هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
وافق مجلس النواب المصري الأحد بصفة نهائية على تعديل القانون الخاص بتنظيم الهيئة القومية للسكك الحديدية، وأتاح لأول مرة، للقطاع الخاص بالاستثمار في إدارة وتشغيل وصيانة مرفق السكك الحديدية على مستوى الجمهورية.
وتضمن تعديل القانون السماح لهيئة السكك الحديدية إنشاء شركات مساهمة بمفردها أو مع شركاء آخرين مع إمكانية تداول أسهمها في البورصة، بعد أن كانت أعمال إنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة مرافق السكك الحديدية، حكراً على الهيئة التابعة للحكومة منذ إنشائها قبل أكثر من قرن.
وجاءت موافقة البرلمان على خصخصة السكك الحديدية بعد ثلاثة أيام فقط من تصريحات قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي خلال افتتاح عدد من المشروعات الجديدة التي أكد فيها أن إصلاح مرفق السكك الحديدية يحتاج من 200 إلى 250 مليار جنيه، وأن الحكومة لا يمكنها دفع هذه المبالغ من ميزانيتها العامة.
وفي تعليقه على حادث تصادم قطارين بالبحيرة الأسبوع الماضي، طالب السيسي المصريين بضرورة مواجهة الواقع المزري للسكك الحديدية بشكل حقيقي بعيدا عن التجارب السابقة الفاشلة.
الإصلاح مستحيل
وشهدت الجلسة رفض رئيس البرلمان علي عبد العال مطالب بعض النواب المعارضين للقانون المقدم من الحكومة بمنحهم المزيد من الوقت لمناقشته قبل التصويت عليه، حيث تقدم 20 نائبا بطلب بإعادة المداولة، لكن عبد العال اتهمهم بالسعي لتعطيل إقرار القانون.
وأكد رئيس مجلس النواب قبل التصويت النهائي على المشروع، أن أحوال السكك الحديدية في البلاد لن تنصلح إلا بمشاركة القطاع الخاص في إدارتها، مؤكدا أنه حتى "لو ضخت الحكومة ميزانية الدولة كلها في هيئة السكك الحديدية فإنها لن تتحسن دون مشاركة القطاع الخاص"، على حد قوله.
اقرأ أيضا: قطارات مصر.. مقابر جماعية للمصريين بإشراف حكومي
وأضاف أن حادث البحيرة الذي وقع الأسبوع الماضي لن يكون الأخير، مشددا على أنه لا يمكن الخروج من هذا النفق المظلم إلا بمشاركة القطاع الخاص كما يحدث في كثير من الدول العربية والأجنبية، وأنه من المستحيل أن تتمكن الدولة من إدارة المرفق بكفاءة.
وعقب موافقة البرلمان على التعديل قال وزير النقل هشام عرفات إنه سيتم تطوير جميع القطارات في الفترة المقبلة وتحويلها إلى قطارات مميزة بدرجات مختلفة، معلنا أنه تم التعاقد على 200 جرار جديد وصيانة 81 جرارا موجودة بالفعل، لافتاً إلى أن هناك استثمارات سيتم ضخها في هذا القطاع بقيمة 55 مليار جنيه حتى عام 2022.
وأكد الوزير أن مشكلة الصيانة تتمثل في أن 98% من الجرارات تعمل منذ 1977، وجميعها يجب أن تتوقف عن العمل لأنه في جميع دول العالم يعمل الجرار لمدة 12 سنة فقط، وبعدها يتم الاستغناء عنه، مضيفا أن السكك الحديدية تعمل بإمكانيات ضعيفة للغاية حتى أن ورش الصيانة لم يتم تطويرها منذ عام 1965.
مخاوف من ارتفاع الأسعار
وأثارت هذه الخطوة مخاوف عديدة بين المواطنين بأن يتبعها تحرير أسعار تذاكر القطارات بحيث ترتفع بشكل كبير في ظل خصخصة المرفق وما يحدثه من عدم تقيد المستثمرين بأسعار محددة للخدمة.
وفي هذا السياق قال النائب عفيفي كامل، إن التعديل الأخير سيمكن المستثمرين من التحكم بأسعار خدمة السكة الحديد دون رقيب، مشيرا إلى أن التعديل لم يتضمن أي ضوابط تمنع المستثمرين من رفع أسعار التذاكر كما يريدون.
وأوضح كامل، في تصريحات صحفية، أن بعض النواب اقترحوا إضافة فقرة في القانون تنص على مشاركة الدولة بأكثر من 50% من رأس مال أي شركة جديدة تتولى إدارة أو تشغيل السكك الحديدية، حتى يكون للحكومة الكلمة الأخيرة في القرارات التي تتعلق بأسعار الخدمة.
وفي المقابل قال رئيس هيئة سكك حديد مصر الأسبق سمير نوار، إن تعديل القانون يعكس رؤية الدولة لرفع كفاءة المرافق العامة، مشيرا إلى أن قرار خصخصة السكك الحديد جاء بعد نجاح تلك التجربة في قطاعات حكومية أخرى، مثل الموانئ، وخاصة ميناء العين السخنة، لافتًا أن أصول تلك القطاعات تظل مملوكة للدولة مع استعارتها للقطاع الخاص لبعض الوقت.
لوبي فساد
وخلال جلسة التصويت على القانون، قال النائب كمال أحمد إن ملف السكك الحديدية أصبح مثل الأسطوانة المشروخة على مدار 40 عاما، مؤكدا أن هناك لوبي فساد بالسكك الحديدية يفتعل أزمات بالبلاد كل فترة من أجل مصالحه الخاصة.
اقرأ أيضا: مدينة مصرية شهدت أسوأ حوادث القطارات.. تعرف عليها (فيديو)
وأضاف أحمد، في كلمته أمام مجلس النواب أمس الأحد، تعقيبا على كلمة لوزير النقل هشام عرفات بخصوص حادث قطار البحيرة أنه كلما استقر الحال في قطاع السكك الحديدية يقوم هذا اللوبي بافتعال حادث، مشيرا إلى أن اللوبي المذكور كان وراء استيراد 81 جرارا من شركة جنرال إلكتريك الأمريكية رغم عدم كفاءة جراراتها.
وشدد النائب على أنه لو كانت هناك إرادة سياسية لا نصلح حال السكك الحديدية، لوجه حديثه لوزير النقل، متسائلا: "هل تنظيف القطارات من الداخل يحتاج إلى إمكانيات؟ هل عمليات الصيانة البسيطة للمقاعد يحتاج إلى استثمارات ضخمة؟".