نشرت مجلة "إتابا إنفانتيل" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن الطرق التي يعتمدها بعض
الآباء في
تربية أطفالهم وممارسة السلطة عليهم.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن العديد من الآباء كانوا يعتقدون، في الماضي، بأن التربية الصارمة هي السبيل الوحيد للحصول على أطفال يحترمون ويقدرون آباءهم. أما اليوم، فأصبح العديد من الآباء والأمهات، الذين خضعوا لهذا النوع من التربية، يفضلون تربية أطفالهم دون فرض أي نوع من القيود عليهم.
لكن، سواء اعتمد الوالدان النمط الصارم أو المتساهل، فإن كليهما يشكل خطرا على تربية الأطفال، لأن سوء ممارسة السلطة يمكن أن تكون له تأثيرات سلبية تماما مثل التساهل المفرط. وبالتالي، يكمن المفتاح في إيجاد حل وسط بتربية الأطفال في أجواء من الحب والعطف.
وبينت المجلة أن بعض الآباء يعمدون إلى تطبيق قواعد التربية الكلاسيكية مع أطفالهم، ويلجؤون إلى العقاب كأداة تربوية، ظنا منهم أن هذه الطريقة هي خير وسيلة لجعل الأطفال مطيعين. لكن في الكثير من الحالات، لا تكون هذه
الطاعة نتيجة لفهمهم واستيعابهم لهذه القواعد، وإنما بدافع الخوف من العقاب.
إلى جانب ذلك، يصبح الأطفال بالتهديد والعقوبات عاجزين عن فهم وإدراك مدى أهمية القواعد والحدود التي يضعها الوالدان؛ لأن هذه الطريقة ليست سوى حاجز وقتي لثني الطفل عن القيام بأمر ما. وعندما يتم تطبيق نظام تربوي "عسكري" في المنزل، سيستغل الأطفال غياب الوالدين لانتهاك هذه القواعد.
ونوهت المجلة بأن تسليط العقوبات على الطفل أو توبيخه، أو حتى اللجوء للعنف الجسدي بهدف فرض السلطة، يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى جعل شخصية الطفل ضعيفة وهشة. كما أن هذا النوع من المعاملات يمكن أن يؤثر على مدى تقدير الطفل لذاته، ويزعزع ثقته بنفسه، بطريقة تجعله غير قادر حتى على الدفاع عن نفسه، ليصبح في المستقبل عرضة للمضايقات في المدرسة.
وأبرزت المجلة أنه، على عكس ما يعتقد العديد من الآباء، غالبا ما ينتج عن التربية الصارمة والمتسلطة أطفال متمردون وغير مطيعين. بالإضافة إلى ذلك، تكون علاقة هؤلاء الأطفال متضاربة مع رموز السلطة في العائلة أو المدرسة، مثل الآباء والمعلمين وممثلي السلطة على جميع المستويات. وفي هذه الحالة، هناك احتمال كبير أن يواجه هذا النوع من الأطفال مشاكل قانونية عند بلوغ سن معينة.
وأشارت المجلة إلى أن العديد من الأولياء يتبعون أسلوبا تربويا لينا ومتساهلا، لدرجة الوقوع في التساهل المفرط. وفي الواقع، يؤمن هؤلاء الآباء بأن الطفل يجب أن يترعرع في بيئة بلا حدود، لدرجة تجعلهم يقعون في فخ الخلط بين الحرية والحرية المفرطة التي عادة ما تكون عواقبها وخيمة. فانعدام القواعد التربوية في المنزل تجعل الأطفال يقعون في نوع من الخلط، إلا أنهم في الحقيقة يحتاجون على الأقل إلى بعض الحدود والقواعد الأساسية التي تسمح لهم بفهم العالم من حولهم.
وفي معظم الأحيان، يشعر الأطفال الذين يتلقون تربية متساهلة ودون قيود بعدم الاستقرار؛ لأنهم يفتقرون إلى أي إطار مرجعي للتشبث به. ومن المرجح أن يولد هذا النوع من التربية شخصا غير آمن ولا يتقبل الإحباط.
وأوضحت المجلة أنه، في كثير من الأحيان، يتحول الأطفال من ضحايا التربية المتساهلة إلى أشخاص طغاة، حيث تتطور لديهم الصفات النرجسية والنزعة الأنانية. وفي هذه الحالة، يتعين على الآباء تحمل المسؤولية؛ لأنهم لم يحسنوا التحكم في سلوكيات أطفالهم. وفي كثير من الحالات، تعد التربية المتساهلة وعدم وضع الآباء حدودا لأطفالهم منذ الصغر أساس مشاكل السلوك لدى الأطفال ومصدر تصرفاتهم المتضاربة.
وأوردت المجلة أنه بين التربية المتسلطة والمتساهلة هناك حل وسط يضمن التنمية النفسية الكافية للأطفال من جهة، والتعايش العائلي في كنف النظام والاحترام من جهة أخرى. وفي هذا الصدد، تتطلب التربية الصحيحة وضع سلسلة من الحدود الواضحة التي توفر الاستقرار للطفل، مع ضرورة التأكد من مدى إدراكه لأهمية هذه القواعد.
وذكرت المجلة أن هناك بعض القواعد والحدود التي لا تقبل التفاوض، لكن بدلا من فرضها سيكون من الأفضل أن يفهمها الأطفال بطريقة تعزز الشعور بالمسؤولية لديهم. وفي الواقع، لا يكمن الهدف النهائي للتربية السليمة في مجرد كسب طاعة الأطفال واحترامهم، وإنما حسن تعليمهم قواعد تنظيم السلوك، وجعلهم أكثر انضباطا.
وفي الختام، أكدت المجلة أنه من المهم أن تكون ممارسة السلطة الأبوية مرتبطة بالاحترام، إذ يمكن تربية الأطفال عن طريق الحب والتعاطف والاحترام المتبادل، بطريقة تجعلهم أكثر استعدادا لاستيعاب وتقبل أوامر الوالدين والأكبر سنا بشكل عام.