هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خرجت الدفعة الثالثة من المقاتلين والمدنيين السوريين في الغوطة الشرقية، ضمن اتفاق مع النظام السوري، في المناطق التي كانت تحت سيطرة فيلق الرحمن وأحرار الشام.
وأعلن إعلام النظام السوري، الثلاثاء، إجلاء "أكبر موكب مقاتلين ومدنيين من الغوطة اليوم الثلاثاء"، قرب دمشق.
وغادرت مئة حافلة تنقل 6749 شخصا، ربعهم من المقاتلين، بحسب وكالة الأنباء التابعة للنظام "سانا".
واستؤنفت عملية الإجلاء من جنوب الغوطة بدخول حافلات إلى مدينة عربين لتتوجه لاحقا محملة بالمقاتلين المعارضين والمدنيين إلى نقطة تجمع قريبة.
مفاوضات جيش الإسلام في دوما
أما في دوما، المنطقة الوحيدة في الغوطة الشرقية التي ما زالت مع المعارضة السورية، منذ حملة النظام وتقدمه وسيطرته على 90 في المئة من المنطقة المحاصرة، قالت جماعة جيش الإسلام، إنها لا تزال تسعى للتفاوض من أجل وقف حملة النظام، نافية تقريرا روسيا أشار لاستعداد الجماعة لمغادرة المعقل الواقع قرب دمشق.
ووافقت باقي الجماعات المسلحة في الغوطة الشرقية على تسليم الأراضي التي تسيطر عليها عبر صفقات تمت بوساطة موسكو حليفة النظام، ما يعني أن بشار الأسد حقق أكبر انتصاراته منذ عام.
لكن لا تزال جماعة جيش الإسلام مسيطرة على بلدة دوما.
اقرأ أيضا: "جيش الإسلام" ينفي نيته المغادرة.. ووصول 5 آلاف مهجّر لحماة
وقال المتحدث باسم هيئة أركان جيش الإسلام، حمزة بيرقدار، إن المفاوضات لا تزال جارية دون التوصل إلى اتفاق نهائي حتى هذه اللحظة.
وكان ضابط روسي قال الاثنين، إن الجماعة أشارت خلال محادثات إلى استعدادها للتخلي عن أسلحتها. لكن بيرقدار نفى صحة هذا الكلام، مضيفا أن أي محاولة لإجبار المعارضة على المغادرة سيكون لها عواقب وخيمة.
وخرج المعارضون من عربين وزملكا وعين ترما وجوبار منذ توصل جماعة فيلق الرحمن الجمعة الماضي إلى اتفاق لتسليم المنطقة التي كانت واقعة تحت سيطرتها.
تجنيد قسري
وأفادت مواقع المعارضة الثلاثاء، بأن النظام السوري يكرر في الغوطة الشرقية السيناريو ذاته الذي طبقه على المدنيين الذين فضلوا البقاء في بلداتهم ومدنهم في ريف دمشق، إذ بات يعمد إلى التجنيد الإجباري.
ورصد نشطاء أن الشباب الذين فضلوا البقاء في المدن التي كانت تحت سيطرة الفصائل، بديلا عن التهجير إلى الشمال السوري، يتم إجبارهم على القتال عنوة لصالح النظام.
وأكدوا أن قوات الأسد بدأت في اعتقال شبان في الغوطة تمهيدا لإجبارهم على الانضمام لصفوفها.
واشتكى أهالي في الغوطة من اعتقال النظام السوري 120 شابا من سقبا، وحمورية، وكفربطنا، واقتادهم جميعا إلى كتيبة الأفتريس في ريف دمشق.
وأبلغ النظام أهالي المعتقلين أن الشباب سيخضعون لدورة عسكرية تتراوح بين 3 إلى 6 أشهر، تمهيدا لزجهم في المعارك التي يخوضها النظام.
وأفاد ناشط سوري بأن المتسهدفين في حملة التجنيد الإجباري، كل من يتراوح عمره بين 18 و40 عاما.
أوضاع المهجرين في مراكز الإيواء
ويعاني المدنيون في مراكز الإيواء التي نقلهم إليها النظام السوري، أوضاعا إنسانية مأساوية، وسجل نشطاء حقوقيون، أن قوات نظام الأسد تمنع لقاء المهجرين داخل مراكز الإيواء بعائلاتهم القادمة من دمشق لرؤيتهم ومساعدتهم.
وقالت الناشطة الإعلامية "فيفان روشان" لمواقع محلية، إن أشكال المدنيين في مراكز الإيواء محزنة للغاية، مشيرة إلى أن بعضهم كانت لديهم عظام بارزة على أجسادهم الهزيلة، والرعب يملأ عيونهم، وأكثر ما يقلقهم المصير المجهول الذي خرجوا إليه.
اقرأ أيضا: مأساة الغوطة الشرقية تعقد الأزمة السورية لا تحلها
وصرح ناشطو مكتب دمشق الإعلامي، بأنه وسط هذه المعاناة الإنسانية، وجد عناصر في قوات الأسد فرصة لاستغلال معاناة المهجرين وحاجة عائلاتهم لإخراجهم من الأوضاع السيئة التي يعيشون فيها، وطلبوا رشاوى بمبالغ ضخمة جدا للسماح لبعض المهجرين بالخروج نحو دمشق.
وانتشرت خلال الأيام الثلاثة الماضية صور من داخل مراكز إيواء، وأماكن تجميع المهجرين قبل نقلهم إلى أماكن إقامتهم الجديدة، وأظهرت الصور إحاطة المهجرين بأعداد كبيرة من عناصر قوات الأسد، وقد بدا عليهم التعب والإنهاك.
وكان الممثل المقيم لأنشطة الأمم المتحدة في سوريا علي الزعتري، أكد في وقت سابق أن الوضع مأساوي في مراكز الإيواء التي خصصها نظام الأسد للفارين من الحملة العسكرية التي يشنها بدعم روسي في الغوطة الشرقية.
وقال غداة جولته على عدد من مراكز الإيواء في ريف دمشق: "لو كنت مواطنا لما قبلت بأن أبقى في (مركز إيواء) عدرا لخمس دقائق، بسبب الوضع المأساوي".
وأضاف: "صحيح أن الناس هربوا من قتال وخوف وعدم أمن، لكنهم ألقوا بأنفسهم في مكان لا يجدون فيه مكانا للاستحمام".
وتتعرض الغوطة الشرقية منذ 18 شباط/ فبراير لحملة عسكرية عنيفة تمكنت خلالها قوات النظام من تضييق الخناق وبشكل تدريجي على الفصائل وتقسيم مناطق سيطرتها إلى ثلاثة جيوب منفصلة، ما دفع بمقاتلي المعارضة إلى القبول بالتفاوض مع روسيا.
وأدى القصف الجوي والمدفعي في الغوطة إلى مقتل أكثر من 1630 مدنيا منذ بدء الهجوم، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وتشكل خسارة الغوطة الشرقية التي حاصرتها قوات النظام بشكل محكم منذ عام 2013، ضربة موجعة للفصائل المعارضة، تعد الأكبر منذ خسارة مدينة حلب نهاية 2016.