هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذر برلمانيون واقتصاديون مصريون من توسع نظام الانقلاب العسكري برئاسة عبد الفتاح السيسي، في سياسة الإجلاء القسري لقرى ومدن بكاملها، من أجل خدمة مستثمرين عرب وأجانب نافذين.
وأشار الخبراء الذين تحدثوا لـ "عربي21" أن ما جرى مع سكان نجع أبو عصبة بمحافظة الأقصر قبل أيام، من إخلاء منازل سكان القرية بالقوة الجبرية، تحت مبرر تطوير طريق الكباش الأثري، يأتي في إطار سياسة عامة تنتهجها الحكومة المصرية، التي تستخدم شعار "المنفعة العامة" لتبرير نزع الأراضي وهدم البيوت وتشريد آلاف المواطنين.
ووفق قراءة للخبراء والمختصين، فإن 39 بالمئة، من إجمالى الكتلة العمرانية بأرجاء مصر، مهددة بذات مصير نجع أبو عصبة، وجزيرة الوراق، ومثلث ماسبيرو، ونزلة السمان، وهو ما يعني إمكانية الإخلاء القسري لأكثر من 226 مدينة تحت مبرر تطوير العشوائيات.
وحسب التقرير الأخير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري، فإن مساحة المناطق العشوائية بمصر تبلغ 160 ألف فدان، وتصل نسبة المناطق العشوائية بمحافظات سوهاج والشرقية وبني سويف ما بين 65 و71% من إجمالي هذه المحافظات، وتعد محافظة الإسكندرية الأولي من حيث انتشار العشوائيات، بنسبة 12.5 بالمئة، من إجمالي مساحة مدن المحافظة، تليها القاهرة بنسبة 12 بالمئة، ثم الجيزة بـ9.6 بالمئة.
شراكة مشبوهة
وفي تعليقه على سياسة الإخلاء القسري يؤكد وكيل لجنة الإسكان السابق بالبرلمان المصري، عزب مصطفى لـ "عربي21"، أن العشوائيات تمثل أزمة لمصر لا يمكن إنكارها، ولكنها نتيجة لفشل السياسات والبرامج الحكومية، سواء في مشروعات تطويرها، أو في منظومة إنشاء المدن الجديدة بشكل عام، وكذلك منظومة التعويضات الخاصة بالإجلاء والإخلاء.
اقرأ أيضا: مصر.. تهجير جديد لصعايدة بالأقصر قبيل العيد
ويضيف مصطفى: "ما جعل حكومة الانقلاب مختلفة عن سابقاتها، أنها تستخدم القوة المفرطة، تحت شعارات رنانة، ومن خلفها وسائل إعلام محلية، تمارس الدجل والتشويه لقلب الحقائق، وإبراز الأهالي بأنهم المخطئون وأنهم المعتدون على أملاك الدولة، وأنهم الذين يقفون بوجه التطوير والتنمية".
ويشير البرلماني السابق إلى أن دخول القوات المسلحة كشريك في معظم المشروعات العمرانية، والمدن الجديدة، دعم استخدام الحكومة لليد الغليظة، في إخلاء المدن، التي كانت مطمعا لمستثمرين عرب، مثل مثلث ماسبيرو الذي شهد عملية تطوير حضاري قبل سنوات.
ويوضح مصطفى، أن الحكومة بعد أن أنفقت الملايين باسم تطوير المثلث، فجأة قررت هدمه من أجل الاستثمارات الإماراتية، ولا يخفى على أحد الموقع المتميز للمثلث بقلب القاهرة، حيث يقع بين مبنى الإذاعة والتلفزيون ومبنى وزارة الخارجية بكورنيش النيل، وهو الأمر ذاته الذي تكرر في جزيرة الوراق التي تعد مطمعا إماراتيا منذ حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وبحسب مصطفى، فإنه لا يعترض على التطوير، ولكن ما يثير التساؤل، هو لماذا يرفض الأهالي الإخلاء، ولماذا لا تستجيب الحكومة لمطالبهم بتقنين وضعهم القانوني في حيازة الأراضي التي ولدوا، ونشأوا، وتربوا فيها، ولماذا تتقصّد الحكومة مدنا دون أخرى، ولماذا لا يسري على هذه المدن قانون المصالحات في مخالفات البناء، الذي أقره برلمان السيسي مؤخرا؟
ويرى وكيل لجنة الإسكان السابق، أن الفائدة التي تعود من الإخلاء القسري لمدن بكاملها، لم تصب حتى الآن في صالح المواطن المصري، وإنما صبت في صالح إسرائيل كما حدث مع مدينة رفح بسيناء التي تم إخلاؤها من أجل إنشاء منطقة عازلة تحمي أمن إسرائيل، كما صبت في صالح الإمارات الطامعة بجزيرة الوراق التي هي الأكبر وسط النيل، ونزلة السمان بقلب الأهرامات، ومثلث ماسبيرو، أما نجع أبو عصبة فيبدو أن له أهدافا خاصة لصالح رجال البيزنس داخل الجيش المصري.
العمل لصالح الغير
وحسب الخبير الاقتصادي كامل المتناوي، فإن سياسة النظام الحالي هي العمل لصالح الغير، بمعنى أنه يقوم بعقد الصفقات مع بعض الدول ورجال الأعمال البارزين الذين يريدون الاستفادة من الأراضي المميزة، وبالتالي يقوم النظام باستخدام الجيش الذي له حق الضبطية القضائية لإخلاء هذه الأراضي، لأنه لا يستطيع أحد الوقوف ضد قوات الجيش.
اقرأ أيضا: جزيرة الوراق وماسبيرو ونزلة السمان.. وجه آخر لنظام السيسي
ويؤكد المتناوي لـ "عربي21" أن منظمة العفو الدولية، أصدرت تقريرا يمثل كارثة تنتظر 12 مليون نسمة هم سكان المناطق العشوائية بمصر، حيث أكد التقرير أن مصير هذا العدد الكبير من المواطنين أصبح مهددا بعد أن التفت نظام السيسي للمناطق العشوائية التي تجاور المدن الشهيرة، مثل المهندسين والعجوزة والزمالك والدقي ومصر الجديدة والمعادي بالقاهرة فقط، على سبيل المثال.
ووفق الخبير الاقتصادي، فإن النظام الحالي استخدم قانون المنفعة العامة، الذي يعطيه الحق في نزع الملكية وفرض التعويضات التي يحددها دون أن يتعرض للمساءلة القانونية، بالإضافة لغياب الرقابة البرلمانية والتكتم الإعلامي على تحركات النظام، ما جعله دائما في موضع المتهم.
ويضيف المتناوي أن توسع النظام في إنشاء المدن الفاخرة، جعله يلتفت للعشوائيات المتميزة لطرحها للاستثمار، بدليل أنه لم يقترب من العشوائيات الملاصقة لمدن متوسطة المستوى، وإنما التفت لعشوائيات بعينها تقع بأماكن مميزة، ما يجعلها سهلة التسويق للعرب والأجانب.