هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أحالت السلطة الفلسطينية مؤخرا الدفعة الثانية من موظفي القطاع الحكومي للتقاعد المبكر، وتشمل الدفعة 5280 موظفا عسكريا من قطاع غزة، إضافة إلى 2000 عسكري من الضفة الغربية، وسيصدر راتب تقاعدي لهم بنسبة 70% من الراتب الأساسي.
وقبل أشهر، أحالت السلطة أيضا 6500 موظفا عسكريا من قطاع غزة للتقاعد المبكر، ولم توضح المعايير التي تم على أساسها إحالتهم للتقاعد، خاصة وأن هذا الإجراء شمل موظفين في ريعان شبابهم.
وبعيدا عما أحدثته القرارات من سخط وغضب وسط هذه الشريحة من الموظفين، تثير هذه الإجراءات تساؤلات عدة، تدور أبرزها على التداعيات الاقتصادية المحتملة جراء تنفيذها، والمبررات التي تستدعي المضي فيها بهذا التوقيت بالتحديد.
اقرأ أيضا: خبراء يدعون لعقد مؤتمر دولي لدعم المصالحة الفلسطينية اقتصاديا
أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية محمد مقداد يرى أن "أي قرارات لخفض أعداد الموظفين في القطاع الحكومي هي وطنية بشرط أن تتزامن مع دعم القطاع الخاص ومشاريع الشباب لإيجاد فرص عمل بديلة وتقليل نسبة البطالة الفلسطينية وبالتحديد في قطاع غزة".
ويؤكد مقداد لـ "عربي21" أنه توجد مشكلة في حجم الوظائف في القطاع الحكومي كونها لا تتناسب مع إيرادات الدولة، مشيرا إلى أن هذه المشكلة موجودة قبل الانقسام وبعده.
ويعتقد مقداد أن "هذه الإجراءات ربما تأتي وفق أحد الآليات المتفق عليها في ملف المصالحة لدمج موظفي غزة والضفة"، موضحا أن نسبة كبيرة ممن أحالتهم السلطة للتقاعد المبكر وصلوا بالفعل لسن التقاعد.
اقرأ أيضا: السلطة تجمّد مشروع إحالة 6 آلاف موظف في غزة للتقاعد المبكر
ويضيف أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية أنه "في ظل وجود عدد كبير من الموظفين يعد التقاعد المبكر أمرا مفيدا"، مستدركا بقوله: "لكن يجب أن تكون وفق لجنة مهنية تدرس جميع الموظفين في غزة والضفة سواء الذين على رأس عملهم أو السابقين؛ لتكون عملية التقاعد مدروسة".
ويشدد مقداد على أنه "لو تم الأمر بطريقة منهجية ستكون آثاره الإيجابية أكبر من السلبية، مع ضرورة الاهتمام بالقطاع الخاص، لأنه المعول عليه في توفير فرص العمل للشباب وخريجي الجامعات".
وينوه مقداد إلى أنه في حال لم تكن اللجان محايدة سيكون التأثير سلبيا على الحالة الاقتصادية في قطاع غزة والضفة الغربية على حد سواء، معربا عن أمله في أن تكون حكومة التوافق على قدر من المسؤولية في تشكيل لجان مهنية لتحقيق مصلحة الشعب الفلسطيني بعيدا عن أي اعتبارات حزبية.
اقرأ أيضا: إحالة 6145 موظفا بغزة للتقاعد.. وحماس: قرار "غير أخلاقي"
من جهته، يرى المختص الاقتصادي حامد جاد أن قرارات التقاعد المبكر الأخيرة أثرت سلبيا على شريحة واسعة من الموظفين، مضيفا: "لم يكن بإمكان الموظفين المحالين للتقاعد الانسجام في تسديد احتياجاتهم الإنسانية وفق هذه الإجراءات المفاجئة".
ويشير جاد لـ "عربي21" إلى أن "الكثير من الموظفين الذين طالتهم قرارات التقاعد المبكر لم تتجاوز فترة عملهم 20 عاما، وغالبيتهم في الأربعينات من عمرهم، ولديهم التزامات كبيرة تجاه عائلاتهم وأبنائهم".
ويؤكد جاد أن هذا الأمر أثر بشكل سلبي على الحركة التجارية في أسواق قطاع غزة، معللا ذلك بأن "القدرة الشرائية انخفضت لما تحت الحد الأدنى كون هذه الشريحة أصبحت لا تستطيع تلبية احتياجات عائلاتهم الضرورية بالراتب التقاعدي الذي تبلغ نسبته 70% من الراتب الأساسي".
وعن البدائل التي يمكن أن يلجأ إليها الموظفون المحالون للتقاعد، يشدد جاد على أنه "لا توجد بدائل كثيرة في ظل الفرص الضئيلة، والأعداد المتكدسة للخريجين والشباب الذين يبحثون عن عمل"، لافتا إلى أن نسبة البطالة في قطاع غزة كبيرة.
اقرأ أيضا: حكومة رام الله تلجأ لإجراءات محلية مع تراجع المنح الخارجية
ويستدرك المختص الاقتصادي قوله إن "البدائل المتوفرة لدى الحكومة من خلال توظيف وتشغيل الخريجين لإشغال الوظائف التي تم إخلاؤها من قبل الموظفين المتقاعدين، تعد بديلا إيجابيا يخلق آلاف فرص العمل للشباب الخريجين ويساهم في تقليل نسبة البطالة في غزة".