هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
يتابع الفلسطينيون عن كثب تداعيات الأزمة السياسية في دولة الاحتلال، في ظل مخاوف من إقدام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على توجيه ضربة عسكرية للقطاع، بعد نجاح المقاومة الفلسطينية في فرض معادلتها للردع خلال العدوان الأخير على القطاع منتصف الأسبوع الماضي.
ورغم نجاح نتنياهو في الإبقاء على ائتلافه الحاكم رغم استقالة وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان وانسحاب حزبه من الحكومة، إلا أن استمرار حزب البيت اليهودي بزعامة نفتالي بينيت كان طوق النجاة بالنسبة لحكومة نتنياهو للاستمرار في عملها لحين إجراء الانتخابات القادمة.
وتركت كلمات نتنياهو في خطابه مساء الأحد انطباعا عاما في الشارع الفلسطيني بأن قبول الحكومة الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار، لم يأت إلا من منطلق الاستعداد لجولة جديدة من التصعيد وفتح كافة السيناريوهات بما فيها شن عملية عسكرية على القطاع.
اختلال ميزان الردع
إلى ذلك أكد مدير مركز القدس للدراسات الإسرائيلية، علاء الريماوي، أن "فشل العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة على قطاع أظهرت مدى اتساع حالة الاستقطاب الواضحة داخل الائتلاف الحاكم، وحاول نتنياهو رغم اهتزاز الحكومة باستقالة ليبرمان أن يستدرك هذه الأزمة عبر إلقاء اللوم والمسؤولية على أحزاب اليمين بأنهم جزء من منظومة الفشل العسكري والميداني، وأن تقديم استقالتهم يعتبر بمثابة تقديم ورقة انتصار مجانية لحركة حماس".
اقرأ أيضا: تقدير إسرائيلي: الحرب مع حماس عدمية.. بعيدا عن الشعارات الجوفاء
في حين يرى المختص في الشؤون الإسرائيلية، صالح النعامي، أن "كل الآراء السياسية في إسرائيل تتفق على أن ميزان الردع في الجولة الأخيرة للعدوان مال لصالح المقاومة الفلسطينية على حساب إسرائيل، وهذا ما شكل ضغطا شعبيا وسياسيا غير مسبوق على الحكومة للمطالبة بضرورة إعادة الاستقرار والثقة للجيش والحكومة على حد سواء".
سيناريوهات المرحلة القادمة
وأضاف النعامي في حديث لـ"عربي21" "أمام إسرائيل ثلاث خيارات لتحقيق هذا الغرض، أولها مفاجأة نتنياهو حركة حماس عبر توجيه ضربة عسكرية واسعة لها في غزة، والسيناريو الثاني ترقب الحدود في لبنان بعد إشارات عن وجود مخاطر في الجبهة اللبنانية في ظل تقارير استخباراتية تتحدث عن بناء حزب الله لمصانع صواريخ دقيقة في لبنان قد تشكل تهديدا للأمن الإسرائيلي..
أما السيناريو الثالث فهو وجود معلومات لدى إسرائيل عن نية إيران توجيه ضربة لإسرائيل من خلال عناصر موالية لها في سوريا للضغط على المجتمع الدولي بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة عليها".
واتفق الريماوي مع سابقه، وأضاف لـ"عربي21" أن "نتنياهو سيحاول الخروج من الضغط السياسي والشعبي الذي يتعرض له من خلال تحقيق صورة انتصار أمام الجمهور الإسرائيلي عبر تنفيذ عملية اغتيال لشخصية بارزة من الجهاز العسكري لحركة حماس سواء داخل قطاع غزة أم خارجه، والدخول بعد ذلك في عملية عسكرية محدودة في ظل إدراكه أن حماس لا ترغب في الانجرار لحرب مفتوحة، وهذا الأمر سيعيد الاستقرار لحكومته من جهة، ويرفع من أسهمه في تحقيق رصيد انتخابي يمكنه من الاستمرار في منصب رئيس الحكومة لفترة جديدة".
كان لافتا منذ انتهاء جولة التصعيد الإسرائيلي الأخير على غزة، استمرار المظاهرات الشعبية يقودها المستوطنون في الأراضي المحتلة لليوم السابع على التوالي التي تطالب الحكومة بضرورة الرد على حركة حماس بعد أن نجحت فصائل المقاومة في إطلاق ما يزيد على 400 قذيفة صاروخية على مستوطنات غلاف غزة خلال أقل من 48 ساعة، كما قدرت الخسائر الإسرائيلية جراء هذه الصواريخ بـ 15 مليون شيكل (4 ملايين دولار) وفقا لمصادر إسرائيلية.
اقرأ أيضا: خبير عسكري إسرائيلي يشرح محاور النصر الخمسة لحماس
من جانبه أشار الباحث في مركز التخطيط الفلسطيني المختص في الشؤون الإسرائيلية، خالد شعبان، إلى أن "الاستراتيجية الإسرائيلية في التعامل مع قطاع غزة ستتمثل في تفويض الحكومة للجيش بإبقاء الأوضاع الميدانية تحت السيطرة دون أن تتدحرج الأمور لحرب مفتوحة، من منطلق أن غزة بالنسبة لنتنياهو تعتبر في ذيل الأولويات مقارنة بالتهديدات القادمة من سوريا وإيران، وهذا سبب الخلاف والتباين في وجهات النظر بين نتنياهو وكلا من نفتالي بينيت وأفيغدور ليبرمان".
وأضاف شعبان في حديث لـ"عربي21": "يدرك نتنياهو أن المزاج العام في المجتمع الدولي بات يرى بأن قضية غزة تنحصر في أزمة إنسانية من الممكن التغلب عليها من خلال تقديم مساعدات غذائية ومالية عبر كل من قطر ومصر، ولكن هذا لا يمنع من إقدام إسرائيل على تنفيذ عمليات استخباراتية وميدانية قصيرة الأذرع لاغتيال الشخصيات التي تشكل تهديدا على الأمن الإسرائيلي، أو استكشاف أماكن تواجد الأنفاق ومنصات الصواريخ ومحاولة وضعها في بنك الأهداف في حال تدحرجت الأوضاع لمواجهة بين الجانبين".