هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ذكرت تقارير إعلامية قبل عدّة أيام أنّ إسرائيل وتركيا تجريان الآن اتصالات خلف الأبواب المغلقة لإعادة العلاقات بينهما إلى ما كانت عليه قبل النزاع الذي نشب بين الجانبين إثر قيام إسرائيل بقتل 41 فلسطينيا على الأقل وجرح نحو 900 في أيار/ مايو الماضي، وهو أعلى عدد يسقط من الفلسطينيين في يوم واحد منذ العدوان على غزة في العام 2014.
ونتيجة للتمادي الإسرائيلي، هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إسرائيل آنذاك واصفاً إيّاها بالدولة الإرهابية التي ترتكب عملية إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، كما قامت الخارجية التركية باستدعاء سفيرها وطرد السفير الإسرائيلي من أنقرة، فيما قامت إسرائيل بدورها بالرد من خلال إعلام القنصل العام التركي بضرورة العودة إلى بلاده لبعض الوقت.
رواية مستغربة
واستناداً إلى الرواية الإسرائيلية التي تناقلتها بعض الوسائل الإعلامية مؤخراً، فإنّ الجانبين قرّراً استئناف التفاوض لإعادة العلاقات إلى ما كانت عليه قبل الأزمة الأخيرة. ولهذا الغرض أقلعت طائرة خاصة يوم الأحد الماضي من كل من البلدين باتجاه أبو ظبي، حيث يعتقد أنّ هذه الطائرات كانت تقّل شخصيات تقوم بالتفاوض حول القضايا المختلف عليها. ووفقاً لما أوردته صحيفة يدوعوت أحرنوت، إذا ما نجحت المفاوضات الجارية بين الطرفين، فقد يعيدان سفيرهما في بداية شهر تشرين أول/ أكتوبر المقبل.
وبالرغم من أنّ أيّاً من الجانبين لم يؤكد رسمياً هذه المعلومات أو يعلّق عليها، فإنّ مبدأ استئناف العلاقات بين البلدين إلى المستوى الذي كان عليه قبل الأزمة يمكن أن يكون وارداً، بدليل أنّ الطرفين كانا قد اتفقا ضمناً على أنّ الإجراء المتّخذ هو رد فعل على ما جرى، لكن الرواية الإسرائيلية المنقولة أعلاه غريبة من عدّة نواحي ولا تبدو مستساغة بالنظر إلى بعض المعلومات الواردة فيها.
على سبيل المثال، من غير المفهوم لماذا قد يختار الطرفان أبو ظبي في الإمارات العربية المتّحدة لعقد لقاءات تتعلق باستئناف العلاقة بينهما؟ إذا ما أراد المسؤولون الأتراك والإسرائيليون اللقاء في بلد ثالث فلديهما خيارات غير محدودة لفعل ذلك، سيما أنّ علاقات الإمارات السياسية ليست في وضع طبيعي حالياً مع تركيا، وبالتالي فإن اختيار أبو ظبي للقاء يبدو مستغرباً في أحسن الأحوال ويقوّض من صدقيّة الرواية.
لكن في سياق الحديث عن إمكانية استئناف العلاقات بين الطرفين، فإن هناك ما يثير الانتباه حقيقة في موقفهما في ما يتعلق بسوريا. فالجانب التركي يتجاهل تماماً قيام إسرائيل باستهداف مواقع تابعة لحزب الله اللبناني الموالي لإيران داخل سوريا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى استهداف المواقع الإيرانية، وهو أمر جيّد لأنّ الخطوات الإسرائيلية تصب في نهاية المطاف بشكل غير مباشر في صالح تركيا أيضاً. ويرى البعض في عملية غض الطرف هذه رسائل إيجابية تتعلق بالنفوذ الإيراني المتعاظم داخل سوريا، وهو ما قد يبني الطرفان عليه لاحقاً، ومن الممكن أن نتطرق له في مقال لاحق.