تطالب استراتيجية الرئيس الأمريكي دونالد
ترامب الجديدة لمكافحة
الإرهاب أن يتحمل حلفاء الولايات المتحدة مزيدا من العبء في مكافحة "الإسلاميين المتشددين" مع الإقرار بأن تهديد الإرهاب لن يتم القضاء عليه نهائيا.
وقالت مسودة الإستراتيجية المكونة من 11 صفحة، الجمعة، إن الولايات المتحدة ينبغي أن تتجنب الالتزامات العسكرية المكلفة "المفتوحة".
وذكرت الوثيقة التي تصدر خلال الأشهر المقبلة: "نحتاج إلى تكثيف العمليات ضد الجماعات الجهادية العالمية وفي الوقت نفسه خفض تكاليف الدماء والثروة الأمريكية في سعينا لتحقيق أهدافنا لمكافحة الإرهاب".
وأضافت: "سنسعى إلى تجنب التدخلات العسكرية الأمريكية المكلفة واسعة النطاق لتحقيق أهداف مكافحة الإرهاب وسنتطلع بشكل متزايد إلى الشركاء لتقاسم مسؤولية التصدي للجماعات الإرهابية".
لكنها تعترف بأن الإرهاب "لا يمكن هزيمته نهائيا بأي شكل من الأشكال".
وقال مايكل أنطون المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض: "في إطار نهجها الشامل تلقي الإدارة نظرة جديدة على استراتيجية الأمن القومي الأمريكية برمتها بما في ذلك مهمة مكافحة الإرهاب التي تحظى بأهمية خاصة نظرا لعدم صدور مثل هذه الاستراتيجية منذ عام 2011".
وقال أنطون إن العملية تهدف إلى ضمان إن "الاستراتيجية الجديدة موجهة ضد التهديدات الإرهابية الخطيرة لبلادنا ومواطنينا ومصالحنا في الخارج وحلفائنا... علاوة على ذلك فإن هذه الاستراتيجية الجديدة ستسلط الضوء على أهداف واقعية قابلة للتحقيق ومبادئ توجيهية".
كانت مكافحة تطرف الإسلاميين قضية رئيسية خلال حملة ترامب لانتخابات الرئاسة في 2016. وتصف وثيقة الاستراتيجية، التي قال مسؤولون إنها تنقح في البيت الأبيض، تهديد الجماعات الإسلامية المتشددة بنبرات صارخة.
ولم يتضح بعد كيف سيتمكن ترامب من تحقيق أهدافه المتمثلة في تجنب التدخلات العسكرية في ظل صراعات مستمرة تشمل قوات أمريكية في العراق وسوريا وأفغانستان واليمن ومناطق أخرى.
وبدلا من تقليص التزامات الولايات المتحدة، فقد التزم ترامب بشكل كبير حتى الآن بخطط إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما بتكثيف العمليات العسكرية ضد الجماعات المتشددة ومنح وزارة الدفاع (البنتاغون) سلطة أكبر لضرب تلك الجماعات في مناطق مثل اليمن والصومال.
وربما يتراجع ترامب قريبا عن عمليات الانسحاب التي أمر بها أوباما في أفغانستان. ويقول مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون إن إدارة ترامب تدرس حاليا إرسال قوات إضافية يتراوح قوامها ما بين ثلاثة آلاف وخمسة آلاف جندي لتعزيز القوات الأمريكية، التي يبلغ تعداد قوامها الحالي 8400 جندي، وتساعد القوات الأفغانية في محاربة حركة طالبان.
وأشار مسؤول كبير في الإدارة إلى أن عددا صغيرا من الجنود أضيف إلى القوات الأمريكية في العراق وسوريا في عهد ترامب، وأن ذلك جرى بناء على تقدير قادته العسكريين.
وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه: "إذا رأيت التعزيزات في مكان آخر فستكون متماشية مع (مسودة) هذه الاستراتيجية".
وشهدت العمليات العسكرية الأمريكية التي زادت وتيرتها سقوط قتلى وجرحى. فقد قال مسؤولون أمريكيون يوم الجمعة إن جنديا من القوات الخاصة في البحرية الأمريكية قتل وأصيب جنديان أثناء مداهمة مجمع تابع لمسلحي حركة الشباب في الصومال.
وقالت الاستراتيجية الجديدة إن التهديد الإرهابي "تنوع في الحجم والنطاق والتطور عن ما واجهناه قبل سنوات قليلة" منذ أن أعلن أوباما عن آخر استراتيجية أمريكية لمكافحة الإرهاب في 2011 قبل ظهور
تنظيم الدولة الإسلامية.
وعلاوة على تنظيم الدولة، فقد أضافت الاستراتيجية أن الولايات المتحدة وحلفاءها عرضة لخطر تنظيم القاعدة بعد إعادة تشكيله وجماعات أخرى مثل شبكة حقاني وجماعة
حزب الله، فضلا عن متطرفين محليين نزعوا إلى التطرف عبر الإنترنت.
وقال بروس هوفمان مدير مركز الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون بعد أن راجع الوثيقة، إن مسودة الإستراتيجية "ترسم، وأعتقد بدقة، صورة أكثر خطورة" للتهديد من وثيقة أوباما التي عبرت عن نبرة "انتصار" بعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في غارة أمريكية في باكستان عام 2011.
عبارة مفقودة
قال المسؤول الكبير بالإدارة إن الوثيقة تصف نهجا شاملا لمكافحة الإرهاب ينفصل عن استراتيجية مفصلة أمر بها ترامب لهزيمة تنظيم الدولة.
ويبدو أن مسودة الاستراتيجية هي نتيجة لسياسة ترامب الخارجية "أمريكا أولا" التي تدعو إلى خفض المساعدات الخارجية وتعزيز تقاسم الحلفاء والتحالفات مثل حلف شمال الأطلسي للأعباء.
ولا تشمل الاستراتيجية الجديدة عبارة كانت ملازمة لحملة ترامب في 2016 وهي "الإرهاب الإسلامي المتطرف". وبدلا من ذلك تقول الاستراتيجية إن الجماعات الجهادية "اندمجت تحت فكر الجهاد العالمي الذي يسعى لإقامة خلافة إسلامية عابرة للحدود تؤجج الصراع على نطاق عالمي".
والمبدأ التوجيهي الأول في وثيقة الاستراتيجية هو أن الولايات المتحدة "ستعمل دائما على تعطيل ومنع الرد على الهجمات الإرهابية التي تستهدف أمتنا ومواطنينا ومصالحنا في الخارج وحلفاءنا. ويشمل ذلك اتخاذ إجراءات مباشرة ومنفردة إذا لزم الأمر".
وستعزز الإدارة الأمن الداخلي الأمريكي من خلال العمل مع الحلفاء والشركاء للقضاء على قادة الإرهابيين "ومنظريهم وخبرائهم الفنيين ومموليهم ومشغليهم الخارجيين وقادتهم الميدانيين".
وتدعو الوثيقة أيضا إلى حرمان المتشددين من الملاذات المادية وغيرها من المنابر الإلكترونية التي يخططون من خلالها لشن هجمات، وتدعو الوثيقة أيضا إلى تقويض جهود المتشددين لتطوير ونشر "أسلحة كيماوية وبيولوجية".
لكن الاستراتيجية لا تقدم تفاصيل تذكر عن كيفية تحقيق الولايات المتحدة، التي قادت الجهود العالمية لمكافحة الإرهاب منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001، لتلك الأهداف من خلال نقل المزيد من الأعباء إلى الدول الأخرى التي يفتقر كثير منها إلى ما يلزم من القدرات العسكرية والمخابراتية.
ولا تتحدث الاستراتيجية الجديدة بشكل يذكر عن الترويج لحقوق الإنسان والتنمية والحكم الرشيد وأدوات "القوة الناعمة" الأخرى التي تبنتها واشنطن في الماضي لمساعدة الحكومات الأجنبية على تقليل المظالم التي تغذي التطرف.
وعلى النقيض من ذلك، فقد جعلت إاستراتيجية أوباما لمكافحة الإرهاب "احترام حقوق الإنسان وتعزيز الحكم الرشيد واحترام الخصوصية والحريات المدنية والالتزام بالأمن والشفافية ودعم سيادة القانون" في مقدمة مبادئها التوجيهية.
وقال هوفمان مدير مركز الدراسات الأمنية بجامعة جورج تاون: "للقوة الناعمة دور تلعبه لكن ليس باستبعاد القوة المحركة" أو العمل العسكري. ووصف مسودة الاستراتيجية بأنها "تصوير رصين جدا للتهديد وما يلزم لمواجهته الآن وفي المستقبل القريب".