هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
فوضى «التغريدات» التي تنطلق من حسابات كبار المسؤولين الأمريكيين على «تويتر»، وعلى رأسهم الرئيس دونالد ترامب ذاته، باتت مربكة لقادة دول منطقتنا ومراقبيها، سيما بعد أن أصبح «تويتر» هو المكان الأمثل، لمراقبة تقلبات السياسة الأمريكية ومتابعة مواقف واشنطن حيال أزمات المنطقة والعالم.
للحظة
ظننا أن واشنطن ماضية إلى «حرب خليجية رابعة»، بعد أن وجهت أصابع الاتهام لإيران
مباشرة عن الهجمات التي تعرضت لها منشآت «أرامكو»... الرئيس أبقى لإيران «ميزة
الشك»، هو رجح ولم يجزم بأن الهجمات انطلقت من أراضيها... فجأة تخرج علينا سلسلة
من التغريدات التي تتحدث عن «أهبة الاستعداد» و»السلاح الأمريكي الأفضل»،
والجاهزية التي لا تضاهى للرد على «العدوان» الذي يمس النظام العالمي وليس مصالح
حلفاء واشنطن فحسب.
لكننا
ما نلبث أن نتلقى فيضا آخر من التغريدات، تذهب جميعها في اتجاه مغاير: لا نريد
حربا مع إيران ونسعى في تفاديها... كل ذلك يحدث بفواصل زمنية قصيرة، وبوتيرة
متسارعة، تجعل من الصعب معرفة أين تتجه واشنطن.
لكن
اللافت للانتباه، أن «الدولة الأعظم»، صاحبة أكبر عدد من الأقمار الاصطناعية
المتطورة التي تحوم في فضاء المنطقة، وبمقدورها التنصت علينا في غرف نومنا، وتصوير
لوحات سياراتنا من ارتفاعات شاهقة، يقول رئيسها إنه بانتظار الاطلاع عن نتائج
التحقيقات السعودية في حادثة ابقيق- خريص، لمعرفة المسؤول على الهجمات... فما الذي
يعنيه ذلك؟... وكيف لدولة – أو بالأحرى دولة عظمى - أن تربط قرارها بشأن خطوتها
التالية بنتائج تحقيقات دولة أخرى، هل تريد أن تترك قرار الحرب والسلام بيد الرياض
مثلا، أم أنها تريد وضع حليفتها الاستراتيجية في أضيق الزوايا، وما الهدف المرجوّ
من ذلك؟
كيف
ستتصرف واشنطن سيما بعد أن صدرت عن البنتاغون تأكيدات بأن الهجمات على السعودية،
انطلقت من الأرض الإيرانية وبأسلحة إيرانية؟...
هل ستبتلع واشنطن الضربة، تاركة الحبل على غاربه لإيران تفعل ما تشاء في مياه الخليج... إن كان الأمر كذلك، فعلى الدور القيادي للولايات المتحدة السلام، وسيكون بمقدور إيران من الآن فصاعدا، أن تطلق آلتها الحربية ضد خصومها في المنطقة، دون خشية من العواقب والعقوبات، وقديما قالت العرب «من أمن العقاب أساء الأدب».
هل
ستذهب واشنطن إلى خوض غمار مواجهة عسكرية واسعة مع طهران؟... الرئيس قال إنه لا
يريد حربا مع طهران، ويسعى في تفاديها، وهو أظهر عزوفا عن خوض الحروب منذ أن دخل
البيت الأبيض، وثمة ترجيحات بأن الولايات المتحدة التي ترغب في الانسحاب من حروبها
القديمة، لا ترغب التورط في حرب جديدة، سيما وأنها كما قال رئيسها، لا تحتاج لنفط
الخليج ولا إلى غازه.
هل
تكتفي واشنطن بتوجيه ضربة نوعية منتقاة، ومن ضمن خطة محسوبة للتصعيد؟... الجواب،
ربما يكون هذا الخيار الأفضل لواشنطن، ثأرا لهجمات ابقيق - خريص، لولا أنه لا يوجد
لدى واشنطن ما يعزز قناعتها بأن المواجهة المحدودة ستبقى كذلك، وأنها لن تتدحرج
إلى مواجهة شاملة، تطاول الإقليم برمته وليس إيران وحدها.
لا
ندري كيف ستنتهي المداولات الأمريكية حول طبيعة الرد على هجمات ابقيق – خريص، لكن
المؤكد أن ليس لدى إدارة ترامب خيارات سهلة لتقدم عليها، سيما وأنها باتت قاب
قوسين أو أدنى من اندلاع الحملات الانتخابية لرئاسيات 2020... إدارة ترامب أمام
خيارين صعبين، إما المقامرة بحظوظها في تلك الانتخابات لإسعاد حلفائها وإشعارهم
بالأمن والطمأنينة، وإما المجازفة بفقدان ثقتهم وربما انفضاضهم من حولها، لضمان
عودة الرئيس وأسرته وفريقه إلى البيت الأبيض حتى العام 2024، على أي الخيارين سيقع
اختيارها؟
عن صحيفة الدستور الأردنية