نشرت صحيفة "فيلت" الألمانية تقريرا، سلطت الضوء من خلاله على بوادر انهيار تنظيم
حزب الله اللبناني، إذ يشهد التنظيم تراجعا على المستوى الإداري والمالي والعسكري، ما ينبئ بقرب نهايته، وفق قولها.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن حزب الله يعد أقوى تنظيم عسكري في لبنان، ويسيطر على ثلث البلاد، إلا أنه يشهد في الوقت الراهن أزمة خانقة، تتجلى في نفاد موارده المالية فضلا عن تراجع رصيده البشري، والصراع الدامي بين قياداته بغية التمتع بالسلطة.
وبينت الصحيفة أن زعيم التنظيم حسن
نصر الله، أمر بتصفية القائد العسكري مصطفى بدر الدين، في السنة الماضية، نظرا لأنه أصبح يشكل مصدر تهديد بالنسبة له، وذلك وفقا لما أكدته المخابرات الغربية.
وأشارت إلى أن بدر الدين كان يقود بنفسه مليشيات التنظيم في سوريا، علما بأنه لا يعدّ القائد العسكري الوحيد الذي لقي حتفه على خلفية الصراع على السلطة في صلب التنظيم، فقد لقي ضباط آخرون حتفهم بسبب انتقادهم لنصر الله، وفق قولها.
وأضافت الصحيفة أن اغتيال قيادات التنظيم يعدّ بمثابة أولى خطوات نصر الله للاستحواذ التام على مقاليد السلطة.
وفي الأثناء، بادر التنظيم بمصادرة ممتلكات قياداته مباشرة بعد اغتيالهم، بحجة أنه يعاني شحا على مستوى موارده المالية.
أزمة مالية
وفي هذا الصدد، صرح كبير مستشاري وكيل وزارة الخزانة الأمريكية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية السابق آدم زوبين، بأن "تنظيم حزب الله يعيش في الوقت الراهن
أزمة مالية غير مسبوقة".
وأوردت الصحيفة أن هذه الأزمة التي يشهدها الحزب على الصعيد المالي تعزى إلى سببين رئيسين؛ الأول أن التنظيم يحارب على جبهات عدة، في حين أن مداخيله تقلصت نتيجة العقوبات الأمريكية المفروضة عليه إلى درجة أنه أصبح مهددا بالإفلاس..
أما السبب الثاني، فيتمثل في أن رجال الأعمال الشيعة الذين دأبوا على تمويل حزب الله، أصبحوا متخوفين من العقوبات الأمريكية، إذا واصلوا تقديم دعمهم لهذا التنظيم.
اقرأ أيضا: لبنانيون من حزب الله وقوى أخرى تطالهم العقوبات الأمريكية
وأشارت الصحيفة إلى أن حزب الله حاول الحصول على التمويل من الطائفة الشيعية عن طريق القوة.
وفي السياق هذا، قام التنظيم بتوجيه تحذير للداعمين الشيعة عن طريق تفجير قنبلة بالقرب من بنك "لبنان والمهجر" في شرق بيروت، يوم 12 حزيران/ يونيو الماضي.
من جهة أخرى، أوردت وسائل إعلام عربية خبرا مفاده أنه تم إجبار أثرياء لبنانيين شيعة على التبرع لفائدة التنظيم.
وأوضحت الصحيفة أن حزب الله ينفق أغلب أمواله لدعم مليشياته على الأراضي السورية، حيث يقاتل التنظيم هناك إذعانا لأوامر إيران.
اقرأ أيضا: خبير أمني إسرائيلي: هذه هي حقيقة مأزق حزب الله بسوريا
وبحسب ما أكده مسؤولون في التنظيم، فإن حوالي 20 ألف جندي من بينهم ما لا يقل عن 8 آلاف جندي احتياطي، يتمركزون على أرض المعركة.
في المقابل، يتقاضى هؤلاء الجنود، "منحة خطر" شهرية تقدر بحوالي 1200 دولار. إلى جانب ذلك، يتم تقديم مبالغ طائلة لصالح آلاف الجرحى وأهالي 1500 مقاتل قضوا نحبهم في الحرب.
وأفادت الصحيفة بأن عناصر آخرين تابعين لحزب الله متورطون في الحربين العراقية واليمنية، علما بأن بعض المليشيات تنشط في اليمن بصفتها مستشارة للحوثيين.
وتساءلت الصحيفة عن مصادر كل هذه الأموال التي يعتمدها حزب الله لدعم أنشطته العالمية.
وقالت: "طالما تتمتع إيران بالثروة، فإن حزب الله سيحظى بدوره بالأموال"، موضحة أن زعيم تنظيم حزب الله كشف عن ميزانية التنظيم وموارده المالية جميعها، بالقول إن مصدرها طهران.
وكان نصر الله قال إن "أموالنا متأتية من الجهة ذاتها التي تزودنا بالصواريخ التي تمثل أكبر تهديد بالنسبة لإسرائيل".
ووفقا لما أكدته الاستخبارات الغربية، يقوم "الملالي" الشيعة بتحويل مبالغ مالية تقدر بحوالي 300 مليار دولار، سنويا لفائدة المليشيات، بالإضافة إلى أسلحة وخدمات لوجستية تبلغ قيمتها ما لا يقل عن 700 مليون دولار.
وذكرت الصحيفة أن ارتفاع نفقات الحرب في سوريا أرهقت إيران التي أصبحت عاجزة عن تقديم المزيد من الدعم المالي لفائدة حزب الله.
أبرز المصادر الرئيسة للتمويل
وبغية تقليص حجم العجز المادي الذي يعاني منه، لجأ حزب الله إلى جمع التبرعات من جهات شيعية مختلفة، في كل من لبنان وأفريقيا والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا.
وحول التنظيم انتباهه بصفة خاصة، إلى اللبنانيين القاطنين في كل من الأرجنتين والبرازيل والباراغواي.
وأقرت الصحيفة بأن العقارات التي يملكها حزب الله في الخارج على غرار "شركة الإنماء للعمران والمقاولات" التي يترأسها أحمد طباجة، تعد من أبرز المصادر الرئيسة للتمويل.
وفي هذا الصدد، صرحت وزارة الخارجية الأمريكية بأن "شركة الإنماء للعمران تعدّ أكثر الشركات العقارية نجاحا"، مع العلم بأن هذه الشركة أنشأت فروعا عدة لها في بيروت، علاوة على جنوب البلاد بأكمله، بفضل علاقاتها مع حزب الله.
وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية وضعت طباجة على لائحة ممولي الإرهاب.
"الماريغوانا"
وذكرت الصحيفة أن مقاتلي حزب الله قاموا بزراعة حقول ماريغوانا بوادي البقاع.
وفي هذا الصدد، أفاد الرئيس السابق لقسم العمليات في إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية، مايكل براون، خلال السنة الماضية، بأن "حزب الله تمكن من خلق مفهوم جديد لغسيل الأموال بشكل أكثر تطورا".
وأضاف براون أن "التنظيم الشيعي يتمتع بشبكة علاقات دولية بشكل يفوق إمكانيات تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، حيث يساعد هذا التنظيم عصابات المخدرات على تهريب أطنان من الكوكايين من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا".
وقالت الصحيفة إن تقارير الشرطة البرازيلية أكدت أن حزب الله يتعاون مع عصابة "بريميرو كومندو دولا كابيتال"، علما بأن هذه العصابة تعدّ من أكبر تجار الكوكايين في العالم.
ومقابل حماية الأسرى اللبنانيين في السجون البرازيلية، فقد تعهد حزب الله بأن يكون وسيطا بين عصابة المخدرات وتجار الأسلحة في جميع أنحاء العالم.
وأوردت الصحيفة أن حزب الله يتمتع بعلاقات قوية مع فنزويلا، وذلك بفضل نائب الرئيس الفنزويلي، طارق العصامي.
وتتمثل مهمة العصامي في بيع جوازات سفر مزورة لنشطاء حزب الله في السفارات الفنزويلية بالشرق الأوسط، وذلك بقصد تمكينهم من السفر إلى جميع أنحاء العالم.
ثروة نصر الله
وأشارت الصحيفة إلى أن نصر الله يتمتع بثروة شخصية تقدر بحوالي 250 مليون دولار. علاوة على ذلك، فقد استفاد ابن حسن نصر الله، محمد علي، بدوره، من موارد التنظيم من أجل تسيير مشاريعه على غرار مقهى "القهوة" ببيروت.
في الأثناء، بادرت قيادات حزب الله إلى تحويل كل ممتلكاتها وثرواتها إلى مئات الحسابات المفتوحة في مختلف بنوك العالم.
اقرأ أيضا: نصر الله يكشف لأول مرة معلومات تفصيلية عن حياته الشخصية
وأكدت الصحيفة أنه لتجنب الإفلاس، عمدت قيادة حزب الله إلى استخدام أساليب أخرى لتجنب ذلك على غرار تسريح العديد من الموظفين، واسترجاع أموال المساعدات الاجتماعية، إلى جانب مصادرة أملاك العناصر الذين قتلوا على غرار الجنرال مصطفى بدر الدين.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أن حزب الله لم يتردد في مصادرة ممتلكات بدر الدين، على الرغم من أن معظم مصادر أمواله مشبوهة وهو ما كان ينكره التنظيم عليه، في حين أجبر قياديون آخرون على بيع ممتلكاتهم.
وفي المقابل، يبدو أن نصر الله متخوف من حدوث ثورة ضده في صلب منظمته.