يعقد مجلس
نقابة الصحفيين المصريين، الأربعاء، اجتماعا لأعضاء الجمعية العمومية، لبحث آخر تطورات أزمة
اقتحام النقابة، فيما رجحت مصادر صحفية تراجع النقابة عن مطلبيها الرئيسين في اجتماع 4 أيار/ مايو الجاري، باعتذار رئاسة الجمهورية، وإقالة وزير الداخلية، على خلفية قيام قوات أمنية باقتحام النقابة، وذلك بعد أن وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون الصحافة والإعلام، الاثنين.
ووجه مجلس النقابة الدعوة للصحفيين لحضور الاجتماع، "لمتابعة آخر تطورات أزمة اقتحام النقابة، والجهود المستمرة لوضع حلول تحافظ على وحدة الكيان النقابي، وكرامة الصحفيين"، بحسب بيان أصدره المجلس مساء الثلاثاء.
وقال المجلس إن "الاجتماع سيناقش جوانب الأزمة، وسيتضمن عرض تقرير من مجلس النقابة عن تطورات الأسبوعين الماضيين، والاتصالات المتعلقة بحلها، والجوانب القانونية للقضية، في إطار احترام قانون النقابة، ونصوص الدستور".
وكشف عضو الجمعية العمومية، رئيس تحرير موقع "مصر العربية" الإخباري، عادل صبري، أن الأزمة لم تنته بعد بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية، ولكن "هناك رغبة كبيرة بالتهدئة"، وفق وصفه.
وأضاف صبري - في حوار مع برنامج "هوا مصر"، على فضائية "فرانس 24" - أن البعض حاول أن يصور الأزمة على أن هناك تحديا من نقابة الصحفيين لرئاسة الجمهورية، ولكن تم الاتفاق على أن يكون الرئيس (يقصد
السيسي) هو الحكم بين السلطات، بحسب قوله.
لجنة برلمانية: الخلاف لا ينبغي تصعيده
ودخلت لجنة الثقافة والإعلام بمجلس نواب ما بعد الانقلاب، برئاسة النائب (الصحفي) أسامة هيكل، على خط الأزمة، وأعدت تقريرا حولها انتهت فيه إلى أن نقطة الخلاف الرئيسة في واقعة القبض على الزميلين من داخل النقابة (بين النقابة ووزارة الداخلية) هي أن النقابة تستند إلى المادة 70 من قانونها التي تحظر التفتيش داخلها إلا بشروط معينة، بينما استندت النيابة العامة في تنفيذ القرار إلى المادة 99 من قانون الإجراءات الجنائية.
وأضاف التقرير: "حيث إن هذه الواقعة محل خلاف قانوني بين وزارة الداخلية والنيابة العامة من جهة، ومجلس نقابة الصحفيين من جهة أخرى، فهذا أمر محله القضاء وليس أي جهة أخرى".
وأكدت اللجنة أن الخلاف القانوني بين الجهتين لا ينبغي أن يتم تصعيده للمستوى السياسي من أي طرف منهما مهما كانت الظروف.
اتجاه للاستمساك بمطالب 4 مايو
وفي المقابل، ساد اتجاه بين الصحفيين يدعو للاستمساك بمطالب اجتماع جمعية 4 أيار/ مايو الحالي، الذي طالب باعتذار رئاسة الجمهورية، وإقالة وزير الداخلية.
ودعا عضو الجمعية العمومية، كارم يحيي، إلى محاسبة مجلس النقابة على أدائه منذ "الاجتماع العظيم" في الأربعاء 4 مايو، على حد قوله، مضيفا: "لنتمسك بمطالبنا، ونناقش وسائل تحقيقها، ولنحاسب من قصر ومن طعن الصحفيين في الظهر لحساب الأمن، والسلطة التنفيذية".
وأضاف يحيى في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "ليكن صوت أعضاء الجمعية العمومية، وبخاصة من الشباب، هو الأوضح والأعلى".
وشاركه الرأي عضو الجمعية العمومية "أبو المعاطي السندوبي"، على "فيسبوك" قائلا: "انتصروا للصحفيين، ولا تنتصروا للمخبرين.. نلنتقي اليوم لنعلن للجميع أننا ما زلنا قادرين على الصمود والتحدي لكل من يعادينا.. صحيح أننا لم ننتصر بعد، ولكننا لم نركع لأعداء الحرية".
وشدد "أبو المعاطي" على أن الاجتماع سيكون "لوضع آلية لتنفيذ قراراتنا، في اجتماعنا التاريخي يوم 4 أيار/ مايو: إقالة وزير الداخلية، واعتذار رئيس الجمهورية، والإفراج عن زملائنا المحبوسين، فهي كانت أساس وحدتنا، والتراجع عنها سيكون سبب انقسامنا"، وفق قوله.
تيار "التهدئة": أين صور الاقتحام؟
لكن عددا من الصحفيين المعروفين بموالاتهم لنظام حكم السيسي، وحكومته، هاجموا موقف مجلس النقابة.
وشن الكاتب الصحفي صلاح منتصر، المعروف بموالاته للسيسي، هجوما حادا على المجلس، في مقاله بجريدة "الأهرام"، الأربعاء، تحت عنوان "أين صور الاقتحام؟"، واصفا قرارات 4 مايو بأنها "قرارات حرب"، ومشيرا إلى أنها غير ملزمة، لأنها ليست صادرة عن جمعية عمومية، على حد زعمه.
وقال منتصر إن الحكومة برغم الخلاف مع النقابة، الذي يمس أحد وزرائها، إلا أنها في خطوة تستحق التحية أقرت مشروع قانون الصحافة، وأحالته لمجلس الدولة بينما كان الكثيرون يتوقعون غير ذلك.
وتابع بأن اتهام النقابة للشرطة باقتحامها لم يصاحبه برغم أنها نقابة للصحفيين دليل مقنع يجيب عن الأسئلة البدائية التي يتعلمها الصحفيون: كيف ومتى وهل.. مثل كيف تمت عملية الاقتحام وعدد أفرادها وطريقها في النقابة والأماكن التي "اقتحموها".. الخ؟
وأضاف منتصر أنه فوق ذلك لم يقم صحفي واحد من الذين تمتلأ بهم النقابة بتسجيل صورة واحدة لعملية الاقتحام برغم أن التصوير أصبح يقوم به كل من في جيبه "محمول"، بحسب وصفه.
قانون الصحافة الجديد إعلان انتهاء للأزمة
ومتفقا مع الرأي السابق، اعتبر الكاتب الصحفي، الموالي للسيسي، أحمد رفعت، أن قانون الصحافة الجديد إعلان بانتهاء الأزمة.
وقال: "يمكننا القول إن أحلام الصحفيين تحققت أخيرا في القانون الجديد الذي وافق عليه مجلس الوزراء.. اليوم انتهى فصل الصحفي تعسفيا، وتحققت حصانته النسبية وحصانة مسكنه ومقر عمله، وبات حقه في المعلومات إلزاميا - لكن يجب النص علي عقوبة للمخالف من المسئولين - واستقر حقه في الحفاظ على سرية مصادره".
وأضاف: "استمر حق نقابة الصحفيين في التمثيل والاشتراك والشراكة في إعداد أي قانون يمس المهنة، وتجددت حصانة الصحف ضد المصادرة أو إلغاء تراخيصها، وتجدد نص القانون على أن الصحفيين والإعلاميين مستقلون ولا سلطان عليهم في أداء عملهم إلا القانون، وأنه لا يجوز أن يكون الرأي الصادر عن الصحفي أو الإعلامي أو المعلومات التي ينشرها أو يبثها سببا للمساس بأمنه، وألغي الحبس في قضايا النشر، كما حصلت الصحف القومية على مزيد من الحرية، وتم النص على كونها منابر لحرية الرأي ولا تتبع السلطة التنفيذية".
وأشار رفعت إلى أن "هذه ملامح قانون يصدر بعد أزمة كبرى، ومهولة.. فماذا يمكن أن يحصل الصحفيون إذن لو لم تكن هناك أزمة؟".
وأردف: "وفقا لفهمنا فالقانون - وفي حال مروره من البرلمان - تقدمه الحكومة لتنهي الأزمة مع الصحفيين بطريقتها، ولو كنت نقيب الصحفيين لعقدت اليوم مؤتمرا صحفيا يرحب بالقانون وبمواده وبطريقة إصداره، وأعلن فيه تحقق أحلام الصحفيين في قانون محترم ومتحضر، وأمسك بطرف الخيط المقدم من الدولة، وأعلن بعد التشاور العاجل جدا مع المجلس وحكماء وشيوخ المهنة وشباب الصحفيين انتهاء الأزمة مع الحكومة"، حسبما قال.
الحكومة تمرر قانون الصحافة.. والنقابة ترحب
وكانت قيادات صحفية وإعلامية رحبت بموافقة الحكومة على مشروع القانون الموحد لتنظيم الصحافة والإعلام، مؤكدين أنها خطوة إيجابية نحو الارتقاء بمستوى الإعلام.
وأبدى مجلس نقابة الصحفيين - في بيان أصدره - ترحيبه بموافقة مجلس الوزراء، على مشروع القانون، الذي شاركت النقابة بجهد أساسي في إعداده ومراجعته، على مدار عامين تقريبا، ضمن باقي الهيئات المعنية في اللجنة الوطنية للتشريعات الصحفية والإعلامية.
واعتبر المجلس أن موافقة الحكومة على تعديل قانون العقوبات لتفعيل المادة (71) من الدستور، الخاصة بعدم فرض أي رقابة على الصحف والإعلام وحظر توقيع عقوبات سالبة للحريات في قضايا النشر والتعبير، وإصدار تلك التعديلات بالتزامن مع قانون تنظيم الصحافة والإعلام، وقانون تأسيس نقابة الإعلاميين، تُعد كلها خطوات في الاتجاه الصحيح لتطبيق مواد الدستور، وتؤسس لعلاقة أساسها الثقة والاحترام المتبادل بين الحكومة والصحافة والإعلام باعتبارهما ضمن مؤسسات الدولة، على حد وصفه.
وأكد سكرتير عام نقابة الصحفيين، جمال عبد الرحيم، أن قانون الصحافة والإعلام الذي وافق عليه مجلس الوزراء، هو نفس مشروع القانون الذي أعدته الجماعة الصحفية، والنقابة.
وأوضح في تصريحات صحفية أن القانون شهد دخول بعض التعديلات الطفيفة، لم تؤثر في جوهر القانون الأصلي.
خلفيات الأزمة وأسبابها
وكانت أزمة نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية قد بدأت باقتحام قوات الأمن مقر النقابة واعتقال عمرو منصور بدر رئيس تحرير موقع "بوابة يناير" ومحمود السقا الطالب والمتدرب بنفس الموقع، وانعقاد جمعية عمومية للنقابة أسفرت عن 18 قرارا منها اشتراط اعتذار واضح من رئاسة الجمهورية عن انتهاك القانون والدستور باقتحام النقابة، والإصرار على إقالة وزير الداخلية كحل للأزمة، ومنع نشر اسمه وصورته ووقف التعامل مع بيانات وزارة الداخلية.
وتضمنت القرارات الإفراج عن جميع الصحفيين المحبوسين في قضايا نشر، والعمل على إصدار قوانين تجرم عقوبة الاعتداء على الصحفيين أو النقابة، وإصدار قانون بمنع حبس الصحفيين في قضايا النشر، وتبني إجراءات حاسمة لمواجهة الهجمة على حرية الصحافة، ومنها دعوة جميع الصحف إلى تثبيت "لوغو" موحد تحت شعار (لا لحظر النشر ولا لتقييد الصحافة).
وفي المقابل لجأ صحفيون إلى تشكيل جبهة سموها "جبهة تصحيح المسار"، طالبت بسحب الثقة من مجلس النقابة، معتبرة المطالب السابقة تسييسا للأزمة.