هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
خرجت مصر من
قائمة العشرة الكبار لأقوى الدول العسكرية في قائمة "Global Fire
Power"، وتراجع ترتيبها مركزين
من المركز العاشر عالميا في عام 2017 إلى المركز الثاني عشر بعد إيطاليا في عام
2018، واحتلت المركز الثاني بين قوى المنطقة بعد تركيا.
يأتي هذا التراجع رغم الإنفاق الضخم على صفقات
السلاح التي أبرمها، قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، خلال السنوات الخمس الماضية
من أمريكا وروسيا وفرنسا وألمانيا وغيرها، وأصبحت مصر أكبر مشتري للسلاح في
العالم، وفق تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) والمعني بمراقبة
حركة بيع وشراء السلاح في العالم.
واعتمدت مؤسسة "Global Fire Power" في تقييمها، إلى مؤشر القوة الذي يتضمن 50
عاملا، من بينها التنوع في الأسلحة وتطورها، بالإضافة إلى العوامل الجيوجرافية
واللوجيستية والصناعة المحلية، والقوى البشرية، وتوفر الوقود للعمليات العسكرية،
والاستقرار الاقتصادي للدولة، والميزانية العسكرية لها.
موزانة الجيش الضخمة
وتحتل القوات المسلحة المصرية المركز رقم 45 فى
ميزانية الإنفاق العسكرى بنحو 4.4 مليار دولار، وتمتلك 4462 دبابة، و1133 طائرة
قتال وتدريب ونقل ومروحيات، ويصل عدد القوات الرئيسية إلى 470 ألف ضابط وصف وجندي،
بالإضافة إلى 800 ألف احتياطي، وتمتلك القوات البحرية المصرية 319 قطعة بحرية ما
بين فرقاطات وغواصات وسفن حربية.
وفي الموازنة العامة المصرية لعام 2018/2019،
وتحت بند "مصروفات أخرى" فإن ميزانية الجيش زادت أكثر من 10 مليار جنيه،
حيث ارتفع بند مخصصات الجيش إلى 75.7 مليار جنيه، مقارنة بـنحو 61 مليار جنيه
بموازنة 2017/2018.
ووفقا لتقرير مؤسسة "Global Fire Power" فإن سبب تأخر ترتيب الجيش المصري في التصنيف يعود لعدم الاستقرار
الداخلي الذي تعاني منه البلاد، في وقت لا تزال ملتزمة بمحاربة الإرهاب داخل
حدودها بالإضافة إلى عدم استقرار دول الجوار.
العقيدة الغائبة
وعلق عضو لجنة
الدفاع والأمن القومي بالبرلمان المصري السابق، أسامة سليمان، بالقول "الجيش
المصري لا ينقصه عدة أو عتاد، إنما ينقصة عقيدة عسكرية سليمة لقياداته، تناسب مع
هويته وقيمه المصرية، وينقصة إرادة وطنية ممن يحكم مصر، فإذا كان النظام الذي يحكم
البلاد جاء على الدبابة فهذا يعني أن الجيش لا يسير بإرادة وطنية، وتتغير عقيدته
العسكرية وفق أجندة النظام الذي يحكمه في علاقاته مع أعدائه التاريخيين كالكيان
الصهيوني".
وأضاف لـ"عربي21" أن الجيش المصري
ينقصه انتماء حقيقي ممن يحكمه حتى يكون هو انتماء حقيقي للوطن؛ وبالتالي فإن تغير
العقيدة للجيش المصري، وتدخل مؤسسة الجيش في السياسة والحكم ومفاصل الدولة المدنية
كان سبب رئيسي في تراجعه في تصنيف أقوى الجيوش".
وفند نظرة ضابط الجيش للوظيفة باعتبارها
"سبوبة"، قائلا: "ضابط الجيش ينظر إلى المغانم والمكاسب التي سيحصل
عليها عندما يصبح ضابطا ثم ضابطا كبيرا، لذا فإن حالة التوغل الاقتصادي
والاهتمامات الاقتصادية التي توليها المؤسسة العسكرية لا بد أن تضعف العقيدة العسكرية،
وتضعف الاستعدادت، والاهتمام برفع الكفاءات ".
وتوقع أن يتراجع تصنيف مصر في السنوات المقبلة،
قائلا: "عندما تكون دولة يفقرها النظام الذي يحكم، ويحولها من دولة إلى شبه
دولة، وتتوجه ميزانية الدولة في اتجاهات أخرى، وصفقات شراء أسلحة لإرضاء دول
بعينها من أجل شراء شرعية مفقودة، فلابد أن يتراجع تصنيفه".
دولة فوق الدولة
وقال أستاذ العلوم السياسية، سيف
عبدالفتاح، لـ"عربي21": إن
"مهنية الجيوش أمر غاية في الأهمية، خاصة في الدول المعاصرة، إذ يعد واحد من
المؤسسات، وليس واحد من السلطات، ويجب أن نفرق بين السلطة والمؤسسة؛ في العلوم
السياسية هناك ثلاث سلطات رئيسية، تنفيذية
وتشريعية وقضائية، وهناك مؤسسات خادمة في الدولة".
مضيفا: "لكن للأسف الجيش المصري نشأ في
إطار دولة فوق الدولة، لكن في الآونة الأخيرة رغم أن هناك زيادة في الإنفاق على
تسليح الجيش، وزيادة موازنته إلا أن الجيش تتراجع قدراته وقواته.. لماذا؟ لإن من
مهنية الجيش وحياديته ألا يتدخل في الشأن السياسي، وحينما يتدخل العسكر في الشأن
السياسي يهتمون بأشياء أخرى غير وجودهم في الثكنات وحماية الحدود والوجود".
وأكد أن "الانخراط في المجال السياسي واحد
من أهم الأسباب في تراجع تصنيفه، خاصة أنه لا يجيد فن السياسة والعمل السياسي، ومن
ثم هو فاشل سياسيا ولا ينتهج إلا سياسة فاشية بوليسبة تقوم على صناعة الخوف، كما
أنه فاشل من الناحية العسكرية؛ لإنه انشغل في غير ما يجب أن ينشغل به في مسألة
التسليح والتدريب والعمليات المنوطة به في مواجهة العدو".
وتابع: الأمر
الآخر، هو الشق الاقتصادي، فالجيش ليس مؤسسة اقتصادية ولكن يمكن أن يقوم بسد بعض
الأمور التي تتعلق باحتياجاته الأساسية، ولكن ليس إلى الحد أن يكون له مشروعاته
الخاصة"، لافتا إلى أن "هذا كله يؤكد أن الجيش ابتعد كثيرا عن وظفيته،
وليس هناك من حل سوى عودة الجيش إلى ثكناته ويهتم بالأمور التي تتعلق بالحدود
والوجود، ولا شأن له بالسياسة والشأن الاقتصادي إلا في أضيق الحدود بما يخدم مؤسسة
الجيش وليس سلطة الجيش".