بدأ منتدى التكامل الإقليمي نشاطاته في بيروت، بعد أن نال الموافقة من وزارة الداخلية اللبنانية، وبذلك يبدأ عمله الرسمي في العمل من أجل إطلاق
الحوار العربي - التركي- الإيراني- الكردي، وتعزيز التكامل والتعاون بين دول العالم العربي أولا، وبينها وبين جيرانها من الأتراك والإيرانيين والأكراد، مع تفعيل الحضور الدولي لهذه الأمم واستعادة الدور الحضاري التاريخي للحضارة المشرقية، وبناء دولة المواطنة، ورفض العنف والحروب وتعزيز ثقافة قبول الآخر والتعددية.
وقد أسس المنتدى عدد من الإعلاميين والباحثين اللبنانيين والعرب، وبعد أن جرى التداول والحوار حول رؤية المنتدى ومشروعه مع عدد كبير من الشخصيات اللبنانية والعربية والتركية والإيرانية والكردية، والتي وافقت على مشروع المنتدى وأعلنت استعدادها للمشاركة في أعماله ونشاطاته. والمنتدى هيئة مستقلة وغير تابعة لأي جهة حزبية أو سياسية، حسبما أعلن المشاركون في تأسيسه، وصاحب المبادرة الأساسية في إطلاقه الكاتب والباحث اللبناني سعد محيو.
وقد أصدر محيو قبل شهرين كتابا خاصا حول مشروع المنتدى تحت عنوان: الإيرانيون والعرب والأتراك والأكراد: تكامل أم انتحار؟
وتؤكد الوثيقة التأسيسية للمنتدى: "إن منطقتنا العربية والإسلامية تواجه في هذه المرحلة سلسلة حروب وصراعات ذات أبعاد سياسية ومذهبية وعرقية، وأدت هذه الصراعات إلى تدمير دول وسقوط مئات الألوف من الضحايا وخسارة مئات مليارات الدولارات، والخوف الأكبر أن تستمر هذه الصراعات لثلاثين سنة مقبلة، كما اعلن بعض المسؤولين الأمريكيين. وإن الحروب الأهلية الراهنة، أو حرب الثلاثين عاماً التي يجري الحديث عنها، لن يكون فيها منتصر ومهزوم. كل هذه الصراعات عبثية؛ لأنها في الواقع لا تخاض في الزمن الحاضر، ولا حتى تسعى إلى "العودة إلى المستقبل"، بل هي تعمل على مستوى اللاوعي الغرائزي الجمعي، فيعتقد البعض أنه يمكن إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، فيما يريد البعض الآخر بعث الماضي كما هو في الحاضر، كأن شيئاً لم يتغيّر البتة منذ 14 قرنا".
ولأن هذه الحروب عبثية ولن يكون من ورائها طائل البتة سوى القتل الجماعي الدمار والانحلال، كما أثبتت بجلاء الصراعات الأهلية السنيّة- الشيعية طيلة أكثر من ألف سنة، وكما أثبتت حروب العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، يؤكد المنتدى أنه "لا بد أن تأتي لحظة ما يصل الجميع فيها إلى القناعة بأن الحوار هو المنقذ الوحيد من ضلال الانتحار الجماعي، تماماً كما اكتشف البروتستانت والكاثوليك الأوروبيون في القرن السابع عشر حين يمموا وجههم نحو وستفاليا طلباً للنجاة المشتركة بدل الهلاك المشترك، ولكن بعد أن قتلوا نحو سكان أوروبا ودمّروا معظم القارة. بيد أن هذه لحظة يجب العمل، كما أسلفنا، على استيلادها لا انتظار ولادتها؛ لأن التدخلات الدولية الكثيفة في مجرى الصراع المشرقي، ستعمل دوماً على إيقاد نيرانه كلما بدا أنه بدأ يخمد، وعلى تقوية الطرف الضعيف لدفعه إلى مواصلة الحرب ضد الطرف الأقوى".
وعلى ضوء هذه الرؤية يعتبر المنتدى: "نحن اليوم بحاجة إلى وستفاليا عرقية ودينية أو مذهبية مشرقية بين كل الألوان الإقليمية في المنطقة، قد تكون مدخلاً للخروج من أتون الحروب العبثية. وإذا كان البعض يعتقد أن الضعيف والفقير لا يستطيع أن يطرح على القوي والغني أفكاراً لتغيير العالم، فليتذكّر أن البدوي الفقير محمد قوّض أعظم إمبراطورتين عُظميين في عصرهما بفكرة التوحيد، وأن الإمبراطورية الرومانية العالمية ركعت لدعوة الراعي المُعدم السيد المسيح إلى الحب والمحبة، وأن بوذا الأمير المتقاعد من السلطة والمال، غزا بروحانيته التوحيدية قارة آسيوية ضخمة عجزت كل جيوش التاريخ الجرارة عن إخضاعها. أجل.. ثمة دور يبحث عن بطل في العالم، وثمة عالم يبحث عن هوية حضارية جديدة وحقيقية ومُتجاوزة تقود إلى حضارة عالمية جديدة تعترف بالاختلافات كما بالتشابهات، وتسعى إلى نظام عالمي وفق قيم وأسس مُصمّمة بوضوح لضمان مشاركة متساوية لكلٍ من الحضارات الرئيسة في العالم، أي الديمقراطية الكوزموبوليتية والحوكمة الكوزموبولوتية. والحضارة المشرقية أحد المرشحين للمساهمة في حيّز أساسي من هذا الدور".
فهل ينجح منتدى التكامل الإقليمي في هذه المهمة الصعبة، خصوصا أن هناك العديد من المبادرات والمحاولات التي أطلقت للدعوة إلى حوار عربي- إيراني – تركي، أو عربي – إيراني، أو عربي – كردي، أو عربي – تركي، أو قومي – إسلامي، أو سني – شيعي، وكل هذه المحاولات فشلت ولم تحقق النتائج المطلوبة، بل زادت الصراعات والأزمات والحروب في المنطقة؟
لكن صدق من قال: ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل!