فتح ترؤس وزير الداخلية
المغربي عبد الوافي
لفتيت، اجتماعا استثنائيا لتتبع المشاريع العالقة، ساعات بعد خطاب الملك الذي وبخ الأحزاب السياسية والمسؤولين الحكوميين، الباب أمام الأسئلة حول مستقبل حكومة سعد الدين العثماني.
وترأس عبد الوافي لفتيت، مساء الثلاثاء، اجتماعا طارئا مع الولاة والعمال (المحافظين ونوابهم)، شارك فيه قادة الجيش والدرك والأمن والمخابرات، للبحث في أسباب تأخر إنجاز المشاريع وترتيبات الجزاءات.
لقاء الثلاثاء جاء في سياق غير عادي، وسط حديث متزايد عن إعفاء بعض وزراء
الحكومة بعد اتهامهم إعلاميا بالمسؤولية عن تأخر عدد من المشاريع في منطقة الحسيمة شمال المغرب، وذهب البعض إلى أن المغرب مقبل على حكومة وحدة وطنية.
حكومة وحدة وطنية
وقال مدير مركز الدراسات والأبحاث الإستراتيجية والأمنية، عبد الرحيم منار السليمي: "من الواضح أن الخطاب الملكي لعيد العرش سيكون متبوعا بقرارات كبيرة، ومن الصعب استمرار حكومة العثماني بعد هذا الخطاب".
وأضاف عبد الرحيم منار السليمي، في تصريح لـ"
عربي21": "حكومة العثماني تجر معها وزراء مسؤولين عن أزمة التدبير التي يعيشها المغرب ومسؤولين أيضا عن الحالة المتردية لإدارة في المغرب".
وتابع أن اجتماع وزير الداخلية في لجنة تتبع المشاريع بحضور الأجهزة الأمنية يعني أن الملك شرع في تنفيذ مضامين خطابه مباشرة.
وزاد: "فالإشارة واضحة في الخطاب إلى أن الوضع لا يجب أن يستمر كما كان، ويبدو أننا نتجه نحو حكومة وحدة وطنية تكون لها مهمة واحدة مرتبطة بإصلاح الاختلالات الاجتماعية في النموذج المغربي، وقد تظهر القرارات بوضوح في هذه الفترة الممتدة بين عيد العرش وخطاب 20 آب/أغسطس القادم".
ثمن خرق الدستور
وعلى خلاف السليمي، يرى أستاذ القانون الدستوري وعلم السياسة، عبد الرحيم العلام، أن المغرب لن يلجأ لخرق الدستور، وساق ثلاثة اعتبارات يسجل من خلالها عدم قدرة المغرب على الذهاب في اتجاه إعفاء رئيس الحكومة من مهامه.
الاعتبار الأول، حسب عبد الرحيم العلام، في تصريحه لـ"
عربي21": "لا يمكن إعفاء رئيس الحكومة بدون إعلان حالة الاستثناء، فقضية حل الحكومة مستحيلة وإعفاء رئيس الحكومة كذلك، ولا أحد من داخل مربع السلطة قد يوافق على هذا الرأي، فإقالة رئيس الحكومة وتكليف شخص آخر لا يتم إلا في حالة الاستثناء وحدها وفقا للدستور".
وزاد العلام: "أما الاعتبار الثاني فيجب أخذ حساب البعد السياسي في المسألة، فقرار إعفاء رئيس الحكومة لا يمكن معه أن تبقى الأمور عادية في المغرب".
وشدد في الاعتبار الثالث على أن "العلاقة مع المؤسسات الدولية الأمم المتحدة؛ الاتحاد الأوروبي؛ الاتحاد الأفريقي، تلزم المغرب باحترام الدستور، فأي تجاوز له لتغيير الحكومة سيعني طرد المغرب من الاتحاد الأفريقي فورا، لأنه لا يحترم قواعده الدستورية".
وسجل أن "من بين المقررات التي صادق عليها المغرب لدخول الاتحاد الأفريقي هو احترام الإجراءات الدستورية في تغيير الحكومات، وأي إخلال يعني الطرد من المنظمة الأفريقية".
رئيس بدون صلاحيات
ورغم هذه الاعتبارات إلا أن العلام يرى أن "إمكانية سحب صلاحيات رئيس الحكومة وتمكينها لجهات أخرى يبقى أمرا واردا، وهو أمر سبق وباشره الملك حينما منع الوزراء من السفر والعطلة، وسحب صلاحيات البرلمان عندما كلف لجنة للتحقيق في المشاريع المعطلة دون أن يكون منصوصا على ذلك في الدستور".
وأفاد: "كان بإمكان الملك أن يطلب من البرلمان طبقا للدستور والقانون عقد لجنة لتقصي الحقائق، لكنه فضل تشكيل لجنة من ذاته بدون الرجوع إلى البرلمان".
وأوضح: "هذا النوع من الإجراءات ابتداء منذ المجلس الوزاري الأخير، بما يعني أن ما سيأتي هو استمرار مسلسل قضم الصلاحيات الدستورية لرئيس الحكومة والوزراء ومنحها للمعينين".
ومضى يقول إن "الخطاب جاء ربما بإعلان صريح يقول بأن خطوات من هذا النوع ستأتي في الطريق، وخاصة أن الملك صرح بأن المنتخبين إذا لم يقوموا بالواجب فإن صلاحياته الدستورية تخول له أن يتدخل، وهذا معناه مزيدا من قضم صلاحيات المنتخبين وتحويلها إلى المعينين".
وختم تصريحه قائلا: "هناك تمهيد لإجراءات بدأت فعلا، منذ المجلس الوزاري، بل أصلا قبله، أي منذ تعيين الحكومة التي لم يتحكم رئيسها في مكوناتها، ففرضت عليه أحزاب سياسية ووزراء ولم يتحكم حتى في الوزارات التي حصل عليها حزبه، وهناك حديث بأنه تسلم لائحة الحكومة جاهزة، رغم أنه ينفي هذا الأمر".
لقاء من كبار مسؤولي الأمن
وترأس وزير الداخلية يومه الثلاثاء فاتح آب/أغسطس 2017 بمقر الوزارة بالرباط، لقاء مع ولاة الجهات وعمال عمالات وأقاليم ومقاطعات المملكة، حضره كل من الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، والجنرال دوكور دارمي قائد الدرك الملكي، والمدير العام للأمن الوطني والمدير العام لإدارة مراقبة التراب الوطني، والمدير العام للدراسات والمستندات، والجنرال دوبريكاد مفتش القوات المساعدة (المنطقة الجنوبية)، والجنرال دوبريكاد مفتش الوقاية المدنية، والمندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، والجنرال دوبريكاد مدير المعهد الملكي للإدارة الترابية.
وقال بيان وزارة الداخلية، إن اللقاء "يمكن من ترسيخ المكاسب وتجذيرها وتجاوز التحديات المطروحة، وأساسا مرجعيا للتدابير الإجرائية التي ستنهجها وزارة الداخلية بتنسيق مع مختلف القطاعات الحكومية والهيئات المنتخبة، لتعزيز السياسات التنموية لصالح المواطنين بكل جهات المملكة وبما ينعكس إيجابا على تطلعاتهم وانشغالاتهم الحقيقية".
واستعرض الوزير "السبل الكفيلة بتنزيل مختلف التوجيهات التي تضمنها الخطاب الملكي السامي، في أفق تعميق النقاش بشأنها في إطار من الشراكة مع مختلف القطاعات الحكومية والجماعات الترابية، واستشراف السبل الكفيلة بتعزيز عمل وزارة الداخلية والرفع من مستوى نجاعة مصالحها والارتقاء بآليات الحكامة بها على ضوء التوجيهات الملكية".
و"تم التأكيد على مواصلة الانخراط المكثف والفعال لكل مصالح الوزارة بمختلف مستوياتها للرفع من وتيرة الإنجازات بما يمكن من تحقيق المواكبة المثلى للمشاريع التنموية والإصلاحات السياسية والمؤسسية التي تعرفها بلادنا".
ويرى مراقبون أن لقاء وزير الداخلية مع القيادات الأمنية والولاة والعمال، وتناول الاجتماع الإشراف على متابع المشاريع التنموية، يناقض ما قام به رئيس الحكومة سعد العثماني، الذي كلف في 24 تموز/ يوليو سعيد خيرون برئاسة "آلية تتبع المشاريع التنموية".
وكان العثماني قد كلف في 24 تموز/ يوليو الماضي، الرئيس السابق للجنة المالية بمجلس النواب، ورئيس جماعة القصر الكبير السابق سعيد خيرون، رئيسا لإدارة مهمة جديدة، أطلق عليها "آلية تتبع المشاريع التنموية".
يذكر أن "آلية تتبع المشاريع التنموية"، هي مهمة جديدة تم إطلاقها لأول مرة بعموم تراب المملكة من طرف القطاعات الوزارية، وذلك بهدف تتبع مدى تنفيذ المشاريع التي جرى إطلاقها وإجراء تقييمات مستمرة عليها خلال مرحلة التنفيذ.