ما هي أهمية التقرير؟
اتهمت منظمة العفو الدولية (
أمنستي) الثلاثاء (1/2/2022)
إسرائيل بأنها دولة "فصل عنصري". جاء ذلك
في تقرير يقع في 182 صفحة تحت عنوان "نظام
الفصل العنصري (أبارتهايد) الإسرائيلي ضد
الفلسطينيين: نظام قاس يقوم على الهيمنة وجريمة ضد الإنسانية".
ويضاف تقرير منظمة العفو الدولية إلى تقارير هامة أخرى مثل تقرير هيومن رايتس ووتش وتقرير منظمة بيتسيلم الإسرائيلية، فضلا عن تقارير منظمات حقوقية فلسطينية تصدر بشكل دوري، وجميعها تتحدث عن ذات المضمون تقريبا لكن بعناوين أخرى.
تكمن أهمية التقرير في الشجاعة والمهنية الكافية، حيث أنه تطرق إلى أمور، ورغم خطورتها، بات التطرق إليها من باب الترف السياسي والحقوقي. كما أن جهد أربع سنوات يعطي التقرير المزيد من المصداقية والجدية. وقد اعتمدت المنظمة في تقريرها المطول على أبحاث ميدانية معمقة استندت إلى شهادات ومشاهدات.
تكمن أهمية التقرير في الشجاعة والمهنية الكافية، حيث أنه تطرق إلى أمور، ورغم خطورتها، بات التطرق إليها من باب الترف السياسي والحقوقي. كما أن جهد أربع سنوات يعطي التقرير المزيد من المصداقية والجدية
كما تكمن أهمية التقرير أيضا في تناوله موضوع الفصل العنصري الذي اعتقد العالم أنه انقضى بزوال نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا 1991. وتطرق التقرير إلى العناصر المؤسِسة لنظام الفصل العنصري وهي: شرذمة الأراضي، والتفرقة والعزل والسيطرة، ونزع ملكية الأراضي والممتلكات، والحرمان من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والقيود القاسية على حرية التنقل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، النقل القسري، والاعتقال الإداري (بدون محاكمة)، والتعذيب، وأعمال القتل غير المشروعة. وخلصت المنظمة إلى أن ذلك النظام يرقى إلى مستوى الفصل العنصري (أبارتهايد).
ومن الأمور الهامة التي تطرق إليها التقرير هو حديثه عن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وممتلكاتهم، حيث إن "التشتيت الجغرافي" للسكان الفلسطينيين يعد "ركناً أساسياً في نظام القمع والهيمنة".
ويتحدث التقرير عن وجود منظومة قانونية تنكر حق اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في العودة إلى بيوتهم وممتلكاتهم. وبحسب تقديرات وكالة الأونروا، يقدر عدد اللاجئين الفلسطينيين بحوالي 5.6 ملايين نسمة، وترفض دولة الاحتلال عودتهم بالادعاء بأن ذلك سيغير الواقع السكاني في البلاد ويهدد وجودها.
كما بينت منظمة العفو الدولية في تقريرها أن سياسة الفصل العنصري هي سياسة إسرائيلية منهجية متكاملة؛ تتشارك فيها كل مؤسسات الدولة القضائية والتشريعية والتنفيذية. وهي حقيقة خطيرة أكدها التقرير ويعرفها الفلسطينيون على أرض الواقع، بينما تبرر إسرائيل انتهاكها لحقوق الإنسان بالقول إنه سلوك فردي منعزل.
من الأمور الهامة التي تطرق إليها التقرير هو حديثه عن عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم وممتلكاتهم، حيث إن "التشتيت الجغرافي" للسكان الفلسطينيين يعد "ركناً أساسياً في نظام القمع والهيمنة"
ومن المؤكد أن الآليات الدولية الحالية لإعمال
حقوق الإنسان باتت غير مناسبة، كما أن الإدانات الشكلية باتت عقيمة، وهذا ما أكدته أيضا الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية بقولها: "لا يجوز بعد الآن أن يقتصر الردّ الدولي على الفصل العنصري على الإدانات العقيمة والمراوغة". ودعت إلى معالجة الأسباب الجذرية لهذه المعاناة، وشددت على أن الحكومات التي تواصل تزويد إسرائيل بالأسلحة وتحميها من المساءلة في الأمم المتحدة تساند نظام فصل عنصري، وتقوّض النظام القانوني الدولي، وتفاقم معاناة الشعب الفلسطيني.
ثانيا: هل توجد اتفاقيات دولية تجرّم الفصل العنصري؟
من حيث المبدأ يرفض القانون الدولي الإنساني والقانوني الدولي لحقوق الإنسان أي شكل من أشكال الفصل العنصري، ويعتبر احترام الكرامة الإنسانية من القواعد العرفية الآمرة. وفي الإطار الخاص توجد ثلاث اتفاقيات دولية أساسية تمنع الفصل العنصري؛ من بينها اتفاقية 1973 الدولية المتعلقة بإلغاء جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها. وتعرف الاتفاقية "الفصل العنصري" بأنه "عمل غير إنساني يهدف إلى إقامة وتثبيت هيمنة مجموعة عرقية على مجموعة عرقية أخرى واضطهادها بصفة منهجية".
ثالثا: لماذا غضب قادة الاحتلال بشدة على تقرير منظمة العفو الدولية؟
ينزع التقرير الشرعية الدولية عن دولة الاحتلال، حيث يحاول الاحتلال تثبيت المكانة الدولية باعتباره دولة ديمقراطية قائمة على احترام حقوق الإنسان والرفاهية والحداثة والتكنولوجيا في محيط يعج بالظلم والاستبداد والإرهاب. ولعل هذا ما يفسر
هذا الغضب من هذا التقرير وهذه الحدة في تصريحات مسؤولين كبار في دولة الاحتلال منها:
- نائب وزير الخارجية الإسرائيلية عيدان رول: "إن الشرعية الدولية لإسرائيل هي قضية أمن قومي، تؤثر بشكل مباشر على حرية عمل قوات الأمن التي تعمل على حماية المستوطنين. لقد وافقنا مؤخراً على تخصيص 100 مليون شيكل لتعزيز شرعية إسرائيل الدولية، وسأقدم في الأسابيع المقبلة سياسة جديدة حول هذا الموضوع.. يوضح تقرير منظمة العفو الدولية المتحيز والكاذب المقدار المطلوب لتعزيز الشرعية".
- سفير الاحتلال السابق لدى الأمم المتحدة داني دانون: "تقرير منظمة العفو الدولية الذي نُشر اليوم مليء بالأكاذيب ضد إسرائيل، إذ يصنفها على أنها "دولة فصل عنصري"، ويتجاهل التقرير حقيقة خروج إسرائيل من قطاع غزة عام 2005 التي تسيطر عليها منذ ذلك الحين منظمة حماس "الإرهابية الوحشية".. أمنستي هي منظمة حقيرة تضلل وتكذب من أجل نزع الشرعية عن وجود "إسرائيل"، يجب إلقاء هذا التقرير في سلة المهملات حيث مكانه الحقيقي".
رابعا: ماذا يستفاد من تقرير منظمة العفو الدولية؟
بعد وصف منظمة العفو الدولية (أمنستي) ممارسات دولة الاحتلال الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين بـ"الفصل العنصري" من خلال تقرير بحثي معمق وشجاع، فإنه من المهم لفت الانتباه للأمور التالية:
يشكل هذا التقرير حافزا قويا لوقف أي تنسيق أمني بين جيش الاحتلال والسلطة الفلسطينية. إن اللقاءات التي تجريها السلطة الفلسطينية من خلال بعض رموزها هي أوكسجين حياة للاحتلال؛ يكتسب من خلاله شرعيته الهشة والقائمة على الفصل العنصري
1- أن يعتبر هذا التقرير بمثابة وثيقة حقوقية علمية إضافية؛ يستفاد منها في ملاحقة قادة الاحتلال على جرائمهم
أمام محكمة الجنايات الدولية وكذلك أمام المحاكم المختصة.
2- أن يتوقف قطار التطبيع فورا مع دولة الاحتلال التي تمارس الفصل العنصري البغيض ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث من غير المنطق أو الأخلاقي إقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية مع دولة قائمة على الجرائم والقتل والتشريد.
3- أن يستفاد من هذا التقرير على المستوى الدولي في كشف الوجه البشع للاحتلال (حملة المقاطعة العالمية).
4- أن يشكل هذا التقرير حافزا قويا لوقف أي تنسيق أمني بين جيش الاحتلال والسلطة الفلسطينية. إن اللقاءات التي تجريها السلطة الفلسطينية من خلال بعض رموزها هي أوكسجين حياة للاحتلال؛ يكتسب من خلاله شرعيته الهشة والقائمة على الفصل العنصري.