نشرت صحيفة "إكسبرت" الروسية تقريرا سلطت من خلاله الضوء على الوضع في كردستان
العراق على المستوى
الاقتصادي بعد الاستفتاء وفي خضم الأحداث الأخيرة.
وقالت الصحيفة في
تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إنه في الوقت الراهن، تتمتع
كردستان العراق بكل علامات الحكم الذاتي، إذ لديها علمها وحكومتها وقضاؤها المستقل، بالإضافة إلى الشرطة ووكالات الاستخبارات والقوات المسلحة (كتائب البيشمركة). أما من الناحية الاجتماعية، تتمتع كردستان العراق بنظام تعليم خاص بها، بالإضافة إلى وحدات الرعاية الصحية.
وأفادت الصحيفة أنه في إقليم كردستان العراق يضم البرلمان الإقليمي إلى جانب السلطات المحلية ممثلين عن مختلف الجماعات العرقية والدينية. علاوة على ذلك، تعمل أربيل على تطوير علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع تركيا وإيران وبعض الدول العربية فضلا عن إسرائيل، والولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والاتحاد الأوروبي، ورابطة الدول المستقلة.
وأشارت الصحيفة أن الحكم الذاتي جاء نتيجة مساهمة الجماعات الكردية في القتال ضد تنظيم الدولة.
يذكر أن المجتمع الدولي يعترف باستقلال كردستان العراق بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه في الوقت الراهن تعتبر مسألة إنتاج
النفط في إقليم كردستان العراق أحد القضايا الهامة. وعموما، تقدر احتياطات النفط في المنطقة، بنحو 10 مليار برميل. وفي سنة 2016، وفقا "لريستاد إينارجي"، تم إنتاج 545 ألف برميل نفط يوميا، وتم تصدير معظمه عبر خط الأنابيب نحو ميناء جيهان التركي. وفي هذا السياق، يتم إنتاج حوالي 60 بالمائة من النفط من كركوك، في حين يتم إنتاج ما تبقى من مناطق كردية أخرى.
وأفادت الصحيفة أن معظم نفط كردستان العراق، يتم إنتاجه عن طريق شركة جينيل، التي يرأسها حاليا المدير السابق لشركة توني هايوارد النرويجية، بالإضافة إلى شركة غازبروم الروسية وغيرها من الشركات. علاوة على ذلك، وقعت شركة "إكسوون موبيل" خلال سنة 2011، عقودا أولية مع حكومة كردستان العراق. أما منذ سنة 2016، بدأت هذه الشركة في الانسحاب من نصف المناطق التي يتم فيها التنقيب على النفط في كردستان العراق.
وأشارت الصحيفة إلى المصالح الاقتصادية الكبرى لشركة روسنفت الروسية في المنطقة. وفي هذا الإطار، وقعت الشركة مع كردستان العراق اتفاقا على الإدارة المشتركة لخط أنابيب التصدير بحيث تسيطر على 60 بالمائة من إنتاج النفط مقابل 40 بالمائة تسيطر عليها شركة كار كروب العراقية التي تخضع لسيطرة حزب العمال الكردستاني.
وأضافت الصحيفة في السياق نفسه أن روسنفت تعتزم
الاستثمار في توسيع قدرة خط الأنابيب إلى حوالي مليون برميل يوميا. كما تخطط الشركة لمشاريع استخراج احتياطات من الغاز الطبيعي في المنطقة تقدر بحوالي 700 مليار متر مكعب، ويجري درس إمكانية بناء خط أنابيب غاز إلى تركيا بطاقة إنتاجية تصل إلى 30 مليار متر مكعب سنويا.
وأضافت الصحيفة أن دخول الشركات الروسية إلى المنطقة أدى إلى ظهور مقاومة شرسة من قبل المنافسين، على غرار الشركات الأمريكية ونسبيا إيران. وعلى العموم، تعتبر الشرق الأوسط كرة متشابكة من التناقضات، إذ تضم العديد من اللاعبين الذين يسعون إلى تحقيق مصالحهم الخاصة. والمثير للاهتمام أن العديد من الأطراف يحاولون الضغط على روسيا في المنطقة، والحد من تعاون الشركات الروسية مع سلطات كردستان العراق.
وأكدت الصحيفة أنه ليس من قبيل الصدفة أن تكون كردستان العراق محور اهتمام لدى وسائل الإعلام في الوقت الراهن. وفي 16 تشرين الأول/ أكتوبر، بدأت الاشتباكات بين فصائل البيشمركة والجيش العراقي، وقد استعاد الجيش العراقي سيطرته على كركوك في 22 تشرين الأول/ أكتوبر، بدعم مادي وعسكري إيراني.
ومن جهتها، اقترحت حكومة كردستان العراق، يوم 27 تشرين الأول/ أكتوبر إعلان وقف إطلاق النار الفوري وتجميد نتائج الاستفتاء حول استقلال كردستان العراق وبدء الحوار على أساس الدستور العراقي. وفي الوقت نفسه، أعلن مسعود بارزاني أنه سيغادر منصبه انطلاقا من غرة تشرين الثاني/ نوفمبر.
وأوردت الصحيفة أنه سابقا، في خضم الفوضى السياسية والاقتصادية في العراق، غضت بغداد الطرف على السياسة المستقلة لحزب العمال الكردستاني في قطاع الطاقة، ولكن بات موقفها في الوقت الحالي أكثر صرامة. وفي 19 تشرين الأول/ أكتوبر، حذرت وزارة النفط العراقية الدول والشركات الأجنبية من القيام بأي صفقات أو عقود مع أربيل دون موافقة الحكومة المركزية ووزارة النفط.
وأوضحت الصحيفة أن الحكومة المركزية العراقية تسعى إلى فرض رقابة اقتصادية صارمة. والمثير للاهتمام أنه نتيجة للضغط العسكري والسياسي تم استعادة جزء هام من حقول كركوك النفطية، التي قامت حكومة إقليم كردستان منذ سنة 2014 باستغلالها. كما استعادت بغداد السيطرة على الحدود والمعابر الجمركية مع العراق.
وأشارت الصحيفة إلى أن العراق، بما في ذلك إقليم كردستان العراق، يحتاج إلى موارد لتمويل التنمية الاقتصادية. وفي هذا الصدد، بإمكان الاستثمارات الأجنبية الضخمة حل مشاكل الصحة والتعليم وبناء الطرقات واستعادة البنية التحتية. وبناء على ذلك، قد تدفع المصالح الاقتصادية المشتركة القوى السياسية المختلفة إلى الحوار والبحث عن سبل التوافق.
وفي الختام، أكدت الصحيفة أنه في حال تم التوصل إلى حل وسط حول كردستان العراق، من الممكن أن تتحول المنطقة إلى أرض للتنمية، وتوليد الموارد ما قد يؤثر على البلاد بأسرها. لذلك، من المرجح أن يساهم التعاون بين السلطات المركزية والإقليمية في العراق في الانفتاح الكامل على عقود النفط والغاز.