هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
قام محتجون بإغلاق مقر البرلمان الليبي في طبرق (شرق ليبيا) اليوم الثلاثاء، بحجة اعتراضهم على تعديلات الاتفاق السياسي الليبي، مطالبين بتسليم السلطة للجيش وإنهاء وجود البرلمان.
وقام أحد أبرز الموالين للواء المتقاعد خليفة حفتر، فرج بوعطيوه أحد وجهاء مشائخ طبرق بإغلاق الباب الرئيسي للبرلمان، ومنع دخول الأعضاء لكي لا تعقد جلسة اليوم (الثلاثاء) التي كانت مقررة لتضمين الاتفاق السياسي في الإعلان الدستوري، وانتخاب محافظ جديد لمصرف ليبيا المركزي.
انقلاب
من جهتهم، اعتبر أعضاء في البرلمان منعوا من الدخول أن "ما يحدث هو حملة لتكميم الأفواه وتقييد الحريات والاعتداء على السلطة التشريعية، بدلا من حمايتها"، وذلك قبل ورود معلومات بأن بعض الأعضاء "تمكنوا من الدخول إلى القاعة الرئيسية بعد تسللهم من الباب الخلفي للبرلمان".
ورأى مراقبون أن تصريحات حفتر الأخيرة حول الاتفاق السياسي وإعلانه انتهاء شرعيته وشرعية كل الأجسام المنبثقة عنه، هي إحدى أسباب هذا الهجوم على البرلمان، كون البعض فسرها أن "حفتر يرفض أيضا وجود البرلمان الآن".
صراع مع عقيلة
وفي وقت سابق، أكد مصدر مقرب من حكومة الوفاق الليبية، لـ"عربي21"، أن مصر والإمارات وفرنسا، طالبوا باستبعاد ترشيح رئيس مجلس الدولة الليبي عبدالرحمن السويحلي وعقيلة صالح لأي منصب في الرئاسي المقبل، باعتبار أن السويحلي شخصية جدلية، وأن عقيلة صالح ليس على توافق تام مع حفتر".
وأشار المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن "هناك تخوفات من عقيلة صالح أن يكون له صوت معارض ضد عملية الكرامة وقائدها حفتر إذا ما أصبح رئيسا أو عضوا بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني"، وفق تقديره.
بدوره أكد مصدر عسكري في طبرق لـ"عربي21" -رفض ذكر اسمه- أن "عقيلة صالح يشعر بالندم الآن على قيامه بترقية حفتر من رتبة عقيد إلى لواء ثم مشير، كون الأخير استغل ذلك لمحاولة إبعاد عقيلة من المشهد".
يأتي ذلك فيما يتساءل مراقبون عن دلالات خطوة حفتر التي وصفوها بـ"التصعيدية"، وكيف سيكون رد الفعل الدولي على ذلك؟
تبادل أدوار
وتعليقا على ذلك، يؤكد عضو المؤتمر الوطني العام الليبي السابق، عبدالفتاح الشلوي، أن "ما يحدث الآن يؤكد أن هناك مشهدا هزليا يتقاسم فيه بعض الساسة والعسكر الأدوار في تعطيل حركة العملية السياسية في ليبيا".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21"، أن "مجلس النواب في أسوأ صوره وأدائه اليوم، ورئيسه محور هوانه، وضغط حفتر يدفع بهذا الاتجاه، ولم يعد بإمكانهم تقديم أى شيء، وطبيعي أن يكون للمجتمع الدولي كلمته وضغطه بالاتجاه الذي يخدم مصالحهم"، حسب تعبيره.
صراع خفي
من جهته، وصف المحلل السياسي الليبي، محمد فؤاد، ما يحدث الآن بأنه "صراع خفي بين عقيلة صالح وحفتر، كون من قام بإغلاق البرلمان هو صاحب المكان (يقصد عضو البرلمان فرج بوعطيوة) وهو من كبار مؤيدي حفتر ومشارك بقوة في حملة التفويض التي تطالب بتسليم السلطة لحفتر".
وبخصوص توقعات بقيام حفتر بخطوات تصعيدية أخرى، قال فؤاد لـ"عربي21": "لا أعتقد ذلك، لكنه سينتظر ازدياد تدهور الأحوال السياسية والمعيشية ليقدم نفسه كمنقذ، وحقيقة البرلمان أصبح أساس المشكل في ليبيا ويجب التخلص منه، لكن للأسف لا توجد آليات لذلك"، وفق رأيه.
انهيار التحالفات
إلى ذلك يرى الصحفي الليبي، محمد علي، أن "المحتجين وإن لم يحملوا أسلحة فإنهم يتفقون فيما يراه حفتر رفضا للاتفاق السياسي وما انبثق عنه، وبالتالي فهم يخدمون توجه حفتر، والبرلمان كان طرفا في الأزمة وبالتالي هو ملتزم بتجاوزها".
وأشار في حديثه لـ"عربي21"، إلى أن "ما حدث في طبرق هو مؤشر واضح على انهيار تحالفات شرق البلاد، وهذا لا يصب في مصلحة حفتر الذي يؤكد اتخاذه أي إجراءات ضد مجلس النواب وجود مشروعين في ليبيا بين المدني والعسكري"، حسب كلامه.
وقال الناشط السياسي الليبي، خالد الغول، إن "الإغلاق هو وسيلة للهروب من اتخاذ القرارات، و"المشير"(حفتر) له تأثير لكن لو كان النواب صادقين فيمكنهم الفرار بالمجلس من طبرق إلى مدينة أخرى فيها حرية".
وأضاف لـ"عربي21": "المجتمع الدولي إذا استمر في إصراره بالمضي في العملية الانتخابية في 2018 فهذا الذي سيمضي، وقد يدخل حفتر الانتخابات لكنه يدرك أنها مخاطرة كبيرة وخاصة لو ترشح سيف القذافي، لأنه هنا غالبا لن يفوز"، كما قال.
فشل التفويض
وقال المدون والناشط من الشرق الليبي، فرج فركاش، إن "أنصار التفويض وبعد فشلهم الذريع في الحشد والتأييد، يلجأون الآن إلى عرقلة عمل البرلمان تحت دعاوي انتهائه وعملا بما صرح به حفتر مؤخرا حول الاتفاق السياسي، وربما فهموا من خطابه أنه لم يعد يعترف بالبرلمان".
وتابع في حديثه لـ"عربي21": "هي خطوة تصعيدية خطيرة، لكنها لن تنجح، خاصة أن أهالي طبرق أثبتوا أنهم مع المسار الديمقراطي ومع الانتخابات القادمة، ومحاولة أبو عكوز (النائب عطوة العبيدي) المدفوعة الثمن مصيرها الفشل كفشل حراك التفويض".