هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشفت وكالة "إنترفاكس" الروسية، عن مقترح روسي تم عرضه على تركيا، الجمعة الماضي، لتسوية الوضع في الشمال السوري، دون الكشف عن فحوى المقترح؛ ما أثار تساؤلات عدة، حول ما تضمنه المقترح الروسي وعن خيارات تركيا للتعامل معه.
وفي هذا الصدد، رأى الكاتب الصحفي التركي عبد الله
سليمان أوغلو، أن روسيا تريد إنهاء ملف إدلب بأقصى سرعة ممكنة، ومن الواضح أنها
تضغط على تركيا في هذا الشأن.
خياران فقط
وفي الوقت الذي أشار فيه أوغلو إلى التكتم الرسمي
على المقترح التركي، وإلى عدم معرفة نتائج زيارة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار
ورئيس جهاز الاستخبارات التركي هاكان فيدان لموسكو، يعتقد أوغلو خلال حديثه
لـ"عربي21" أن روسيا عرضت على الأتراك خيارين لا ثالث لهما.
وبحسب أوغلو، فإن روسيا طلبت إنهاء ملف "هيئة
تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا) سلما أو حربا من قبل تركيا وفصائل الجيش
الحر (الجبهة الوطنية للتحرير)، أو السماح لروسيا والنظام وحلفائها
بالقيام بعملية عسكرية واسعة النطاق تؤدي إلى سيطرة النظام على المنطقة، وتهجير
ونزوح أكثر من 3 ملايين شخص، فضلا عن مقتل أعداد كبيرة من المدنيين، وهذا ما لا
تريده تركيا والفصائل والأهالي.
اقرأ أيضا: هل سيشن نظام الأسد عملية عسكرية ضد إدلب؟
وأضاف أوغلو أن ما يهم روسيا في الشمال السوري هو الانتهاء من ملف "جبهة النصرة" وكذلك الحفاظ على مصالح تركيا، معتبرا أن
"روسيا تسعى إلى خلق حالة من التوازن بين هذين المطلبين".
وبالمقابل، رأى أنه "في حال فشلت تركيا
بالتعامل مع تحرير الشام، فإن روسيا قد تفتح عملية عسكرية محدودة النطاق أو واسعة"،
معتقدا في الوقت ذاته أن "هناك تعاونا تركيا وروسيا لإنهاء ملف تحرير
الشام".
وحول إمكانية التعاون العسكري بين أنقرة وموسكو قال
الكاتب الصحفي التركي إنه "ربما يكون هناك تعاون استخباراتي وعسكري، يفضي إلى
عمل مشترك ضد جبهة النصرة في إدلب".
توسيع صلاحيات تركيا
من جهته، رأى الباحث في السياسات الدولية هشام منوّر
أن "المقترح الروسي يحاول تجنيب إدلب أي عمل عسكري كبير"، موضحا أن
"كلا من تركيا وروسيا حريصتان على وجود حل سلمي يجنب المدنيين أي
كارثة".
وأضاف منّور لـ"عربي21" أن الجانبين على
اتفاق تام على ضرورة تحييد "تحرير الشام" من المشهد في الشمال السوري
بشكل عام، عن طريق منح تركيا مزيد من الصلاحيات في الضغط على "تحرير
الشام" لتفكيكه، مقابل تقديم ضمانات لعودة المقاتلين الأجانب من "تحرير
الشام" إلى بلدانهم.
وقال منوّر إنه "للآن لا يوجد شيء ظاهر، لكن من
الواضح أن روسيا وتركيا يحرصان على عدم تأزيم علاقتهما، بعمل عسكري غير مدروس، من
شأنه تشتيت العلاقات الثنائية".
وفي الشأن ذاته، رجح مصدر خاص لـ"عربي21"
أن يكون العرض الروسي يتضمن إقناع تركيا بتفكيك نقاط المراقبة وإعادة نشرها ضمن
نطاق 20 كم في عمق الشريط الحدودي من جهة ريف إدلب الشمالي، مع الإبقاء على وجودها
العسكري في مناطق عمليتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون" وإيجاد
حل نهائي لمنطقة تل رفعت، مقابل إنهاء ملف "تحرير الشام".
وعن الكيفية التي ستدار بها إدلب، أوضح المصدر، الذي
طلب عدم الكشف عن اسمه، أن مقابل اقتناع تركيا بفصل المعارضة المعتدلة عن
"هيئة تحرير الشام"، ستعهد إلى الفصائل حماية إدلب تحت حكم محلي على
غرار نموذج درعا.
اقرأ أيضا: تركيا: الحل العسكري في إدلب السورية سيؤدي إلى كارثة
وأفاد المصدر ذاته بأنه "سيعقب ذلك اتخاذ
ترتيبات ملائمة حول الطريق الدولي M-5 والطرق
الرئيسية بين المدن لا سيما اللاذقية- حلب، وكذلك الحال بالنسبة للمعابر الحدودية
سواء بإعادة فتحها أو بإيجاد معابر متقدمة عند مسافة العشرين كيلومترا التي
سينتشر فيها الجيش التركي ونقاط المراقبة".
وعن الرد التركي على ذلك، رأى المصدر أن
"التصريحات التركية تشير إلى تمسكها بالحد الأعلى من الآلية التي تتيح لها
الحفاظ على مصالحها ومكاسبها في الشمال السوري، بمعنى أنها تريد الإبقاء على نفسها
كضامن لهذه المصالح وعدم القبول بجعل روسيا الضامن لمصالحها، وهذا الأمر ينطلق
من الذهنية الاستراتيجية والتخطيط الاستراتيجي الذي تحاول تركيا السير عليه
والتمثل بالوقوف بشكل مباشر بوجه المخاطر على الأمن القومي والخطط الاستراتيجية
بعيدة الأمد وعدم فسح المجال للأطراف الأخرى للقيام بهذه المهمة".
واستدرك قائلا: "رغم ذلك فإن وجود قناعة عند
صانع القرار التركي بتحصيل مكاسب أعلى ذات مصداقية شرق الفرات عبر المقترح الروسي؛
قد تدفعه فعلا للقبول بالعرض بما يضمن الحد الأدنى من مصالحه ومكاسبه في الشمال
السوري"، على حد قوله.