إنَّ أهمَّ ما يجمع هذين النّموذجين اللذين يعبران عن شريحة واسعةٍ في كلا الطّرفين هو الاتّفاق على تسفيه المخالف والانتقاص منه، ومعاداة الفكرة التي لا تتوافق معهم ومحاربتها، واتّخاذ الإسفاف الأخلاقي منهجا في التّعبير عن ذلك
هكذا أصبحت المعاجم مركونة على رفوف المكتبات، ومنسيّة في غياهب الهواتف الجوّالة، بعدَ أن اقتصرت ماهيتُها على تطبيقاتٍ تُزارُ وتُغادَرُ على عجَلٍ عقب قراءةِ معنى الكلمة المُرادة
نعلم أنَّ الصّامتين من العلماء والدّعاة هم من فتحوا الطّريق أمام المبطلين والمطبّلين من العلماء الممسوخين، فهؤلاء الصّامتون، مع قدرتهم على البيان، لا يقلّون مسخا عن أولئك المنافقين المداهنين
الذي حقّق النّصر في غزّة ليس السّلاح ولا الصّواريخ ولا الكورنيت، بل الإنسان الذي عرف أنّه لم يخلق للحلاب والصرّ، بل خلق ليكون هو غاية الحياة، وهو منطلق الحياة ولكن بمنطق غزّة الفطريّ السويّ؛ لا بمنطق حافظ الأسد والطّغاة من أشباهه
هل سنرى جهود مؤسسّات العلماء والدّعاة في إثبات الفصل بين نظام الحكم في السّعوديّة وسلوكه وتصرّفاته؛ وبين الإسلام، وعدم تمثيل هذا النّظام للإسلام شريعة ومنهاجا، كما عملوا جاهدين لإثبات هذا الفصل في عشرات المؤلّفات والبرامج بين الإسلام وداعش؟!
ما هي القدرة النّفسيّة التي يحملها هؤلاء في نفوسهم البعيدة عن البشريّة حتّى يتمكّنوا من التّرنّم بالموسيقى الهادئة؛ وهم ينشرون مفاصل وأعضاء إنسان أزهقوا روحه بكلّ وحشيّة وصلَف؟!!
هذا المرسوم يمثّل دون أدنى مبالغة تحوّلا خطيرا نحو الإحكام المطلق على الجسم الدّيني في سوريا، وإغراقه في أتون استبدادٍ مضاعف، وسلبا لآخر الأنفاس التي يمكن أن يتنفّسها العاملون في الحقل الدّيني وسط ركام بلدٍ حطّمته الحرب..
إنَّنا أمام خطوةٍ بالغةِ الخطورة تتعلّقُ في جوهرها بالقضيّة الفلسطينيّة في أحرج ساعاتها؛ لا بالشّعائر المقدّسة وحسب، خطوةٍ تفتح الباب على مصراعيه للتساؤلات البريئةِ وغيرِ البريئة عن دلالاتها ومآلاتِه
القراءةَ النّاقدة، والتّلقّي الحرّ، والتّمحيص الواعي، والانتقاء المنهجي، والغربلةَ العلميّة، لا تستقيم مع عقليّة التّعارك القائمة على النّبذ وعقدة المؤامرة على الوافد، أو على التّسخيف والاتّهام الجاهل للموروث
العمل الثّوريّ لمرحلة ما بعدَ سقوط النّظام وزوال العدوّ (والنظامُ والعدوّ قائمٌ يمارس افتراسه وتوحّشه ومجازره) هو وهمُ ثورة، وهو نزولٌ عن جبل الرّماة يكلّف الكثير من الدّماء والانتكاسات والهزائم، وهو إشغالٌ عبثيّ للمؤسّسات وللثوّار وللعاملين عن مهمّتهم الأساسيّة في الثّورة.