رباب عبد الهادي: اللوبي الصهيوني ضخ 100 مليون دولار لإسقاط مرشحين بأمريكا
واشنطن- عربي2113-Mar-2411:50 AM
0
شارك
رباب عبد الهادي أكدت أن "فلسطين باتت جزءا لا يتجزأ من السياسة الداخلية والخارجية لأمريكا"- عربي21
كشفت
الأكاديمية الفلسطينية والمديرة التأسيسية للبرنامج الأكاديمي للدراسات العربية
والمسلمة في المهجر، البروفيسورة رباب عبد الهادي، أن "اللوبي الصهيوني
الأمريكي (إيباك) ضخّ 100 مليون دولار لإسقاط المرشحين التقدميين المؤيدين للقضية
الفلسطينية في انتخابات الكونغرس المقبلة من أجل محاولة إسكات الأصوات التي ترفض
الصمت حيال قتل أكثر من 30 ألف فلسطيني".
يُشار
إلى أن انتخابات مجلس النواب الأمريكي تجرى كل عامين، وتشمل جميع المقاعد البالغ
عددها 435 مقعدا، والحاصل على 218 مقعدا على الأقل يفوز بالأغلبية.
أما
الانتخابات القادمة لمجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للكونغرس) فلا تشمل سوى 35 مقعدا
من إجمالي 100 مقعد فقط، وتبلغ عهدة (ولاية) السيناتور 6 سنوات.
وسيتجه الأمريكيون إلى صناديق الاقتراع في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر
المقبل لانتخاب الرئيس القادم للبلاد واختيار أعضاء الكونغرس - الهيئة التشريعية
للحكومة.
وأضافت
عبد الهادي، في مقابلة خاصة مع "عربي21" أن "هناك مجموعات مؤيدة
للوبي الصهيوني في واشنطن تهاجمنا ليل نهار، ويزعمون أننا نقوم بأنشطة تتسم
بالعنصرية ومعاداة السامية، وذلك من أجل تشجيع الجامعات الأمريكية على طرد كافة
الأساتذة من مناصبهم ومعاقبة الطلاب الذين يقولون كلمة الحق".
واستدركت الأكاديمية الفلسطينية، قائلة: "لكننا صامدون، ونقاوم، وسنظل نرفع
أصواتنا عاليا، ليعلو صوت الحق والعدالة لفلسطين، ولن نصمت أبدا".
وأوضحت
أن "الإمارات والبحرين تتواطآن وتتعاونان مع اللوبي الصهيوني في الولايات
المتحدة"، متابعة: "نحن لا نغفل أن الإمارات تُصدّر الغذاء والخضراوات
لإسرائيل بعد الحصار الذي فرضته على اليمن، وأيضا هناك تعاون كبير بين اللوبي
الصهيوني والسعودية عن طريق جاريد كوشنر الذي يعقد اجتماعات سرية مع بعض المسؤولين
من أجل التطبيع مع الرياض".
وإلى
نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":
ما
الجديد بخصوص قضية إلغاء المساق التدريسي الخاص بكم الذي يتحدث عن فلسطين في
جامعة سان فرانسيسكو؟
لقد
ألغت إدارة الجامعة المُتحالفة مع المؤسسات الصهيونية مساق فلسطين خلال الفصل
الدراسي الماضي بدون ذريعة، ورفضت التراجع عن قرارها التعسفي رغم الحملة الواسعة
التي أطلقناها، ولكننا نجحنا عبر هذه الحملة في استعادته خلال هذا الفصل، وأُدرّسه
حاليا، والواضح أن تسجيل ومشاركة الطلاب قد ازداد بشكل ملحوظ لكافة مساقاتنا، ويبدو ذلك في ارتفاع أرقام
تسجيل الطلاب الأمر الذي يؤكد مدى اهتمامهم بدراسة فلسطين والمواضيع الحيوية
الأخرى التي نُدرّسها كمساقات أخرى حول الإسلاموفوبيا ومقارنة الحدود بين فلسطين
والمكسيك، وهذا يدحض ذرائع ادعاءات الجامعة بأن إلغاء المساق كان بسبب عدم إقبال
الطلاب عليه، وهي كلها ادعاءات غير صحيحة، وإن دلت على شيء فإنها تؤكد على تواطؤ
إدارة الجامعة مع مؤسسات اللوبي الصهيوني بهدف محو الرواية الفلسطينية وتجريمها في
المناهج الدراسية الرسمية.
هل
هناك انتهاكات أخرى تتعرض لها الدكتورة رباب عبد الهادي؟
نعم،
ما زلت أتعرض شخصيا لمجموعة من المضايقات؛ فعلى سبيل المثال أخوض حاليا تحكيما قانونيا ضد إدارة الجامعة المتصهينة بسبب تضييقها على "البرنامج الأكاديمي
لدراسات الجاليات العربية والمسلمة في المهجر".
وللتوضيح،
فقد اضطررت أن استأنف قرار الفيتو الذي استخدمته رئيسة الجامعة ضدي وضد برنامج AMED الأكاديمي
الذي استقطبتني إدارة الجامعة لتأسيسه من منصبي السابق كمديرة لمركز الدراسات
العربية الأمريكية في جامعة ميتشيغان، ولكن محاولاتهم لتدمير البرنامج تصاعدت بحجم
تعمّق تحالفها مع القوى والمؤسسات الصهيونية.
وقد
حاولت طيلة 15 عاما إقناع إدارة الجامعة بالتراجع عن سياساتها العدائية لإسكات صوت
فلسطين، ومنهاج فلسطين، والقضايا العربية والمسلمة، والالتزام بدل ذلك بالعقد الذي
وظفتني بموجبه، ولكن كل محاولاتي للوصول إلى هذه النتيجة لم تجد، فقمت برفع شكوى عبر
نقابة الأساتذة تستمد شرعيتها من أسس بنود الاتفاقية ما بين إدارة الجامعة
والنقابة التي تحكم كافة الشؤون التعليمية والإدارية.
وعليه، فإنه تم تشكيل لجنة حيادية من الأساتذة المنتقاة أسماؤهم بشكل عشوائي وتثبيتهم رسميا من
قِبل النقابة والجامعة، وبعد استماع اللجنة للشكوى التي تقدمت بها ودفاع مسؤولي
الجامعة الكبار (العمدة الأكاديمية، وعميد العمداء، وعميدة الكلية، وممثلي الجامعة
القانونيين) عن أنفسهم واستنادا إلى الإفادات والوثائق التي تقدم بها الطرفان فقد صوتت
اللجنة بالإجماع لصالحي، وأصدرت لجنة الأساتذة قرارا حاسما يؤكد أن الجامعة قد
خرقت عقدي للتوظيف، وحاولت بشتى السبل تدمير البرنامج، وقامت بعزلي أكاديميا.
لذا،
فقد طالبت اللجنة إدارة الجامعة بتطبيق تعهدها ببناء البرنامج والتراجع عن
خروقاتها بعدم توظيف أستاذين آخرين لمساعدتي في بناء برنامج المناهج، كما نص عليه
عقدي.
وطلبت اللجنة من الجامعة الاعتذار لي على ممارستها السيئة بحقي، ولكن استخدام رئيس
الجامعة المتواطئة مع المؤسسات الصهيونية للفيتو لإلغاء نتائج التحقيق والتحكيم لم
يترك أي خيار لدي سوى الاستئناف رغم الجهد والوقت والمال الذي تحتاجه هذه الخطوات
في الوقت الذي تتطلب فيه غزة كل اهتمامنا، ولكن المشكلة أننا لا نتحكم في توقيت جلسات
التحكيم فعلينا خوض هذه المعركة والانتصار فيها في نفس الوقت الذي نُسخّر فيه كافة
طاقاتنا لوقف شلال الدم في غزة.
وستُعقد
الجلسة الثانية للتحكيم اليوم الأربعاء، وتركز على مناورات الجامعة التي طعنت في
حقي برفع الشكوى، وتحاول الجامعة أن تماطل في ذلك لاعتقادها بأن الزمن في صالحها،
ويبدو أن الإدارة حتى الآن لم تتعلم الدرس أنني لن أتخلى، ولن أستسلم لسياساتهم
المجحفة، ولن أقبل بإسكات صوت فلسطين لا في الجامعة ولا خارجها.
وفي
نفس الوقت الذي تحاربني فيه الجامعة في التحكيم القضائي فإنها تحاول القضاء على
البرنامج بشكل أو بآخر فما زالت الإدارة تحاول سحب "بعثة إدوارد سعيد"
من برنامج ِAMED وتسليمها لموظفين إداريين لا يفهمون من هو إدوارد سعيد؟، ولماذا
بادرنا بالبعثة وشروطها وقيمتها.. وهي بعثة تقتصر على الطلاب المتفوقين والذين
يسيرون على خطى إدوارد سعيد في خدمة قضيتهم، وخدمة جاليتهم والمتخصصين في دراسات AMED.
وعلى
مستوى قضية أمني الشخصي، وأمن طلابي وزملائي في الجامعة؛ فقد تعرّضنا لأكثر من 11
خرق أمني رئيسي، فضلا عن الحوادث اليومية لمضايقة الطالبات المحجبات وتعليقات بعض
الأساتذة العنصرية والمعادية للعرب والمسلمين، ورغم تعهد الجامعة بالتحقيق فإنها لم
تجرِ تحقيقات جادة إلى الآن، بل أنكرت حدوثها وشكّكت في مصداقيتنا؛ فعلى سبيل
المثال ادعت شرطة الجامعة، ومسؤولو الخدمات الإلكترونية، أنهم لا يستطيعون تقصي
إيميلات أو رسائل التهديد، ورفضت الجامعة عن سابق إصرار التراجع عن الاتفاقية التي
أبرمتها مع منظمات صهيونية، والتي تُعرّف الصهيونية بأنها حركة مشروعة لتقرير
المصير، وأن مَن يعارضها يعتبر من دعاة الكراهية ومعاداة السامية، وقد اقتصر
التقرير على اتهامي وبرنامج AMED الذي أديره.
وبالتأكيد، نحن نحارب على كل الجبهات، ونقف لهم بالمرصاد، ونرفض تكميم الأفواه، وننظم مجموعة
كبيرة من الندوات الرقمية التثقيفية للطلاب والمهتمين يحضرها الآلاف، ولكن تطبيق
أهداف البرنامج يعرّضنا للهجمات المستمرة وبأشكال مختلفة.
ما
أبعاد المضايقات على الأكاديميين والطلاب المتضامنين مع فلسطين في الجامعات
الأمريكية والغربية؟
أولا
من المهم التأكيد أن هذه المضايقات والتي تبلغ درجة العقوبات تتصاعد كلما حققنا
إنجازات على الصعيد التضامني مع القضية الفلسطينية وبات صوت فلسطين عاليا. وفي
الفترة الأخيرة، وبعد العدوان الصهيوني على غزة، قامت العديد من الجامعات
الأمريكية والأوروبية بتجريم الحراك الطلابي لحركة «الطلاب من أجل العدالة في
فلسطين» وحركة «الصوت اليهودي للسلام» المعادية للصهيونية، وعاقبت بعض الجامعات
الطلاب النشطاء وأصدرت قوانين جديدة أقل ما يمكن أن نصفها به أنها "قوانين قمعية وتعسفية وفاشية" كتلك التي تمنع
الطلاب من مجرد التجمع، أو تنظيم التظاهرات والاحتجاجات السلمية.
فعلى
سبيل المثال، قامت مجموعة من الجنود الإسرائيليين السابقين برش مادة كيماوية على
الطلاب المؤيدين لفلسطين، وهي مادة يستعملها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني رائحتها
سيئة ولها آثار صحية ضارة، ولا تزال إحدى الطالبات تعاني من جروح أصابتها في
عينيها حتى الآن نتيجة الواقعة.
ولم
تكتفِ إدارة جامعة كولومبيا بالتهاون في التعاطي مع هذا الحادث الخطير حتى انكشفت
فضيحتها في الصحف ووسائل الإعلام، وإنما أصدرت قرارا يمنع الطلاب من مجرد التعليق
على العنف الصهيوني في وسائل التواصل الاجتماعي، وفي بعض الجامعات بلغ التضييق حد
ضرب الطلاب واعتقالهم لقمع التظاهرات.
وقد
قمنا بالدعم والمساهمة في حملات مؤسسات طلابية وحقوقية وأكاديمية للاحتجاج على هذه
الممارسات التعسفية والمطالبة بالتراجع عنها وتثقيف الأوساط الأكاديمية والرأي
العام بخطورتها، ومن بين هذه المؤسسات "الطلاب من أجل العدالة في
فلسطين"، و"حملة الحق بالتعليم في جامعة بيرزيت"، و"شبكة
الشباب الفلسطيني". ويتضح من هذه التطورات أن الأمن في الجامعات الأمريكية
يستخدم أساليب قمعية تُماثل ممارسات جنود الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
ما
مدى قوة وتأثير اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة، وهل يستهدف فئات بعينها،
أم إنه يستهدف شخصكم بشكل مباشر؟
لا
شك أن اللوبي الصهيوني بكافة مؤسساته لديه إمكانيات قوية جدا في الولايات المتحدة،
وخصوصا على صعيد النفوذ المالي في الأوساط الرسمية، بخلاف الشارع؛ فقد أنفق
اللوبي الرسمي (إيباك) مليارات الدولارات لإسقاط النواب الذين صوّتوا لصالح قرار
وقف إطلاق النار والعدوان على غزة، وأولئك الذين لا يقدمون ولاء الطاعة لإسرائيل،
ويستهدف اللوبي بالأساس المجموعة التي تُسمى بـ "سكواد"، وهم من النواب
الملونين وأهل البلاد الأصليين أمثال: رشيدة طليب، وإلهان عمر، وجمال بومان، وسمر
لي، وكوري بوش، وإيانا بريسلي. وغيرهم تخوفا من ازدياد تمثيلهم في مجلس النواب
وقلب المعادلة التاريخية المؤيدة لإسرائيل.
من
ناحية أخرى، هناك مجموعات مؤيدة للوبي الصهيوني في واشنطن تهاجمنا ليل نهار؛ فعلى
سبيل المثال نظمنا ندوة قبل عدة أسابيع تحدثت بها أسيرات محررات من السجون
الإسرائيلية ومحامية تُمثلهم، وكانت إحداهن طالبة اُعتقلت "إداريا" دون
أن توجّه لها أي تهم، وبدون محاكمة؛ فأثارت هذه الندوة، وغيرها، غضب الصهاينة
الذين قاموا بحملة على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة إكس (تويتر سابقا)، من أجل
اتهامنا زورا بالعنصرية ومعاداة السامية، وذلك بهدف تشجيع الجامعة على طردي من
عملي ومحاولة إلغاء برنامجنا الذي يُدرّس تاريخ فلسطين.
وبالإضافة إلى محاولة تكميم الأفواه لكافة الأساتذة الذين يدرسون مواد عن فلسطين؛ فقد قامت بعض
الجامعات بفصل مجموعة من الأساتذة بشكل تعسفي لمعاقبتهم وإخافة الآخرين؛ فهناك
هجمة قوية جدا ضدنا، لكننا صامدون، ونقاوم ذلك ونصر على رفع أصواتنا عاليا، ليعلو
صوت الحق والعدالة لفلسطين.
في
المقابل، كإحدى الناشطات ما مدى فاعلية وتأثير حركات التضامن مع فلسطين في الغرب؟
استنادا
لتجربتي في العمل التضامني والسياسي الفلسطيني في الولايات المتحدة أستطيع الجزم
بأننا لم نشهد نشاطا وحراكا كما نشهده اليوم؛ فهناك نقلة نوعية وزخم كثيف في الشارع، والمظاهرات مستمرة يوما بعد يوم
لدرجة أنها شلّت الحركة في الشوارع والطرق، كما أن الحركة وقفت على الطريق المؤدي إلى
مطار كينيدي، وهو أحد أكبر المطارات في أمريكا، وأوقفت حركة السير على أكبر الجسور
في سان فرانسيسكو، بالإضافة إلى الاعتصامات داخل الكونغرس وتعرّضت مجموعة كبيرة من
المتظاهرين للاعتقال، وبعضهم من اليهود المُعادين للصهيونية، والمتضامنين مع الشعب
الفلسطيني، وحتى بلغت درجة تأخير موكب الرئيس بايدن عن تقديم خطابه السنوي في
الكونغرس، وقام المتظاهرون، الأحد الماضي، بتأخير وصول المدعوين إلى حفل جوائز
الأوسكار في هوليوود.
وسجّلت الحركة التضامنية إصدار قرارات في بلديات كبرى لوقف إطلاق النار، وهذه نتيجة
مباشرة لجهود النشطاء في مدينة سان فرانسيسكو، وشيكاغو، حيث ناشدوا أعضاء المجالس
البلدية بالتصويت لصالح قرار يطلب بوقف إطلاق النار، وفعلا نجحوا في ذلك، هذا تطور
نوعي وجديد لم نشهده من قبل.
ومما
نشاهده الآن هو تجاوز الخوف من الاعتقال وحتى الموت؛ فلا بد أن نوجّه التحية للشاب
الشجاع «آرون بوشنال» الذي أضرم النار في جسده أمام السفارة الإسرائيلية في
واشنطن، وظل يردد "فلسطين حرة، فلسطين حرة" حتى لفظ أنفاسه الأخيرة. وفي
هذا كان يستكمل التقليد الذي تكرر خلال الحركة الواسعة المعارضة للحرب الأمريكية
على فيتنام. ويلتحق بوشنال بـ راشيل كوري التي يصادف يوم السبت القادم ذكرى
استشهادها، والمصور البريطاني توم أريندل الذي اُستشهد أيضا على أيدي الاحتلال.
وحركات
التضامن مع فلسطين جزء من حركة عالمية أوسع تهدف إلى دعم الشعوب المُضطهدة وتغيير
الظلم، ونركز خطابنا على ضرورة تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، ونجحنا في تحقيق
نتائج إيجابية للغاية في رفع الوعي بالقضية الفلسطينية، وستستمر حركات التضامن مع
فلسطين بشكل مختلف بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة.
هل
لحرب غزة انعكاسات على الانتخابات الرئاسية المرتقبة في أمريكا؟
نعم
أعتقد ذلك؛ فالأشخاص الأكثر تقدمية، والأكثر التزاما بالعدالة والحركات
الاجتماعية، غالبا ما يصوّتون للحزب الديمقراطي على مضض؛ لأنه لا يعكس موقف
الحركات الشعبية الحقيقية، بل إنه يعكس مواقف الفئات الحاكمة. كما أن الحزب
الجمهوري يقوم بذلك إذ إنه يدعم الصناعات الحربية، ويستثمر فيها الجمهوريون أموالهم؛ فأولئك ليست
لديهم مصلحة في التغيير الجذري، وما يقترحه الطرفان عادة ما هي إلى "رتوش
كمالية" لا تغير الواقع.
ولكن
بين خيار بايدن وترامب فقد صوّت التقدميون للحزب الديمقراطي، ونجح بايدن في الانتخابات
الأخيرة ضد ترامب بعد أن صوّتت له مجموعة كبيرة من التقدميين العرب، ومن المسلمين،
ومن اليهود المُعادين للصهيونية، ومن السود واللاتينيين، وفئات الشعب الغاضبة على
الخصخصة وعلى مصالح الـ1%.
لكن
دعم الإدارة الأمريكية غير المشروط للمجزرة الإسرائيلية في غزة، والإبادة الجماعية
التي تقوم بها إسرلئيل، وقد استخدم قرار الفيتو في مجلس الأمن الدولي ضد قرار يدين «مجزرة الطحين»
في غزة، التي راح ضحيتها فوق الـ100 شخص، وقرابة الـ1000 مصاب.. كان ذنبهم الوحيد السعي للحصول
على المساعدات الغذائية، لكن الجيش الإسرائيلي أطلق النار عليهم رغم أنه تعاون مع
بعض التجار الفلسطينيين لإدخال هذه المساعدات لاستخدامها للدعاية والإعلان والتغطية على
شلال الدم.
وبناءً
على مواقف بايدن المشاركة في العدوان الصهيوني؛ فقد قامت مجموعة كبيرة من العرب
والمسلمين والفلسطينيين، والعديد من المؤسسات الرسمية الكبرى بالتصريح بأنها لن
تصوّت لبايدن، وبرز ذلك واضحا في انتخابات ولاية ميتشيغان التمهيدية لاختيار مرشح
الحزب الديمقراطي؛ فقد صوّت 100 ألف ناخب بـ"غير ملتزم" بدلا من
التصويت لبايدن، وهذا التطور بمثابة الزلزال الذي هزّ بايدن وحكومته وحملته التي
كانت تستخف بالمعارضة وتعتقد بأن الناخبين سيصوّتون له رغم مواقفه الإجرامية.
وقد
حاول بعض المؤيدين لبايدن اتهام هذه الشريحة الواسعة بأنها ستودي بأمريكا إلى
الهاوية، وستؤدي إلى نجاح ترامب مرة أخرى، ولكن الأصوات التقدمية المعارضة للمجزرة
الإسرائيلية رفضت هذا الاتهام وأوضحت أنها تُحاسب بايدن على مواقفه الداعمة
للإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة، ورفضه التوقف عن دعم إسرائيل، واستمراره
في إمدادها بالسلاح والدعم الدبلوماسي. بايدن بات معزولا عن العالم؛ فحتى حلفاؤه
صاروا ضده.. من الفرنسيين، وغيرهم.
وأعتقد
أن الحرب على غزة ستكون لها انعكاسات واضحة على الانتخابات الرئاسية الأمريكية،
وأيضا على أعضاء الكونغرس الداعمين للقضية الفلسطينية، ومع عدالتها، ومع وقف إطلاق
النار، بالإضافة إلى انعكاسها على اللوبي الصهيوني، والمؤسسات الداعمة لإسرائيل
التي تضخ ملايين الدولارات لإسقاط المرشحين التقدميين المؤيدين لقضية فلسطين.
والمؤكد
الآن أن قضية فلسطين لم تعد خارجية، أو ليس لها علاقة بالسياسة الداخلية
الأمريكية، بل إنها صارت جزءا لا يتجزأ من السياسة الداخلية والخارجية للولايات
المتحدة، رغم أنف اللوبي الصهيوني، ومن المؤكد أنها ستؤثر على الانتخابات القادمة.
وقد
أرسل يوم الاثنين الماضي ديمقراطيو العدالة (Justice Democrats)-وهم الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي- آلاف الرسائل الهاتفية (text messages) تدعو
بصراحة لإنقاذ الأرواح الفلسطينية من اللوبي الصهيوني "إيباك" الذي ضخ
100 مليون دولار لإسقاط المرشحين لإسكات الأصوات التي ترفض الصمت حيال قتل أكثر من
30 ألف فلسطيني.
هل
هناك جهات عربية ما تتواطأ أو تدعم أو تُمّول اللوبي الصهيوني في الولايات
المتحدة؟
هناك
مجموعات تتعامل مع اللوبي الصهيوني، ومواقفها أضعف، ولكن النقلة النوعية التي حدثت
بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر هي ظهور مجموعات عربية وإسلامية وفلسطينية وملونة من
جميع شرائح الشعب الأمريكي، والتي قرّرت عدم التصويت لبايدن، وأطلقوا عليه
"المجرم بايدن"، وهو الآن يواجه هجوما كبيرا، وهو وإدارته يتخوفون من
الانتخابات الرئاسية القادمة في تشرين الثاني/ نوفمبر القادم.
ورغم
قيام مجموعة صغيرة من ذوي النفوس الضعيفة بالاجتماع مع أفراد حملته بشكل سري، إلا أن
أغلبية المؤسسات العربية والفلسطينية والمسلمة والتقدمية رفضت الاجتماع بممثلي
حملته الانتخابية، وكذلك مع موظفي الحكومة، وقام من لم يجتمع بهم في ولاية
«ميتشيغان» مثلا بإبلاغه بشكل واضح وصريح بأنهم لن يصوّتوا له، وقد قام ما يزيد على الـ100 ألف ناخب في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي بالتصويت بـ"غير
ملتزم"، وتنتشر حملة ميتشيغان الآن في ولايات أخرى، وهذا ما يُفسّر التصريحات
والخطوات الشكلية التي قامت بها الحكومة الأمريكية مؤخرا كدعوة نائبة الرئيس كمالا
هاريس إلى وقف إطلاق النار المؤقت، ولكن هذه المناورات لم تفلح حيث يُصرّ آلاف
الأمريكيين على وقف الدعم العسكري لإسرائيل، والذي يمكنها من الاستمرار في عدوانها
وحرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
ولا
يخفى عليك أن هناك دولا عربية متواطئة مع الولايات المتحدة تشارك في الحملة
الاستعمارية ضد الشعب اليمني لوقفه عن منع السفن التي تحمل السلاح والإمدادات
للوصول إلى مرافئ العدو، وأعتقد أنه يمكننا تصنيف ذلك بالتزام اليمن بحملة
المقاطعة بي دي أس.
لكن
من الواضح أيضا أن بعض الدول العربية التي كانت مستعدة للتطبيع بدأت بالتراجع، أو
تحاول أن تُطبّع سريّا؛ خوفا من نقمة الجماهير العربية المساندة لنضال الشعب
الفلسطيني؛ فلم يعد الموقف الأمريكي والإسرائيلي يلقى تجاوبا كما كان في السابق.
هناك
بعض التقارير تشير إلى أن البحرين والإمارات على وجه الخصوص تتواطآن وتتعاونان مع
اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة.. ما مدى دقة هذه التقارير؟
نعم
هناك عدة تقارير تشير إلى هذه العلاقات، والتعاون بينهم واضح وملموس، وخاصة في
مجال الصناعات الاستخبارية، وهناك تعاون مع شركات إسرائيلية وليس فقط مع اللوبي
الصهيوني، ولا نغفل أن الإمارات تُصدّر الغذاء والخضراوات لإسرائيل في نفس الوقت
الذي تفرض فيه الحصار الظالم على اليمن، وهناك أيضا تعاون كبير بين مؤسسات
اللوبي الصهيوني والسعودية عن طريق «جاريد كوشنر» الذي يستخدم هذه العلاقات
التجارية للتطبيع، وتُعقد العديد من الاجتماعات خفية بعيدا عن أنظار الإعلام، ولا
شك أن المقاومة في فلسطين والشعب الفلسطيني الصامد يفرض نفسه.
وبالمقابل فإن هناك عددا من الدول مثل كوبا، وكولومبيا، وفنزويلا، وجنوب أفريقيا، وغيرها اتخذت
مواقف متقدمة عن الدول العربية التي تكتفي ببيانات الشجب، ولكنها لا تستخدم سلاح
النفط مثلا للضغط على الولايات المتحدة لوقف الدعم للعدوان الصهيوني على غزة.