هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
تباينت ردود الفعل حول قرار محافظ البنك المركزي المصري بإصدار عملات
بلاستيكية بديلة بحلول عام 2020، على أن يبدأ الإصدار بالعملات الورقية من قيمة
جنيه وخمسين قرشا و10 جنيهات، التي يمكن أن تتطور لإصدار فئات أكبر إذا نجحت
التجربة.
وطبقا
لمسؤولين في البنك المركزي المصري، فإن الإصدار البلاستيكي سيكون بمناسبة افتتاح
المقر الجديد للبنك المركزي في العاصمة الإدارية الجديدة، وإنها ستكون باكورة
إنتاج المطبعة الجديدة للبنك التي يقوم بإنشائها في العاصمة الإدارية.
وقد عدد المؤيدون لخطوة النقود البلاستيكية العديد من المزايا، سواء
من حيث عدم خطورتها على البيئة، أو لصعوبة تزويرها، على عكس العملات الورقية، بينما
رأى فريق الرافضين أن العالم يتجه نحو التعاملات غير النقدية، وهو ما يحدث بمصر
أيضا، كما أن طباعة العملة البلاستيكية، لن يكون له مردود إيجابي على قيمة الجنيه
المصري.
ووفق رؤية الخبير المصرفي محمود عويس، فإن العملة المقترحة معمول بها
في أكثر من 20 دولة، أبرزهم أستراليا وإنجلترا والهند، وهي تتمتع بعدة مميزات، لأنها
مصنوعة من مادة "البولمير" البلاستيكية صديقة للبيئة، وتمتاز بالمرونة
والسُمك الأقل، فضلا عن عمرها الافتراضي الذي يزيد خمسة أضعاف على العملات الورقية.
ويضيق عويس لـ"عربي21" أن
العملة البلاستيكية تقلل من عمليات التزوير، وسيكون لها شكل جذاب يساعد على تقبل
الناس لها، وتفضيلها على باقي العملات الأخرى المساوية لها في القيمة الشرائية.
ويشير
الخبير المصرفي أن هذه العملة تتميز كذلك بأنها مقاومة للتلف إذا تعرضت للماء،
وليست ناقلة للجراثيم والأمراض المعدية، وهو ما يجعلها في النهاية أقل إهدارا من
أوراق البنكنوت.
على الجانب الآخر، يؤكد الخبير الاقتصادي مختار شريف لـ"عربي21" أن التطور التكنولوجي
مطلوب، لكنه في الوقت نفسه لا بد أن يكون له فائدة على قيمة العملة الشرائية، وأن
يكون مواكبا للتطور الاقتصادي والمالي على مستوى العالم.
وينتقد شريف تصريحات مسؤولي البنك المركزي بأن هذه الخطوة تعكس
التقدم الذي يشهده الاقتصاد المصري، موضحا أن إصدار عملة جديدة ليس له علاقة
بالتقدم أو النمو الاقتصادي من قريب أو بعيد، لأنه جانب تقني، وليس له تأثير
إيجابي على حركة السوق، كما أنه لن يساعد على زيادة القيمة الشرائية للعملة
المصرية، سواء كانت ورقية أو معدنية أو بلاستيكية.
ويشير شريف إلى أن تكلفة طباعة هذه العملة عدة أضعاف العملة الورقية
المصنوعة من الورق والقطن، وهو ما يحمل الخزانة المصرية أعباء إضافية ليست في حاجة
إليها، ولذلك كان أولى بالبنك المركزي الذي يضع السياسات النقدية والبنكية، أن
يوجه مجهوده في انتشال الجنيه من الانهيار أمام الدولار منذ تحرير سعر الصرف في
2016.
وهو ما يتفق معه محلل الأداء المالي حسام الغمري، الذي يشير إلى أن
العالم يتجه نحو المعاملات المالية المباشرة التي لا يتم استخدام البنكنوت فيها،
وهو ما يعرف بخدمات الدفع المباشر "أون لاين"، الذي شهد توسعا ملحوظا
في مصر خلال السنوات الخمس الماضية، وبالتالي فإنه كان يجب على البنك المركزي
تطوير هذه الآلية التي سوف تقضي في المستقبل على التعامل الورقي، لا أن يتجه نحو
تطوير التعامل الورقي ليصبح بلاستيكيا.
ويؤكد الغمري لـ"عربي21" أن
هناك تخوفات متزايدة من نقص قيمة النقود في ظل زيادة التضخم وتراجع معدلات النمو،
وتجاوز الديون عن معدلات الأمان، وقد توافقت النظم الاقتصادية على أن العلاج
الأفضل لذلك، من خلال إصدار فئات نقدية أكبر قيمة من الموجودة، وهو ما لا نجده في
تصريحات مسؤولي البنك المركزي، الذين يؤكدون أن العملات البلاستيكية التي سيتم
إصدارها ستكون من فئات جنيه ونصف جنيه وعشرة جنيهات.
وحسب رأي الغمري، فإن خطة البنك المركزي تتضارب مع توجه الحكومة
الممثلة في وزارة المالية لنشر ثقافة التعامل من خلال الأسلوب اللانقدي، في إطار
خطة الشمول المالي الذي تسعى الحكومة إلى تطبيقه، بما يعني التوسع في التعامل
الإلكتروني، كحل لزيادة معدلات النمو، والحد من التضخم في حجم التعاملات المالية.
ويشير المحلل المالي أن وزير المالية المصري، محمد معيط، أكد أن
البرلمان سوف يناقش قبل نهاية العام الجاري مشروع قانون تطوير المعاملات المالية
غير النقدية، بهدف حد التعامل بالنقد الورقي، وفي المقابل إنشاء سياسات نقدية تحفز
المجتمع على الدفع الإلكتروني من خلال فتح حسابات بنكية.
ويرى الغمري أن البنك المركزي في هذه الحالة يسير عكس تيار الحكومة،
ما يثير العديد من التساؤلات والشكوك حول السبب من وراء هذه الخطوة، وهل خضعت
لدراسة دقيقة، أم أن الأمور لا تخرج عن الدعاية المعتادة بأن الجهاز المصرفي
المصري دائما في المقدمة والتطوير، بينما الحقيقة أن هذا التطوير شكلي، بدليل
الفشل في مواجهة انهيار الجنيه أمام الدولار بعد قرار التعويم المشؤوم.