تتجه الفصائل في آخر معاقل
المعارضة السورية في
القلمون الشرقي، لتوقيع اتفاق مصالحة مع قوات النظام، من خلال تحركات مكوكية لأعضاء في لجان المصالحة في المدن والبلدات المتبقية تحت سيطرة الفصائل، في أجواء وصفت بالمتعثرة من قبل مطلعين على الملف، بسبب إصرار النظام على تسليم فصائل المعارضة لسلاحها الثقيل، وهي النقطة التي ترفضها الفصائل بشكل قاطع.
وقال عضو لجنة المصالحة في مدينة "
الرحيبة" خالد الأصفر لـ"
عربي21" إنه اجتمع بعدد من مسؤولي النظام السوري، من أجل بحث نقاط المصالحة في المدينة، دون التوصل لاتفاق نهائي حتى الآن، مشيرا إلى إصرار النظام على تسليم الفصائل للسلاح الثقيل الموجود في منطقة "البترا" في الجبل.
وبحسب الأصفر، الذي فضّل عدم نشر اسمه، فإنّ النقاط المتفق عليها بين النظام والفصائل، تتمثّل في عدم التصعيد العسكري، وتحييد المدن، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنّ المدينة تعيش حالة شبه استقرار بعد الاتفاق مع الروس قبل عام ونص على "اتفاق هدنة" يمنع الأعمال العسكرية ضد النظام، ويُجبر الأخير على عدم القصف، مقابل محاربة فصائل المدينة لتنظيم الدولة.
وأشار الأصفر إلى رفض النظام حتّى الآن الإفراج عن 30 معتقلا، من أبناء المدينة، كبادرة حسن نية، إذ اعترف النظام باعتقالهم وأنهم على قيد الحياة، بعد أنّ وعد لجنة المصالحة في وقت سابق بإطلاق سراحهم، مع رغبة القائد العسكري والأمني للمنطقة، بسحب السلاح الخفيف والثقيل من الفصائل فيها.
وينفي المسؤول في لجنة المصالحة عن مدينة الرحيبة، وجود أي طروحات حول
تهجير مقاتلي الفصائل إلى إدلب، أو انضمامهم إلى ما يُسمى بـ"دروع القلمون"، مشيرا إلى أنّ مطالب الفصائل تتلخص بضمان عودة المؤسسات الخدمية التابعة للنظام للعمل في المدينة، مقابل منح المدينة نموذج إدارة شبيه بالسويداء.
وتعتبر "الرحيبة" من أهم معاقل المعارضة المتبقية في القلمون الشرقي من ريف دمشق، وتضم خزانا مدنيا لأهالي المنطقة والمناطق المحيطة، حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 70 ألف نسمة، فيما يبلغ مقاتلو المعارضة فيها، وبالمناطق المحيطة بها أكثر من 10 آلاف مقاتل.
إلى ذلك، أكد عضو في المكتب السياسي لمجلس قيادة الثورة في "جيرود" اجتماعهم بالعميد عبد الكريم سليمان، رئيس فرع الأمن العسكري بدمشق، أو ما يسمى بفرع المنطقة، إضافة إلى عدد من الضباط الروس في قاعدة حميم، من أجل مناقشة بنود المصالحة في القلمون الشرقي.
وبحسب العضو فإنّه تم خلال الاجتماع الموافقة المبدئية على تفعيل الدوائر الحكومية ومنها المستشفى، وإلغاء المظاهر المسلحة وحصرها في الجبل، والسماح لمن يريد تسوية وضعه، وخلق الظروف المناسبة لعمل الدوائر المحلية وتأمين الشروط المناسبة لعودة الحياة طبيعية، وعودة الموظفين المفصولين إلى أعمالهم، وتشكيل لجنة لمتابعة ملف الموقوفين وغير ذلك، ومنها ما تم رفضه وتأجيله للمناقشة والمشاورة، مثل وضع نقاط للنظام على خط الغاز، حيث تم الاتفاق على عقد جلسة الأربعاء القادم.
من جهته، أبدى قيادي في فصيل "تحرير الشّام" الذي يقوده النقيب "فراس بيطار" خلال حديثه لـ"
عربي21" عدم علمه بوجود أي مفاوضات؛ من أجل المصالحة في منطقة القلمون، مشددا على رفض فصيله لأي بنود للمصالحة، ومشيرا في الوقت ذاته إلى سماع كلام من العامة حول إلغاء الحواجز في المدينة، وما إلى هناك من أمور تخص المصالحة.
بدوره، اعتبر الناشط من مدينة الرحيبة الملقب "أبو أحمد القلموني"، أنّ مصير المناطق المتبقية في القلمون الشرقي، تحت سيطرة المعارضة، سيكون مصيرها، كسابقاتها من تهجير إلى إدلب، بالرغم من الكلام المعسول الذي يحاول مروجو المصالحة ابتداعه؛ لإقناع الشارع.
وأشار القلموني إلى كون المناطق التي يفاوض عليها النظام في القلمون الشرقي، تعتبر آخر معاقل المعارضة فيها، وهي تتضمن: "الرحيبة، جيرود، الناصرية، قطاع الجبل، البترا، المكاسر، الضمير"، وهي كلها موصولة ببعضها، باستثناء الضمير، حيث يتواجد حاجز لقوات النظام على مدخلها.
وتشكل فصائل تحرير الشام، جيش الإعلام، الشهيد أحمد العبدو، أسود الشرقية، فيلق الرحمن، وبعض عناصر "هيئة تحرير الشّام" في جيرود، أبرز فصائل المعارضة في المنطقة، وتضم في صفوفها ما يقرب من 10 آلاف مقاتل.
وحيدت فصائل المعارضة في المنطقة، عن القتال مع النظام، بموجب اتفاق هدنة، رعاها مركز حميميم الروسي، واقتصر قتالها على تنظيم الدولة، حيث تمكنّت من طرده من منطقة القلمون بشكل كامل، وخسرت من عناصرها في الصراع ضد التنظيم أكثر من 500 مقاتل.
وبالرغم من تطمينات القائمين على المصالحة، بعدم الزج بمقاتلي الفصائل بما يسمى ب"درع القلمون"، لقتال فصائل المعارضة على جبهات أخرى، إلا أنّ عددا كبيرا من مقاتلي الفصائل وقاداتها، لا يثق بتلك الوعود، ويخشى من أن يوجه سلاحه في الغد إلى رفاق سلاح اليوم.
وتشكّل لواء "درع القلمون" في بدايات عام 2016، بعد إحكام النظام السيطرة على منطقة القلمون الغربي، والمكونة من يبرود، والقطيفة، وغيرها من المناطق، من خلال تجنيد مقاتلي الفصائل الموقعة للمصالحة، إضافة إلى شبانها ممن هم في خدمة العلم، حيث تتبع شكليا للفرقة الثالثة في القطيفة، فيما يُعتبر عرابها "جورج حسواني" المقرّب من الروس، حيث تشير الأنباء إلى إخضاع مقاتلي الدروع إلى دورات قتالية في مركز حميميم، ومن ثم الزّج بهم في جبهات القتال لصالح النظام، ضد مقاتلي المعارضة.