نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لمراسلتها في بيروت بيثان ماكيرنان، حول طالب من غزة حصل على منحة دراسية ليدرس الماجستير في جامعة غولدسميث في لندن، لكنه قلق من خسارة مقعده؛ بسبب عدم تمكنه من الحصول على تصريح خروج
إسرائيلي.
وتقول الكاتبة: "لقد فرح محمد عواد، البالغ من العمر 28 عاما، كثيرا عندما حصل على بعثة دراسية لدراسة الماجستير في اللسانيات في جامعة غولدسميث، حيث يبدأ البرنامج في 1 تشرين الأول/ أكتوبر، وكان عواد قدم لعشر منح دراسية تسمح له بمغادرة غزة وتحقيق طموحاته الأكاديمية".
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، عن عواد، قوله إنه لا يستطيع وصف مدى فرحه بالحصول على واحدة من منحتين في السنة من جامعة غولدسميث لطلاب الدراسات العليا من فلسطين، وأضاف عواد، وهو من جباليا شمال مدينة غزة: "عملت بجد للحصول على هذه الفرصة، وأخذ مني الأمر سنة من التركيز والعناية والاهتمام كرستها (لهذا الشأن).. واشتريت حقيبتي وحزمت أمتعتي".
وتستدرك الصحيفة بأنه "بسبب الإجراءات التي يتطلبها استصدار تصريح خروج من السلطات الإسرائيلية المعنية، فإنه لا يزال ينتظر التصريح، بالرغم من أنه لم يبق سوى أيام قليلة على ابتداء برنامج الماجستير المفترض أن يلتحق به، ولا يزال عواد عالقا في القطاع دون الحصول على الوثائق اللازمة".
وتشير ماكيرنان إلى أن عواد يواجه الآن احتمال تأخره عن بداية الفصل الدراسي، وفي الحال الأسوأ الاضطرار للتخلي عن مقعده الدراسي؛ بسبب قلة الوقت والمادة لبدء عملية استصدار تأشيرة من جديد، لافتة إلى أن عواد قدم للحصول على تصريح خروج عن طريق معبر إيريز ليسافر برا إلى عمّان ومنها إلى لندن.
ويلفت التقرير إلى أن "تأشيرة عواد لدخول المملكة المتحدة محدودة بفترة زمنية محدودة للدخول، تنتهي في 13 تشرين الأول/ أكتوبر، وما هو واضح الآن هو أنه لن يسمح له بالمغادرة قبل 24 تشرين الأول/ أكتوبر على أحسن تقدير".
وتفيد الصحيفة بأن عواد يحتاج أن يدفع مبلغ 1300 دولار لتمديد التأشيرة لدخول المملكة المتحدة، مشيرة إلى أنه مبلغ لا يستطيع الطالب، الذي يعمل محاضرا في اللغة الإنجليزية، أن يدفعه.
ويقول عواد للصحيفة: "لا تستطيع عائلتي تمويل دراستي للماجستير؛ لأن أبي كان عاملا في إسرائيل، ومنذ إغلاق الحدود أصبح عاطلا عن العمل معظم الوقت، والعائلة كبيرة، فلدي أربعة إخوة وأربع أخوات، ويعملون لكسب قوت العائلة.. ولدى عائلتي مسؤوليات كثيرة أهم من حلمي بالدراسة في المملكة المتحدة".
وتبين الكاتبة أنه إذا لم يستطع عواد الوصول إلى لندن قبل 1 تشرين الثاني/ نوفمبر، فإن جامعة غولدسميث ستضطر إلى إلغاء مقعده، لافتة إلى أن عواد ليس وحيدا، بحسب منظمة "غيشا"، وهي منظمة إسرائيلية غير حكومية تدافع عن حرية الفلسطنيين في التنقل، بل إن هناك 362 غزاويا حصلوا على مقاعد للدراسة في الخارج وقدموا طلبات تصاريح منذ كانون الثاني/ يناير 2017، ولم يحصل سوى 73 منهم على تلك التصاريح، ورفض 7، وأعيد 50 طلبا أو وضعت قيد المراجعة، وبقي 239 طلبا تنتظر البت فيها.
ويذكر التقرير أن لجنة الشؤون المدنية الفلسطينية في غزة تخبر الطلاب بأن طلبات التصاريح تستغرق 50 يوم عمل تقريبا، مستدركا بأنه حتى هذا الوقت في العادة لا يكفي بسبب التأخير من السلطات الإسرائيلية.
وتقول الصحيفة إنه "في الواقع الذي ساد على مدى العشر سنوات الماضية من الحصار لغزة، فإن الحصول على تصريح مغادرة غزة صعب جدا لسكان القطاع، البالغ عددهم حوالي مليونين، وهناك ثلاثة معابر لغزة: اثنان مع إسرائيل، وواحد مع مصر من خلال رفح، الذي بقي مغلقا بشكل كبير منذ أن سيطرت حركة حماس على غزة عام 2007".
وتورد ماكيرنان نقلا عن المتحدثة باسم منظمة "غيشا" شاي غرنبيرغ، قولها: "لأن معبر رفح بقي مغلقا لفترات طويلة فإن إسرائيل وقعت تحت الضغط للسماح للطلاب من غزة بالسفر للخارج من خلال معبر إيريز وجسر اللنبي ليسافروا من الأردن إلى البلاد المقصودة، لكن السياسة تجاه هذا الموضوع ليست ثابتة، وتتغير بشكل اعتباطي وغير متوقع".
وتضيف غرنبيرغ: "وبسبب القيود التي تفرضها إسرائيل على سفر سكان غزة، فإن تصاريح الخروج في كثير من الأحيان، إن تمت الموافقة عليها أصلا، تصل متأخرة بعد أن تكون تأشيرة مقدم الطلب قد انتهت، أو بعد أن يكون العام الدراسي قد بدأ، وليست هناك أي ضمانات أن يصل الطالب من غزة إلى بلده المقصود في الوقت المناسب هذا أو لا يصل تماما".
وينقل التقرير عن مستشار الأحزاب في الشأن الإسرائيلي والأراضي الفلسطينية غاري سبيدنغ، قوله في رسالة لأعضاء البرلمان إنه لا يمكنه "التشديد الكافي" على أهمية "جلب فلسطينيين من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبالذات من قطاع غزة للمملكة المتحدة للدراسة".
وأضاف سبيدنغ: "بالرغم من كونها من أسوأ الأماكن في العالم من ناحية الأزمة الإنسانية في الوقت الحالي، إلا أن مستوى التعليم في غزة شيء يمكن بالتأكيد توظيفه في أي محاولة لتحقيق سلام عادل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبالنسبة لمحمد فإن فرصة
الدراسة هذه هي فرصة العمر".
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن محمد عواد بدأ يفقد الأمل، حيث ضاعت عليه فرصة الدراسة في فرنسا عام 2014؛ بسبب تأخر السلطات الإسرائيلية في منحه تصريح خروج، وخسر أيضا فرصة حضور دورة تطوير مهني في الضفة الغربية العام الماضي، وكتب على "فيسبوك" يوم الأربعاء: "مصر وإسرائيل تقتلان أحلام الفلسطينيين"، بعد أن أخبر بأن الحصول على موافقة أمنية قد يأخذ 60 يوما.