وصف الرئيس الموريتاني محمد
ولد عبد العزيز؛ "العلم الوطني" لبلاده، المعتمد منذ استقلال الدولة الموريتانية عن فرنسا عام 1960، بأنه "علم مشبوه"، معتبرا أنه اعتمد من طرف الاستعمار ولم يساهم الموريتانيون في اختياره.
وأضاف ولد عبد العزيز، في خطاب أمام الآلاف من أنصاره مساء الخميس بنواكشوط: "العلم الحالي علم مشبوه؛ لأننا لم نشارك في اختياره ولم نجد مواطنا
موريتانيا شارك في ذلك أو يفهم مبررات اختياره، بل إن البعض يصفه بأنه علم دولة أجنبية"، على حد قوله.
وكان الرئيس الموريتاني يبرر مساعيه لتغيير العلم الوطني للبلاد، ضمن التعديلات
الدستورية التي يجري التصويت عليها يوم السبت القادم.
وهاجم ولد عبد العزيز بقوة معارضيه، كما شن هجوما لاذعا على أعضاء مجلس الشيوخ الموريتاني (الغرفة الثانية في البرلمان)؛ متهما أعضاء المجلس بأنهم تلقوا رشاوى لإسقاط التعديلات الدستورية المقترحة من الحكومة، علما أن من بين التعديلات التي يطرحها ولد عبد العزيز؛ إلغاء مجلس الشيوخ.
اعتصام داخل مبنى مجلس الشيوخ
ومنذ صباح الأربعاء، يعتصم نحو 20 عضوا من مجلس الشيوخ (من أصل 56 عدد أعضاء المجلس)، وذلك داخل مباني المجلس بنواكشوط، للتعبير عن رفضهم للتعديلات الدستورية التي يجري التصويت عليها يوم السبت القادم، وللمطالبة باعتذار رسمي من الرئيس ولد عبد العزيز عما قالوا إنها إساءات وجهها لهم خلال الأسابيع الماضية.
لكن ولد عبد العزيز رفض في خطابه مساء الخميس؛ الاعتذار لمجلس الشيوخ، متهما أعضاء المجلس بأنهم "خانوا" الشعب الموريتاني وأنهم مجرد مجموعة من "المرتشين".
واعتبر ولد عبد العزيز أن تبني نظام الغرفتين لا قيمة له، وأنه فقط محاكاة لبعض الدول، علاوة على ما يكتنف انتخاب غرفة مجلس الشيوخ من "عدم الشفافية وشراء الذمم والرشوة"، بحسب قوله.
قمع مظاهرات المعارضة
وأثناء خطاب الرئيس الموريتاني أمام أنصاره، خرجت ثلاث مسيرات بنواكشوط، رفضا للتعديلات الدستورية، شارك فيها قادة أحزاب المعارضة المقاطعة للاستفتاء الدستوري، غير أن قوات الأمن تصدت للمسيرات وفرقتها بالقوة، مستخدمة قنابل الغاز المسيل للدموع، ما تسبب في إصابات وحالات إغماء.
وقال القيادي بمنتدى أحزاب المعارضة، ورئيس حزب الاتحاد والتغيير الموريتاني، صالح ولد حننا، في تصريح لـ"
عربي21"، إن الشرطة استخدمت القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين السلميين، مضيفا أن النظام اختار الحلول الأمنية، غير أن المعارضة ماضية في نضالها السلمي المناهض لما سماه العبث بدستور البلاد.
اختتام حملة ساخنة
واختتمت فجر الجمعة حملة الاستفتاء على التعديلات الدستورية، بعد أسبوعين شهدا سجلا سياسيا ساخنا بين القوى السياسية في البلاد، وعرفت خلالها البلاد سلسة
احتجاجات ومظاهرات رافضة لتلك التعديلات؛ التي تتضمن إلغاء غرفة مجلس الشيوخ البرلمانية، وتغيير علم ونشيد البلاد الوطنيين، واستحداث مجالس محلية للتنمية.
ومنذ بدأت الحملة الممهدة للاستفتاء الدستوري، حرصت قوى المعارضة المقاطعة على تنظيم مظاهرات ومسيرات؛ تصدت الشرطة لأغلبها.
في المقابل، حرصت الأغلبية الحاكمة والأحزاب الداعمة للتعديلات الدستورية على حشد جماهيرها بشكل يومي في مختلف مدن ومناطق البلاد.
قلق أممي من حدة الاضطرابات
في الأثناء، عبّر مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عن قلقه "إزاء الاضطرابات الجارية في فترة ما قبل الاستفتاء على التعديلات الدستورية بموريتانيا".
وقالت الناطقة باسم مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في موريتانيا، رافينا شامداساني، في بيان لها اليوم الخميس، إنها "قلقة حيال الاضطرابات التي سبقت الاستفتاء على التعديلات الدستورية المقرر يوم السبت القادم بموريتانيا".
وأضافت: "العديد من المظاهرات السلمية خرجت بشكل يومي منذ 21 تموز/ يوليو؛ منظمة من طرف سياسيين في المعارضة يدعون لمقاطعة التصويت، لكن السلطات لم تستجب لطلبات ترخيص أغلب هذه المظاهرات، كما لجأت إلى استخدام القوة لتفريق التجمعات، وفي الكثير من الحالات تم الاعتداء على قادة المعارضة، وتم اعتقال عدد منهم، داعية جميع الأطراف للهدوء"، بحسب المتحدثة.