نشرت مجلة "بوليتيكو" تقريرا، أعده يوجين دانيالز، قال فيه "إن المسؤولين البارزين في إدارة جو بايدن، يواجهون مشكلة غير معهودة في ثقافة البيت الأبيض، وهي الرسائل التي يوقعها عاملون في داخل الإدارة، بدون ذكر الأسماء، ويعبرون فيها عن احتجاجهم من موقف الرئيس بايدن، وإدارته، من حرب
غزة، ودعم الرئيس الثابت لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو".
وأوضحت المجلة أن "رسائل كهذه كانت نادرة في الإدارات السابقة، ولكنها حطمت الحواجز في واشنطن الرسمية، وكشفت عن فجوة جيلية بين ما يراه الموظفون الشباب ورؤساؤهم الكبار في العمر، بشأن المسؤولية الواجب على العامل في واشنطن التحلي بها".
وتابعت أنه منذ عملية حركة حماس على دولة الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قد "أدى الدعم المتواصل من بايدن إلى نتنياهو لسلسلة من الرسائل بدون توقيع، وصادرة من موظفي البيت الأبيض، ووزارة الخارجية وحملة بايدن الرئاسية".
وأردفت: "هي رسائل جعلت السّاسة في أعمار معينة يهزّون رؤوسهم استغرابا. ويقولون إن فكرة تجرؤ الموظفين الشباب في هذه الوظائف المرغوبة على المسؤولين عنهم، حتى بدون الكشف عن هويتهم، لم يكن متصوّرا في الأيام السابقة".
ويقول جيمس كافاريل، الذي عمل مع بيل كلينتون، بصفته استراتيجيا في حملته: "هناك هذا المفهوم عن: لست رئيسي في هذا الموقف الآن؛ وربما عملت معك ولكنني أحمل آرائي الخاصة". مضيفا: "إن هذا لم يكن مفكرا به في الماضي ولو قلت إنك لا تحب بعض سياسات كلينتون، فإن فكرة التعبير عنها علنا ستكون جنونا، ولن أفعل هذا، ولن تخطر على بالي".
وأكد أنه "في الأيام السابقة، كان من النادر أن يحاول المسؤولون في البيت الأبيض التأثير على رئيسهم من خلال الكشف عن الخلافات الداخلية المتعلقة بالمبدأ داخل إدارته والتعبير عنها علنا وقبل الاستقالة أولا".
اظهار أخبار متعلقة
إلى ذلك، أشارت المجلة نفسها بأن "التسريبات من مسؤولي الإدارة تعتبر علامة معروفة، لأجيال، وفي فترة جورج دبليو بوش، خرج مسؤولون في مناسبات للتعبير عن خلافاتهم علنا. وكان هذا يحدث فقط عندما يتركون أعمالهم". ويقول بول باغلا، الذي عمل إلى جانب كارفيل في إدارة كلينتون إن "المقايضة كانت دائما: سيكون لك دور للتأثير على قرارات أكثر الحكومة قوة في تاريخ العالم".
وتابع أنه: "مقابل هذا التأثير، عليك الموافقة على دعم القرار النهائي لو كان ضد موقفك. ولو واجهت قرارا يتناقض مع الخطوط الأخلاقية والاجتماعية والسياسية، فالخيار هو السكوت أو الاستقالة؛ لكن الأمور تغيرت في الأوقات الماضية، فقد أصبحت التسريبات المصادق عليها جزءا من العملية السياسية، حيث يقوم مسؤولون بكتابة مقال رأي بدون التوقيع عليه، أو حادث درامي يجد طريقه إلى الإعلام".
وأردف: "في داخل البيت الأبيض اليوم، هناك شعور بأن الثقافة تغيرت وبدون رجعة. حيث إن الإحباط الكبير بين المساعدين عادة ما يكون أكبر عبر الرسائل المجهولة، والنقد وأكثر من الدعم لسياسات الرئيس".
وقال أحد مساعدي البيت الأبيض، إن "الرئيس لا يتضايق من النقد، ولا نخاف من أن نعرض اختياراتنا للسياسة أمام التدقيق، وحتى حملات الرسائل المجهولة للموظفين، فإنهم يقولون إنهم يعملون هذا من أجل احترامهم له، وهذا يقول الكثير". مشيرا إلى أن "بعض مسؤولي البيت الأبيض يتعاملون مع المعارضة الداخلية بأنها مثيرة للتشويش، في أسلوب الحديث علنا وبدون الكشف عن الهوية، ليس الأسلوب الناجع مع بايدن ومن حوله من المساعدين الموثوقين".
وقال مسؤول سابق في البيت الأبيض، لم يكشف عن هويته، "ما لا يعرفونه هو أن هذا لا يعمل مع جو بايدن، وليست هذه هي الطريقة للحصول على اهتمامه، ويعتقد الموظفون أن كتابة الرسائل أو تقديم الاستقالات أو إجراء مقابلات مع جوي ريد، قد يدفع الرئيس للتحفظ في سياساته ويدفع مساعديه للتحفظ، لكن ثبت أن الحوار المباشر معه هو الأنجع".
ويرى الجيل الجديد من الناشطين أن "هذا النوع من التحليل عفا عليه الزمن. ففي الجامعات وبعدها يقومون بالتظاهر في عصر الاحتجاجات الكبرى ضد عنف البنادق ومن أجل حقوق المرأة ووحشية الشرطة، والتي يتأثر فيها النقاش السياسي من خلال الضغط الواضح. وسواء جاء هذا الضغط من الداخل أو الخارج، ليس مهما".
ويقول مدير الاستطلاعات في معهد كينيدي بجامعة هارفارد، جون ديلا فولب: "يؤمن الكثير من أبناء جيل زيد (الجيل المولود في حقبة التسعينات وبداية العقد الأول من القرن الحالي) باستخدام القوة السياسية، في حين أن جيل الألفية (جيل الثمانينات وبداية التسعينات أو جيل واي) ربما فكر بها. وعمل جيل الألفية خارج النظام الحالي، أما الجيل هذا، فهو ملتزم بالعمل داخله وخارجه. وهذا هو الفرق بالنسبة لزملائي وأصدقائي الذين عملوا من داخل النظام، كما تعرف، فمنهم قادة منتخبون ولسنوات طويلة".
وتابع: "قد تبنى الجيل الشاب فكرة أن الأمكنة التي يتسوقون ويأكلون ويعملون فيها تعكس أخلاقياتهم، وكل شيء هو امتداد إلى قيمهم، وعشنا وقتا كان فيه المستهلكون يصوتون وانعكس الوضع الآن، حيث يستهلك المصوتون، وتحمل هذا معك كقاعدة تقيس عليها كيفية معاملة الناس".
ويرى واحد من الناشطين الجدد، والداعي للحد من انتشار السلاح، ديفيد هوغ، والناجي من مذبحة "باركلاند" في فلوريدا، أن "التغير مرتبط بطريقة نشر الأخبار. وقامت حملة بايدن بنشر رسالة مجهولة عبر "ميديم"، ووجد المعارضون وغير الراضين عن الحرب في غزة طرقا عدة على منصات التواصل الاجتماعي للتعبير عن مواقفهم، وهو ما خلق عقلية جديدة" بحسب تعبيره.
وأضاف هوغ: "إن فضاء الإعلام مر بمرحلة دمقرطة مع اختراع منصات التواصل الاجتماعي خلال العقد ونصف الماضي، وقد خلقت اللامركزية أو الدمقرطة عرفا جيليا لم يعد يهتم فيه المشاركون بالتراتبية أو الأشخاص الذين هم فوقنا".
اظهار أخبار متعلقة
من جانبه، عقد البيت الأبيض، عدة لقاءات مع الموظفين القلقين، ومن بداية الحرب، وكذا مع أطراف من الخارج شارك فيها الرئيس نفسه. فيما استضاف رئيس طاقم البيت الأبيض، جيف زينتس، جلسة استماع لموظفي البيت الأبيض البارزين "مسلمون، عرب وفلسطينيون والاستماع منهم مباشرة"، وذلك حسب مسؤول في البيت الأبيض، وفق المجلة.
وأمر أمناء الوزارات بالتواصل مع الموظفين من المجتمعات الفلسطينية والعربية المسلمة والمسلمة". بينما قال مساعدون سابقون لبايدن إن "اللقاءات ساهمت في التأثير على نبرة الإدارة تجاه الفلسطينيين وسمحت لِلموظفين المحبطين بالتنفيس عن إحباطهم".
وقال مساعد سابق: "كانت اللقاءات الأمر الصواب وأساء البيت الأبيض التقدير من أن اللقاءات هي ما يجب عمله. وأعتقد أن الأشخاص الذين شاركوا في اللقاءات أساءوا تقدير الكيفية التي ستصبح حواراتهم ومظاهر قلقهم جزءا من سياسات الحكومة".