احتفت
إسرائيل من خلال الصفحة الرسمية لسفارتها بالقاهرة بانضمام 12 شركة
مصرية جديدة
لاتفاقية الكويز التي وقعتها إسرائيل مع مصر عام 2005، هو ما اعتبرته تل أبيب
تطورا هاما في شكل العلاقة مع القاهرة خلال الفترة الماضية.
وطبقا
لوحدة الكويز بوزارة التجارة والاستثمار المصرية، فإن الربع الأول من عام 2018 شهد
انضمام 12 شركة للاتفاقية، لتصل عدد الشركات المطبعة تحت رعاية حكومية 980 شركة
بقيمة استثمارات بلغت 9 مليارات دولار في الفترة من 2005 وحتى 2016، وتشير البيانات
الرسمية إلى أن الملابس تستحوذ على 95% من إجمالي الصادرات المصرية في إطار الاتفاقية.
وتزامن
مع التقرير الرسمي المصري الكشف عن قائمة بأسماء المشاركين في حفل السفارة
الإسرائيلية بالقاهرة، الذي عقد في أيار/ مايو الماضي، وهي القائمة التي نسبها
مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق عبد الله الأشعل لمصادر دبلوماسية، وقد ضمت
القائمة عددا كبيرا من رجال الأعمال المصريين، من أبرزهم هشام طلعت مصطفى رجل
الأعمال الشهير، الذي حصل على عفو رئاسي مؤخرا.
وطبقا
للقائمة التي حصل "
عربي21" على نسخة منها، فإن جلال الزوربا رئيس اتحاد
الصناعات المصرية كان من بين الحضور ومعه محمد فريد خميس عضو مجلس النواب وصاحب
شركة "النساجون الشرقيون"، وهاني سري الدين رئيس هيئة سوق المال الأسبق، وعلاء عرفة رئيس
مجلس إدارة شركة "دولفينوس"، الشريك بصفقة الغاز مع إسرائيل، ورئيس شركة
العرفة للاستثمارات والاستشارات.
وفي الإطار ذاته، نشرت صفحة السفارة الإسرائيلية بالقاهرة خبرا عن حفل إفطار نظمه السفير
الإسرائيلي يوم الأحد الثالث من حزيران/ يونيو الجاري، وكان من ضيوفه رجال أعمال
ودبلوماسيون مصريون وعرب، دون أن تعلن السفارة عن أسمائهم.
من
جانبه، أكد الباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، سمير الطوخي، لـ "
عربي21"، أن الأشهر الماضية شهدت زيادة واضحة في مختلف مجالات
التطبيع مع إسرائيل، خاصة
بمجال الاقتصاد بشكل لم يكن معهودا في ظل حكم حسني مبارك، الذي عرف بشراكاته المتعددة مع إسرائيل.
ويوضح
الطوخي أن النظام الحالي وفر غطاء قويا لرجال الأعمال الباحثين عن المكسب، أيا كانت
جنسية الطرف الآخر، وهو ما يبرر حرص عدد كبير من رجال الأعمال المصريين على المشاركة
في الحفلات التي تنظمها السفارة الإسرائيلية بالقاهرة، على خلاف الماضي.
ويشير
الباحث بالشؤون الإسرائيلية إلى أن غياب نشاط لجان مقاومة التطبيع التي كانت موجودة
ومؤثرة في تسعينيات القرن الماضي وبداية القرن الحالي، مثل لجنة مقاومة التطبيع
المنبثقة عن لجنة التنسيق بين النقابات المهنية، ولجنة وقف التطبيع مع إسرائيل
التي شكلتها الأحزاب المصرية، واللجنة المصرية لمقاومة التطبيع، وبرلمانيون ضد التطبيع،
ولجنة مقاومة التطبيع باتحاد الأطباء العرب، كل هذه اللجان لم يعد لها صوت مسموع
الآن، لعدة أسباب، أهمها أن قيادات الإخوان المسلمين كانوا هم المحرك الأساسي لها،
وبغياب الإخوان عن النقابات انتهى دور هذه اللجان، كما انتهى دور النقابات، وهو ما
ينطبق على البرلمان أيضا.
ويشير
محمد منصور عضو لجنة مقاومة التطبيع المنبثقة عن النقابات المهنية، لـ"
عربي21"، إلى أن "تيار التطبيع في مصر أصبح أكثر بجاحة عن ذي قبل، ولم يعد هناك ما يردعه
أو يخوفه، خاصة في ظل القبضة الأمنية الشرسة التي يفرضها نظام عبد الفتاح السيسي،
وبالتالي فالمجال أصبح مفتوحا لدعاة التطبيع".
ويؤكد
منصور أن لجان مقاومة التطبيع لم تجتمع منذ ما يقرب من خمسة أعوام؛ نظرا للأحداث
التي شهدتها مصر بعد انقلاب 2013، وانقسام المجتمع المصري حتى تجاه القضية
الفلسطينية، لافتا إلى أن نظام السيسي لم يساعد فقط في التوسع تجاه التطبيع
السياسي والاقتصادي والثقافي مع إسرائيل، بل إنه يقدم الكثير من الحوافر لهذا
التطبيع، مثلما حدث مع صفقة الغاز الأخيرة التي وقعها علاء عرفة مع شركة الغاز
والكهرباء الإسرائيلية لاستيراد الغاز لمصر.
ويضيف
منصور أن هناك دعما من علماء دين بارزين للتطبيع مع إسرائيل، ومثل هؤلاء العلماء
يقدمون المبرر الشرعي لجواز التطبيع، وبالتالي يفتحون الباب لكل من يبحث عن مكسب
اقتصادي أو سياسي.
ويرى
منصور أن الدعم الذي قدمته إسرائيل للثورة المضادة بمصر كان سببا مؤثرا في توسيع
مساحات التطبيع، بصرف النظر عما يحدث للفلسطينيين على يد إسرائيل، وهو ما يبرر
حالة الشيطنة التي قام بها الإعلام المصري تجاه المقاومة الفلسطينية مع بداية
الانقلاب، وربط ما تشهده مصر من عدم استقرار بقطاع غزة، فكل هذا أدى لتقليل مساحات
التعاطف من الطبقات والفئات المؤيدة للسيسي تجاه الفلسطينيين، وبعد أن كانت أصابع
الاتهام توجه لإسرائيل مع كل أزمة، أصبح الفلسطينيون هم المعنيون بتبرئة أنفسهم من
اتهامات المصريين لهم بأنهم السبب فيما تشهده مصر من أزمات.