قالت
باحثة
إسرائيلية "إن المصالحة التاريخية بين إثيوبيا وأريتريا تعتبر نافذة
وفرصة لإسرائيل، لأنها تعني تغييرا في جبهة البحر الأحمر، وتحويلا دراماتيكيا في
خارطة التحالفات الإسرائيلية في هذه المنطقة.
وقالت
فازيت رابينا الخبيرة الإسرائيلية بشؤون الشرق الأوسط بتقريرها على صحيفة مكور
ريشون، وترجمته "
عربي21" إن دخول هذه النافذة يجب أن يتم بدون تردد،
لأنه يحقق فوائد سياسية واقتصادية وأمنية غير مسبوقة، ويدفع لتشكيل جهاز مستقل
متعدد التخصصات يبحث في كيفية استغلال هذه النافذة لتحقيق العوائد الإيجابية
عليها".
وأضافت
رابينا أن "الموقع الجيو استراتيجي لأريتريا يجعلها بالنسبة لإسرائيل كنزا
يصعب التفريط فيه، فهي دولة صغيرة لكن إطلالتها على البحر الأحمر مقابل السعودية
واليمن يجعلها على تواصل مع المحيط الهندي، وكذلك على طرق الملاحة باتجاه إيران، ما يحولها إلى ذخر أمني".
وكشفت
أن "إسرائيل تقيم في أريتريا قواعد عسكرية، ومحطة تنصت عند جبال أمافا-ساوارا
وأرخبيل جزر دهلك في البحر الأحمر، ولديها علاقات دبلوماسية معها منذ أن استقلت
عام 1993، بل إن رئيسها آسياس أفورقي تلقى العلاج من مرض الملاريا في إسرائيل،
وطبيبه الخاص هو أفرايم سنيه وزير الصحة ونائب وزير الحرب السابق، وفي المقابل
تقيم إسرائيل منذ سنوات طويلة علاقات متينة مع إثيوبيا".
ونقلت
الصحيفة عن موشيه تريدمان الباحث الإسرائيلي في معهد ميتافيم للسياسات الخارجية
والإقليمية قوله إن "المصالحة الإثيوبية الأريترية فرصة للتعرف على المصالح
الإسرائيلية من صراعات القوى الثلاث التي يشهدها البحر الأحمر، أولها صراع القوى
العظمى الدولية الصين والهند واليابان وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة، بهدف
التأثير على مجريات المحيط الهندي، ومحاولة وضع موطئ قدم في خليج عدن وجيبوتي على
خلفية الحروب الدائرة في الصومال واليمن، والمخاطر الناجمة منها على حرية الملاحة
في البحر الأحمر الذي بات الخط البحري الأكثر ازدحاما في العالم".
وأضاف
تريدمان الباحث في منتدى التفكير الإقليمي، ومركز عيزري لأبحاث إيران والخليج
العربي بجامعة حيفا أن "الصراع الثاني في البحر الأحمر يدور بين القوى
الإقليمية الكبرى، السعودية ودولة الإمارات وتركيا وقطر، وبدأ عمليا العام الماضي
حين قررت الدول الأولى مع البحرين ومصر وموريتانيا قطع علاقتها مع قطر، ما جعل
شواطئ البحر الأحمر مكانا للتنافس على السيطرة عليه بين تلك الدول في
المعسكرين".
وأوضح
تريدمان أن "هذين الصراعين الإقليمي والدولي في البحر الأحمر اتسما بإنشاء
قواعد عسكرية لكل دولة للحفاظ على موطئ قدمها في هذه المنطقة، وتعتبر إسرائيل قوة
إقليمية لها قواعد عسكرية في البحر الأحمر بغرض تأمين الملاحة البحرية، وإحباط
عمليات تهريب السلاح الإيراني عبر سيناء لقطاع غزة، وتتحدث تقارير عن عمل سلاح
الجو الإسرائيلي بجانب التحالف السعودي في الحرب الدائرة على اليمن".
أما
الصراع الثالث فيدور بين "دول نهر النيل، مصر والسودان وأريتريا وإثيوبيا،
ويتمثل بسد النهضة الذي تبنيه الأخيرة على النيل الأزرق، فيما تخشى مصر أن تنخفض
مع استكماله كميات المياه التي تصلها، وزاد قلقها بعد اتفاق السودان وإثيوبيا على
إقامة جيش خاص لحماية هذا السد، والدفاع عنه".
ولفتت
الصحيفة إلى أن "إسرائيل منخرطة في كل هذه الصراعات، فقد طلبت منها مصر
استخدام تأثيرها على أديس أبابا لحل الأزمة القائمة بينهما، ما يعني أن وضع
إسرائيل على البحر الأحمر لم يكن أفضل من هذه المرحلة، ولعلها المرة الأولى في
تاريخها التي تقيم فيها إسرائيل علاقات مع جميع الدول المطلة عليه: سواء علاقات
دبلوماسية رسمية أم اتصالات سرية".