هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
أثارت خطوة حكومة الوفاق الليبية بالتعاقد مع شركة أميركية
من أجل الضغط على إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، لتغيير توجهها تجاه الملف
الليبي تساؤلات حول مدى نجاح هذه الخطوة.
وتركزت الأسئلة حول إذا ما كانت الشركة المتعاقد
معها قادرة على إقناع ترامب وإدارته بالتخلي عن اللواء الليبي، خليفة حفتر.
وتعاقدت حكومة الوفاق، المعترف بها دوليا، مع شركة
"جوثام" للعلاقات الحكومية والاتصالات بهدف الضغط وكسب التأييد من "واشنطن"، وكذلك إعداد تقارير حول انتهاك حقوق الإنسان والجرائم
المرتكبة ضد المدنيين الليبيين من قبل "حفتر" وقواته.
وبحسب الأخبار المتداولة، فإن قيمة العقد لمدة عام واحد
تصل إلى 1.5 مليون دولار، مع مبلغ إضافي قدره 150 ألف دولار كـ"نفقات
متنوعة"، وأن الشركة لها خبرة في الملف الليبي، بالإضافة إلى دورها السابق في
الحشد والتأييد في انتخابات ترامب، بحسب صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية.
وفي إطار الإطلاع على وجهات النظر حول الخطوة الليبية ومدى
نجاح الحكومة في الضغط على إدارة ترامب، والكشف عن انتهاكات قوات حفتر، تحدثت "عربي21" إلى عدد من المختصين في الشأن الليبي، والذين أبدوا شكوكهم في
وصول الحكومة لأهدافها من خلال هذه الخطوة.
اقرأ أيضا: "النفط الليبية" تعجز عن سداد أجور عمال لها تحت سيطرة حفتر
ضعف
وسياسة خاطئة
فمن جهته، وصف الباحث الليبي ورئيس مؤسسة
"الديمقراطية وحقوق الإنسان"، ومقرها "واشنطن"، عماد الدين
المنتصر هذه الخطوة بأنها "خطأ فادح وتنم عن سياسة غير مهنية للحكومة التي
تفتقر إلى الإستراتيجية والقدرة على المتابعة أو المحاسبة، وأن تقارير الانتهاكات
يجب أن يعدها ويتابعها مكتب محاماة مختص يقوم بتحرير مذكرات الشكوى وطلبات
الاعتقال والقدرة على مخاطبة اللجان الدولية المختصة بهذا الشأن".
وأشار في تصريحات لـ"عربي21" إلى أن
"اندفاع الحكومة للتعاقد مع شركات الضغط بدون خطة إستراتيجية وأهداف واضحة
وآلية للمتابعة والتصحيح هو إهدار للمال العام، كون شركات الضغط لم تكن أبدا بديلا
عن الدبلوماسية الحرفية النشطة بل هي جزء صغير يكمل هذه الدبلوماسية
ويدعمها"، وفق تعبيره.
وتابع: "شركات الضغط هي شركات ربحية تسعى لتحقيق
عائد سريع وقد وجدت في المشكلة الليبية ضالتها وحققت أرباحا طائلة واستفادة
"جنونية" وفق تعليق موقع "مثر جونز" الأمريكي، حسب ما نقله.
لوبي "إماراتي-مصري"
ومن جانبه أوضح عضو مجلس الدولة الليبي، إبراهيم صهد أن
"سياسة استخدام شركات العلاقات العامة للضغط في أوساط صنع القرار سياسة سائدة
في أمريكا، غير أن الأمر يتطلب اختيار شركة متخصصة وناجحة ولديها علاقات فعلية مع
أجهزة صنع القرار كما يتطلب المشاركة في إدارة الملف والعقد من قبل الحكومة
الليبية".
وأكد لـ"عربي21" أنه "حتى يكون عمل شركة
"جوثام" مؤثرا ومحققا للهدف منه فإن ذلك يتطلب أن يكون المجلس الرئاسي
قادرا على إدارة العقد وتوجيه الشركة للجرائم والانتهاكات والعمل على إشراك مؤسسات
حقوق الإنسان الليبية المهتمة بجرائم "حفتر" وجلب شهادات أهالي
الضحايا"، وفق تقديراته.
وحول نجاح الخطوة، يعتقد صهد: "أي تحرك في واشنطن
سيتقاطع مع شركات الضغط العديدة والمستأجرة من قبل دولة الإمارات والتي تعمل على
دعم "حفتر" للاستيلاء على السلطة، وكذلك سيواجه التحرك المصري الداعم
لحفتر والذي يقوم به "السيسي" بصورة شخصية وسفارته هناك"، وفق
معلوماته.
اقرأ أيضا: بعد تقديم شكوى رسمية ضدها.. ما أهداف ابو ظبي من تدخلها بليبيا؟
فكرة بائسة
لكن عضو مجلس النواب الليبي، جبريل أوحيدة فيعتقد من
جانبه؛ أن "ما يفعله السراج وحكومته إهدار لمال الشعب الذي يعيش
في "ضنك"، واصفا خطوته بـ"البائسة".
وتساءل "ألا تعلم أميركا التي تقصف
"الإرهابيين" في الجنوب عبر مخابراتها بدعم حكومة السراج لهذه
المليشيات"، وفق تعبيره.
ويضيف في تصريحات ل"عربي21" بأن "ترامب
تحصل على مليارات من بعض دول الخليج مقابل الوقوف معها ساعة "العسرة"
والآن يتركها لمصيرها أمام التهديدات الإيرانية"، متسائلا "هل ستغير
إدارته إستراتيجيتها من أجل بضع ملايين لشركات ضغط في هذا الوقت بالذات الذي يواجه
فيه ترامب ضغوطات أكبر تسبق الانتخابات؟".
الحسم العسكري أهم
وبدوره يرى الباحث السوداني المهتم بالملف الليبي، عباس
محمد صالح أن "إدارة ترامب الحالية لن تنصت لأي صوت عقلاني في تقييم الأوضاع
في ليبيا، لكن لو راهنت حكومة الوفاق على تغيير معادلة الصراع العسكري على الأرض
لكانت أفضل السبل للتأثير في مراكز القرار في واشنطن".
واعتبر خلال حديثه لـ"عربي21" أن "صناعة
"اللوبيات" أو توظيفها بشكل فعال داخل العاصمة الأميركية لا يكون ظرفيا،
مشيرا إلى أن ملاحقة "حفتر"، كحامل للجنسية الأميركية، قانونيا في
الولايات المتحدة، حتى ولو بعد حين، سيكون أنجح الوسائل وأفضل من الجري وراء سراب
مجموعات الضغط".