كشفت
صحيفة معاريف
الإسرائيلية، أن
مصر أصبحت واحدة من أهم زبائن
الأسلحة الإسرائيلية،
ضمن مجموعة أخرى من الدول العربية، تأتي بمقدمتها السعودية
والأردن والإمارات وقطر، وسلطنة عمان، ومؤخرا العراق.
وحسب
تقارير أخرى لصحيفة هآرتس الإسرائيلية، فإن عام 2010 كان بداية فتح الباب أمام
شراء مصر للأسلحة الإسرائيلية، خاصة المتعلقة بالتجسس وحماية الحدود، إلا أن ثورة
25 يناير 2011 أوقفت هذا المشروع الذي عاد مرة أخرى من خلال نظام الانقلاب العسكري
برئاسة عبد الفتاح السيسي.
وكان
المحلل العسكري لـصحيفة معاريف، يوسي ميلمان، أكد في مقال مطول بالصحيفة نهاية أيار/
مايو الماضي، أنه رغم وجود قانون إسرائيلي بمنع توريد وبيع الأسلحة للدول العربية
المعادية، بما في ذلك بيع معدات الهايتك والسايبر والاستخبارات، إلا أن وزارة
الأمن الإسرائيلية تبيع أسلحة ووسائل قتالية لعدد من الدول العربية، منها الأردن
ومصر والسعودية وإقليم كردستان في العراق والإمارات والبحرين وغيرها من الدول.
ورغم
الضجة التي أثارها الموضوع، إلا أن المسؤولين المصريين فضلوا الصمت، خاصة أن
الصحيفة الإسرائيلية لم تكشف عن طبيعة هذه الأسلحة أو قيمة الصفقات التي تم
إبرامها بين الجانبين المصري والإسرائيلي، في حين تناولت الصحف المصرية الموضوع
بعد حذف الفقرة المتعلقة بمصر في التقرير.
الخبراء
والمختصون الذين تحدثوا لـ"
عربي21"، أكدوا أن العلاقات القوية التي تجمع
السيسي بقادة إسرائيل تسمح بهذا الإجراء، في إطار خطط السيسي بفرض إسرائيل كأمر
واقع على الجيش المصري، سواء من ناحية العقيدة العسكرية، أو فيما يتعلق بالتسليح.
ويرى
المختصون أن اعتراف السيسي في حديثه التليفزيوني لقناة cbs الأمريكية مطلع كانون الثاني/ يناير
الماضي، بوجود تنسيق وعلاقات مشتركة مع إسرائيل في العملية العسكرية الدائرة
بسيناء منذ 9 شباط/ فبراير 2018، يؤكد أن العلاقات بين نظام السيسي وإسرائيل
تجاوزت الأطر السياسية والاقتصادية للمجال العسكري.
"تحطيم
معادلة القوة"
وحسب
تعليق وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري السابق محمد جمال حشمت لـ"
عربي21"،
فإن وصول السلاح الإسرائيلي للجيش المصري يمثل قمة الخيانة من النظام العسكري
للأمن القومي المصري، حتى لو كانت العلاقات قوية بين النظامين المصري والإسرائيلي.
ويضيف
حشمت: "ما يحدث أكبر من دعم سياسي مشترك بين نظام السيسي وحكومة نتنياهو، لأن
السيسي بهذه الخطوة يريد تسليم الجيش المصري لإسرائيل، لتحطيم فلسفة معادلة القوة
التي كانت تعتمد عليها مصر منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين الطرفين".
ووفق
البرلماني السابق، فإن السيسي يفعل ما يريد، بعد أن فرَّغ مصر من أي معارضة، وسيطر
على الأجهزة الرقابية والإعلامية والبرلمانية والقضائية، وفرض السرية الكاملة على
صفقات التسليح وموازنة الجيش، ما جعل مثل هذه الكوارث تمر مرور الكرام،
وكأنها لا تعني الأمن القومي المصري والعربي.
ويوضح
حشمت أنه "مهما كانت نوعية الأسلحة التي حصلت عليها مصر من إسرائيل، فإنها في
النهاية ستكون لخدمة إسرائيل وليس لخدمة الأمن القومي المصري، وهو حلم كان بعيد
المنال عن قادة إسرائيل قبل الانقلاب العسكري الذي قام به السيسي في تموز/ يوليو 2013،
وكان سببا في أن تتحول مصر من دولة تهدد إسرائيل عسكريا، لدولة تعمل على حماية
أمنها بمختلف الوسائل".
"تعاون
قديم"
ووفق
الباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية سمير الطوخي، فإن التعاون العسكري المصري
الإسرائيلي ليس جديدا، مستدلا بتقرير سابق لصحيفة هآرتس في 2013، كشفت فيه قيام
إسرائيل بشراء أسلحة بريطانية لصالح عدد من الدول العربية من بينها مصر، التي
اشترت بالفعل في 2010 منظومات حرب إلكترونية ومركبات حربية بريطانية، وطائرات دون
طيار ورادارات، وأجهزة تشويش.
ويؤكد
الطوخي لـ"
عربي21"، أن إسرائيل تقوم بتصدير 55% من إنتاجها العسكري
لدول عربية وإسلامية، في إطار خطتها لتكون المصدر رقم واحد لدول الشرق الأوسط في
الحصول على السلاح، باعتبار أن ذلك يساعدها اقتصاديا، كما يدعم تحكمها في الجيوش
والأنظمة من خلال السيطرة على السلاح.
على
جانب آخر، يشير الخبير العسكري والاستراتيجي مجدي الأسيوطي لـ"
عربي21"،
إلى أن قادة الجيش المصري ظلوا لسنوات طويلة حريصين على وجود توازن في التسليح مع
إسرائيل، ورغم أن الكفة كانت تميل لصالح إسرائيل التي كانت تحصل على الأسلحة
الأمريكية الأكثر تفوقا وتقدما، إلا أن الجانب المصري كان يحاول تعويض ذلك بإدخال
تعديلات على الأسلحة الموجودة لديه، حتى يظل هذا التوازن قائما بين الطرفين.
ويضيف
الأسيوطي:" الآن نحن نستورد الأسلحة من إسرائيل، وهو ما يقضي تماما على فكرة
التوازن التسليحي، ويجعل الجيش المصري تحت رحمة إسرائيل بشكل مباشر، بعد أن كانت
تحت رحمتها بشكل غير مباشر، نتيجة السيطرة الأمريكية على التسليح المصري".
ويري الأسيوطي أن
الخطورة ليست في نوعية الأسلحة التي يتم استيرادها، ولكن في توسيع التعاون العسكري
ليشمل التسليح ثم التدريب، ثم المناورات المشتركة، وهو ما يخدم أمن إسرائيل ويضر
بالأمن القومي المصري.