هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تثار تساؤلات حول مصير الفصائل التي أعلنت في بيانات لها رفضها لاتفاق إدلب بين تركيا وروسيا في سوتشي بشكل كامل، وكيف ستتعامل أنقرة معهم، إذ تسعى إلى وقف حملة عسكرية للنظام وحلفائه على المعقل الأخير للمعارضة السورية.
ومن أبرز الفصائل التي رفضت اتفاق أدلب "تنظيم حراس الدين"، المحسوب على القاعدة و"أنصار الدين"، وذلك في بيانات رسمية لهم.
ولكن الجماعة التي تعد الأبرز "تحرير الشام"، لا تزال تنتظر حتى اللحظة غير معلنة لموقفها، فهي لم تصدر أي بيان بهذا الشأن.
وتعليقا على الأمر، فقد قال القيادي في "تحرير الشام"، أبو خالد الحموي: "إن تحرير الشام تدرس عبر اجتماعات مكثفة لكوادرها وقاداتها الاتفاق، وسيكون لها بيان حول الموقف منه".
وقال القيادي لـ"عربي21": "تحرير الشام لم تبت لحد الآن بأي قرار حول الاتفاق، لكن الثابت لديها أنها ترفض تسليم السلاح، أو حل نفسها بالشكل الذي يراد لها أن تفكك نفسها به، فهي لا تحل نفسها إلا إذا تم تشكيل كيان جامع لكل مكونات الثورة وفصائلها، فعندها ستحل تحرير الشام نفسها".
واعتبر القيادي، أن "النظام وروسيا عدوان للثورة السورية، ولا يمكن الوثوق بهما، فهما سيهاجمان إدلب عاجلا أم آجلا، لذا يريدون منا أن نرمي السلاح لكي تسهل عليهم المعركة ضد إدلب، لكن هذا لن يكون، ونعتبر أنفسنا في حالة حرب مع الروس والنظام".
اقرأ أيضا: معارضون متفائلون بموافقة تحرير الشام على اتفاق إدلب بسوريا
وأضاف القيادي: "نحن نرفض أي اتفاق يعطل الجهاد ضد النظام وروسيا، ولن نرمي السلاح أبدا، وسنبقى نقاتل النظام، فكل هذه الاتفاقات هي خدعة لتسليم إدلب للنظام، دون أن يتكبد خسائر، وسبق أن غدرت روسيا بالفصائل في درعا وحمص والغوطة، وتجاوزت كل اتفاقات خفض التصعيد في الأستانا".
وأكد أن "روسيا رأت في اتفاقات خفض التصعيد سبيلا للقضاء على الجهاد والثورة ضد النظام، وهذا ما تريد موسكو أن تكرره في إدلب".
موقف تحرير الشام "الأهم"
في هذا الصدد، رأى الصحفي والباحث في شؤون الجماعات الجهادية خالد حسين، أن "الثقل الأكبر للهيئة وليس لحراس الدين والمجموعات القريبة من القاعدة فهي لا تأثير لها على الأرض".
وقال لـ"عربي21" إن "الهيئة لا تزال على علاقة مع تركيا، فأنقرة لم تقطع علاقتها، وتعمل على ترويض الهيئة تدريجيا، وملف التعامل مع تركيا بيد الجولاني، ولا ينازعه فيه أحد من القادة، وهو يتعامل مع الأتراك بحذر، وهم يتعاملون معه بتوجس، فكل منهما حذر من الآخر".
وأضاف أن "تركيا تتعهد للروس بإخضاع الرافضين أو مواجهتهم، ولكنها في حقيقة الأمر لم تقطع علاقتها بالهيئة، على الأقل حتى الآن، وترى فيها أفضل من يحمي المناطق الحدودية ويصد أي توسع أو تقدم للأكراد، وهي لم تر من الهيئة أذية أو ضررا، وتريد روسيا لتركيا أن تتورط في مطاردتهم، وأنقرة مترددة ولا تريد تكرار مواجهة أخرى كالتي خاضتها مع داعش في مدينة الباب".
ويبين الصحفي في حديثه، أن "الجولاني إن خضع لرغبة الأتراك فقد يواجه مشاكل من داخل الهيئة، وإن قاوم وعاند الأتراك، فسيخسرهم، وهو براغماتي لا يريد خسارة الأتراك، ولا الأتراك يريدون خسارة الهيئة، ثم حتى وإن رغب الجولاني في الاندماج مع الجبهة، فكثير من المقاتلين والقواطع لا تجاريه في اختياره، ولا توافقه في قراره، وقد تنضم للحراس أو المجموعات القريبة منهم فكريا".
وأوضح أن "الوضع معقد، والهيئة موقفها حتى الآن رافض لتسليم السلاح ورافض للمنطقة المعزولة، وقد يبعدون سلاحهم من هذه المنطقة لكي لا يستهدفوا، وقد يناورون كما تناور تركيا ربحا للوقت، لكن الروس يضغطون لاستعجال الحسم ليتفرغوا للتسوية وجني حصاد التدخل ويريدون أن يدعوا تركيا تقاتل بالنيابة عنهم".
من جهته، يرى الناشط حمد سفيان، أن تركيا نجحت في التعامل مع موضوع إدلب، وهي حريصة لتجنيب المدنيين ويلات المواجهة مع النظام.
وقال الناشط في حديث لـ"عربي21" إن "تركيا تعرف كيف تتعامل مع الفصائل الجهادية، وعندها خبرة في ذلك، ولأن الفصائل الجهادية تدرك أن تركيا ليست عدو للثورة السورية، فهي تطيعها، وقد تتجاوب مع مساعيها، كما أن تركيا لن تجاري الروس في أهدافهم، فهي تعرف أن الروس يريدون إيقاعها مع الفصائل، وهذا لن تقوم به تركيا".
اقرأ أيضا: مصادر توضح لـ"عربي21" موقف "تحرير الشام" من اتفاق إدلب
بدوره، قال القيادي السابق في تنظيم "جند الأقصى" قحطان الدمشقي: "اختلف الشارع وجمهور الشمال السوري عامة ومقاتلوه خاصة، على تفسير نتائج الاتفاق، فمنهم من عده نصرا استراتيجيا وكسرا لجبروت النظام، وإيقافا لطموحاته بالسيطرة على إدلب، وهذا رأي جمهور الفصائل الثورية المدعومة من الخارج".
وأضاف: "وقسم آخر رآه مؤامرة، ومقدمة لتسليم إدلب وتحقيق المصالحات مع النظام، لإعادة سيطرته على آخر معاقل المعارضة بالتدريج، وأكثرها صعوبة، وهذا رأي جمهور الفصائل الجهادية، التي أعلن معظمها عن رفض مقرراته التي تقتضي تسليم الجبهات التي حصنت ودشمت، وسحب السلاح الثقيل من المنطقة العازلة وتسليمه بمراحل أخرى".
وتابع بأن "الجهاديين يعتبرون أن الاتفاق تسليم لإدلب بالتقسيط، وعلى دفعات بما لا بحقق رغباتهم ولا رغبة المجتمع شمالا، وإنما مجرد حصيلة تفاهمات تضمن لتركيا وروسيا مصالحهما، وتقضي على مخاوفهما".
حرب على الفصائل الرافضة
وأضاف الدمشقي: "يبدو أن مصير الجماعات الجهادية التي جل عناصرها مهاجرون كالحزب التركستاني وأجناد القوقاز وجند الشام (الشيشانيين) وباقي المجموعات مرتبط بما ستعلنه هيئة تحرير الشام، التي قد يحدث بينها شرخ بين مؤيد ومعارض للاتفاق، فمنهم من يرى أنه أفضل الموجود، وتيار آخر يرى أن في ذلك خذلانا للتضحيات وتنازلات كبيرة لصالح المشروع الدولي والعلماني، الذي يناقض مبادئ الهيئة وما تأسست عليه".
وأوضح أن "تركيا وهي الطرف الضامن للجماعات المعارضة بشقيها الوطني والجهادي، ما زالت تحاور وتحاول تطبيق المقررات سلما، وذلك بالتنسيق مع فصائل الجيش الوطني والفصائل الجهادية حتى الآن، وقد تضطر إلى أن تلجأ للقوة أو تحرض فصائل الجيش الحر كالجبهة الوطنية للتحرير وفصائل درع الفرات وغصن الزيتون التابعة لها، على القضاء على المجموعات الجهادية الرافضة للاتفاق، بدعم منها، إذا وصلت إلى طريق مسدود مع الجهاديين".
وأوضح الدمشقي أن هذا سيترتب عليه تعقيدات واستنزاف للجميع في ظل الوضع الراهن وساحة الحرب المعقدة، وما سيتبعه من تغيرات قد يستفيد منها النظام والروس، بتغيير محاور الاتفاق والبدء بعمل عسكري يقضي على المنتصر من الاقتتال، الذي بدوره سيكون منهكا ومستنزفا ولا يقوى على القتال".
موافقة مشروطة
في هذا الصدد، رأى القيادي الجهادي الملقب بـ"أبي عزام أجناد" أن الفصائل الجهادية بما فيها تحرير الشام سترفض تسليم السلاح، أما الانسحاب فمن الممكن أن توافق عليه تحرير الشام بشروط ربما أهمها أن تضمن تركيا عدم تقدم النظام على تلك المناطق التي ستنسحب منها.
وقال القيادي لـ"عربي21": "أما التعامل مع الفصائل الرافضة للاتفاق فسيكون بمحاورتها مع تركيا التي تضغط الآن عليها بواسطة الفصائل المقربة منها، وإذا رفضت الفصائل الاتفاق فلربما نرى قتالا بين الفصائل الجهادية والفصائل التي تدعمها تركيا بشكل مباشر، التي أعلنت موافقتها على الاتفاق مثل الجبهة الوطنية للتحرير، وفصائل الجيش الحر الأخرى وفصائل درع الفرات".
وأشار إلى أن "الفصائل من الممكن أن تحارب الجهاديين مقابل إعطائها مزيدا من الدعم التركي، وكسب الشريعة في الداخل، فهي ترغب بالتخلص من نفوذ الجهاديين، فلا يمكن لتركيا أن تخوض حربا مباشرة مع الجهاديين لما يشكله ذلك من خطر عليها وعلى تواجدها في سوريا".
اقرأ أيضا: "تحرير الشام" تعلن كشفها عن موقفها من اتفاق إدلب "قريبا"
وأوضح أن الفصائل "لن تحارب نيابة عن الروس الذين يريدون أن تتورط تركيا في هذا الصراع، فهي تعرف الفخ المنصوب لها، ولذا فهي ستبقى تفاوض الجهاديين في محاولة منها لكسبهم ورقة ضغط تستخدمها ضد الروس والأكراد معا، وسنرى في الأيام المقبلة كيف سيكون عليه الأمر".
وأضاف القيادي: "الاتفاق لن يمنع النظام وروسيا من اقتحام إدلب، ربما يؤجل العمل العسكري لكن لا ينهيه، حيث إن النظام وروسيا يراهنان على اقتتال الفصائل فيما بينها، أو خوض تركيا لمعركة ضد الجهاديين الند الأكبر عسكريا للنظام، فالنظام يريد التخلص من الجهاديين دون أي تكلفة منه لكي يسهل عليه اقتحام إدلب الذي سيأتي لا محالة"، وفق قوله.
وكان بوتين وأردوغان قد اتفقا، الاثنين، في سوتشي على نزع السلاح من خط التماس بين قوات المعارضة والنظام السوري في محافظة إدلب، بحلول 15 تشرين الأول/ أكتوبر. ووقع وزيرا دفاع البلدين على مذكرة تفاهم بشأن استقرار الوضع في إدلب.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على مساحات واسعة من إدلب، وينص الاتفاق التركي الروسي على انسحاب من أسماها "الفصائل المتشددة" ويقصد بها هيئة "تحرير الشام"، من المنطقة منزوعة السلاح خط الجبهة بين قوات النظام والمعارضة، بحلول 15 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.