هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للكاتبة مارك لاندلر، تتساءل فيه عن السبب الذي يدفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمواصلة الدفاع عن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، رغم الأدلة المتزايدة عن علاقته المباشرة أو غير المباشرة بمقتل الصحافي جمال خاشقجي.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ترامب شدد من موقفه بالإشارة إلى عدم وجود أي علاقة لولي العهد السعودي بالجريمة، لافتا إلى أن ترامب شجب القادة السعوديين؛ لارتكابهم "أسوأ عملية تستر في التاريخ"، لكنه وصف السعودية بالحليف "المذهل"، حتى بعد توصل المخابرات الأمريكية "سي آي إيه" إلى تورط ولي العهد بالجريمة.
وتنقل لاندلر عن ترامب، قوله إنه سينتظر التقارير الأمنية التي ستصله يوم الثلاثاء، وبدا مقللا من أهمية التقرير حتى قبل أن يصدر، مشيرا إلى أنه لن يحدد بشكل واضح المسؤول عن الجريمة، ويخاطر في مواجهة مع الوكالات الأمنية.
وتلفت الصحيفة إلى أن ترامب تساءل في مقابلة مع "فوكس نيوز"، قائلا: "هل هناك من يعلم حقا، حسنا هل هناك من يعلم؟"، ولم يظهر أي اهتمام بالدليل الحيوي في القضية: التسجيل الذي يسجل اللحظات الاخيرة لجمال خاشقجي في اسطنبول، الذي شاركت فيه السلطات التركية المخابرات، مشيرة إلى أن ترامب قال إن لا سبب يدعوه للاستماع إلى هذه التسجيلات؛ لأنه "شريط معاناة، إنه شريط رهيب".
ويجد التقرير أن "تصريحات الرئيس هي تلخيص حي لعمق ما استثمره دونالد ترامب في ولي العهد، الذي أصبح مركز استراتيجية الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط: من إيران، إلى التسوية السلمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والإدمان على شراء السلاح الأمريكي، مع أن معظم هذه الصفقات لم توقع بعد".
وترى الكاتبة أن "تصريحات ترامب تكشف عن عناد من الرئيس للحفاظ على حليفه، فهو لا يريد الاستماع إلى الأدلة التي قد تؤدي إلى هز ثقته حتى لو خلقت له مشكلة مع المخابرات الأمريكية، وبدا التوتر واضحا نهاية الأسيبوع عندما ربطت (سي آي إيه) الأمير محمد بمقتل خاشقجي، وأصدرت الخارجية الأمريكية بيانا، أكدت فيه عدم توصل الحكومة إلى نتيجة، وقالت إنها لا تزال في صدد البحث عن أدلة ذات علاقة".
وتقول الصحيفة: "بالنسبة لترامب فإن نفي محمد بن سلمان أي علاقة بالجريمة كاف، وذلك من خلال المكالمات الهاتفية بينهما، ويذكّر دفاع ترامب عن الأمير بموقفه من التدخل الروسي في انتخابات عام 2016، ومحاولة القول إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نفى هذا عندما سأله، وكما في حالة السعودية فقد أصبحت هذه البيانات غير مقنعة وبشكل متزايد".
ويورد التقرير نقلا عن الخبير في شؤون السعودية في معهد بروكينغز، بروس ريدل، قوله إن ترامب "يظهر كم هو يائسون.. هم يبدأون من حقيقة عدم قدرتهم على إنكار مسؤولية محمد بن سلمان".
وتعتقد لاندلر أن موقف ترامب يظهر المدى الذي أصبحت فيه السياسة الخارجية الأمريكية معزولة، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي طالب بـ"وضوح كامل" من السعوديين حول مقتل خاشقجي، الذي عاش في فيرجينيا، وعمل كاتب عمود في صحيفة "واشنطن بوست"، وحتى الدول الأخرى، مثل إسرائيل ذات الصلات الاستراتيجية مع السعودية، فإنها لم تدافع بشكل كامل عن الأمير محمد.
وتنقل الصحيفة عن الجمهوريين والديمقراطيين في الكونغرس، قولهم إنهم سيدفعون باتجاه خطوات لمعاقبة السعودية، وكتب السيناتور الجمهوري عن تينسي ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ بوب كروكر، تغريدة في يوم السبت، قال فيها "كل شيء يؤشر إلى ولي العهد السعودي (أم بي أس) وانه أمر بقتل الصحافي جمال خاشقجي".
وبحسب التقرير، فإن الإمارات العربية المتحدة، جارة السعودية، راغبة في إنهاء مشروع الأمير محمد في السياسة الخارجية، المتمثل في حرب اليمن، حيث يشترك البلدان في حرب الحوثيين، الذين أعلنوا يوم الأحد عن استعدادهم لوقف إطلاق النار لو فعل السعوديون ذلك، مشيرا إلى أن مستشار الأمن القومي جون بولتون قابل ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في العاصمة الإماراتية الأسبوع الماضي، وناقش الاثنان ضرورة تسريع نهاية للحرب التي قتلت الآلاف من المدنيين، والتي أصبحت الهدف الرئيسي للمشرعين الأمريكيين.
وتنقل الكاتبة عن بولتون، قوله في رحلته إن التسجيلات لا تربط محمد بن سلمان بالجريمة، أما ترامب فلم يقل إنها تسلط الضوء على دور محمد بن سلمان، لكنه قال إنه لن يتعلم من خلال الاستماع إليها، لافتة إلى أن البيت الأبيض أوقف عمليات تزويد الوقود للطيران السعودي المشارك في الحرب اليمنية، وأشار ترامب إلى قرار الخزانة معاقبة 17 سعوديا متورطين في الجريمة، بعضهم من مقربي محمد بن سلمان.
وتذكر الصحيفة أن القائمة ضمت سعود القحطاني، وهو أحد مستشاري محمد بن سلمان البارزين، لكنها لم تشمل نائب مدير المخابرات أحمد عسيري، الذي يقول المسؤولون السعوديون إنه دبر العملية في القنصلية السعودية في يوم 2 تشرين الأول/ أكتوبر.
وينوه التقرير إلى قول ترامب: "أريد أن أحافظ على حليف جيد"، وأكد أن صفقات الأسلحة السعودية خلقت فرص عمل لصناعة السلاح الأمريكية، مشيرا إلى أن محللين دفاعيين قالوا إن السعودية وإن تعهدت بشراء أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار، إلا أن ما تم الاتفاق عليه لم يتجاوز 14.5 مليار دولار، وربما كانت الأرقام الحقيقية أقل.
وتورد لاندلر نقلا عن ريدل، قوله إن السعوديين لم يكملوا ولا صفقة سلاح منذ وصول ترامب إلى الحكم، مشيرة إلى أن السعودية تعد مركز استراتيجية ترامب في مواجهة إيران، وزادت المملكة من إنتاج النفط للحفاظ على استقرار السوق، لكنها تفكر في تخفيض إنتاجها بعدما أعفى الرئيس الأمريكي عددا من الدول من العقوبات المفروضة على الطاقة الإيرانية والنظام المصرفي فيها.
وتشير الصحيفة إلى أن مستشار الرئيس وزوج ابنته جارد كوشنر، يعد الأمير محمد حليفا قويا لخطة السلام التي يعمل عليها، مستدركا بأنه بالرغم من أنه عمل على تحديد الرد السعودي من نقل الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس، إلا أن والده الملك سلمان عاد وأكد أن لا حل دون دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
ويرجح التقرير استخدام مقتل خاشقجي للضغط على السعودية لتخفيض وتيرة الحرب في اليمن، ووقفها بشكل تام؛ نظرا للعواطف المتأججة في الكونغرس بشأن اليمن، مستدركا بأن خبراء السعودية يحذرون من أثر هذا على سمعة ابن سلمان وصورته في داخل البلاد.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول ريدل: "من الواضح أن إدارة ترامب تحاول شراء سكوت الكونغرس باليمن.. لكن هذا لن يحل المشكلة الرئيسية، وهي أن محمد بن سلمان قوة تؤثر على استقرار المنطقة".
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)