هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
روّج صحفي مقرب من رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي لفكرة عدم وجود كوادر
مصرية قادرة على قيادة البلاد، إلا لدى القوات المسلحة، ملمحا إلى أنها الوحيدة القادرة
على تقديم الكوادر، والحصول على الإجماع الوطني عليهم، مشيرا إلى أنه لو لم يترشح السيسي للانتخابات القادمة فستواجه البلاد مأزقا سياسيا.
رئيس مجلس إدارة مؤسسة "أخبار اليوم"، الصحفي ياسر رزق، قال
ببرنامج "على مسؤوليتي"، مع الإعلامي المقرب من جهات أمنية أحمد موسى، مساء
الأحد، إنه لا توجد إلا مؤسسة واحدة بمصر قادرة على إنتاج كوادر إدارية مؤهلة لتولي
مناصب رفيعة، منها منصب رئيس الجمهورية، إلا القوات المسلحة المصرية فقط، هي الوحيدة
القادرة على أداء هذه المهمة.
وأكد أنه لو قرر السيسي، الذي وصفه بـ"رمز العسكرية المصرية في
القرن 21"، عدم خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، سيكون هناك مأزق كبير، موضحا
أنه عندها سنضطر للجوء إلى القوات المسلحة مرة أخرى، معللا ذلك بعدم وجود شخصيات مؤهلة،
مشيرا إلى أن مصر ليس لديها نظام سياسي قوي ومستقر، فالأحزاب كلها ضعيفة وليس لها أرضية
جماهيرية.
وبرر حديثه بالقول: "الشخصية بنت القوات المسلحة هي القادرة على
حيازة احترام المؤسسات العسكرية والأمنية والمعلوماتية والقضائية والإعلامية، وهذه
المؤسسات هي التي فقد محمد مرسي احترامها، وسقط رغم وجود تنظيم سياسي قوي خلفه".
متابعون ومحللون اعتبروا حديث رزق، دائم التأييد والدفاع عن النظام،
بأنه تقليل من دور الأكاديميات العلمية والسياسية المصرية وتزلفا للجيش، ومحاولة لإخلاء
الطريق أمام السيسي، نحو مدة رئاسية جديدة، بالزعم أنه ليس هناك البديل المدني، وأنه يجب عدم اللجوء للجيش مجددا.
"موقع المستفيد لا الوطني"
وفي تعليقه، يرى أحمد عبد العزيز، المستشار الإعلامي للرئيس الراحل محمد
مرسي، أن "ياسر رزق يتكلم من موقع المستفيد من وجود العسكر في السلطة، وليس من
موقع الوطني الذي يخشى على بلاده من الانهيار".
وفي حديثه لـ"عربي21"، قال عبدالعزيز إن "البلاد لا
تعني ياسر ومن هم مثل ياسر، إلا بقدر ما يستفيدون منها، حتى وإن صارت خرابة بعد ذلك".
وحول هدف رزق من تصدير ذلك الحديث، أكد أن "كلام رزق يدخل في باب
البروباجندا؛ لإطالة عمر حكم العسكر، الذي لم تجن مصر منه سوى الهزائم المتلاحقة، والتخلف
المستدام".
وختم الإعلامي والسياسي المصري حديثه بالقول إن "مصر بحاجة إلى
وعي، ففي غياب الوعي تغيب الحقيقة، وتسود الفهلوة والانتهازية، وتصبح العملية السياسية
منافسة لجني الأرباح المادية والاجتماعية والشخصية، وليس للنهوض بالوطن".
"البداية مع نظام يوليو"
من جانبه، أكد الأكاديمي المصري الدكتور رضا هلال، أن ياسر رزق
"يتكلم بلسان الأجهزة العسكرية التي توجهه".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "هناك مشكلة حقيقية بعد
أن "دمر نظام يوليو البنية الدستورية والقانونية والسياسية تماما، واستبقى الشكل
فقط، ما أضعف فرصة قيام كيانات حزبية حقيقية تفرز كوادر لإدارة البلاد".
وأكد أنه بالفعل فإن "الجيش -كما في أي بلد في أمريكا اللاتينية
مثلا- يستطيع أن يحصل على دعم شعبي بقوة الذراع الإعلامية، والتخويف بأحداث مفتعلة، والتحكم
في كل شيء، بما في ذلك الصناديق الانتخابية".
ويرى هلال أن "فكرة خلع السيسي والإتيان بغيره مسألة ليست
داخلية، ولكن يتم تحديدها حاليا في تل أبيب وواشنطن".
وأشار إلى أن "كلام رزق هو لإضفاء شعبية وقانونية للسيسي، وفي الوقت ذاته لدعمه أمام زملاء منافسين له".
وقال إن "مسألة ظهور كوادر مصرية من عدمه أو حدوث تغيرات في آليات
الموقف المرسخ من 1952 هي مسألة قدرية إلهية بحتة، ولا يمكن الكلام ولا حتى التفكير
فيها في ظل انعدام حياة سياسية وحزبية قانونية محترمة الآن".
"انتقاد وغضب"
وقوبلت تصريحات رزق بحالة من النقد والغضب والسخرية، وعبر صفحته بـ"فيسبوك"،
قال الكاتب الصحفي سليم عزوز: "العينة بينة، فهذا التردي الذي نعيش فيه ومن
1952 وإلى الآن بسبب هذه النظرية".
ووجه تساؤله لرزق قائلا: "أرني عسكريا واحدا شغل وظيفة مدنية وليس فقط منصب رئيس الجمهورية وفلح؟ هات لي تجربة لمحافظ ناجح يحمل رتبة اللواء في التاريخ
المصري".
من جانبه، استعرض عضو المجلس الثوري المصري الدكتور عمرو عادل، عبر صفحته
بـ"فيسبوك"، ما اعتبره إنجازات "الكوادر" العسكرية منذ انقلاب
1952، ردا على حديث ياسر رزق.
وقال إن جمال عبدالناصر قام بـ"توطيد الدولة البوليسية، وتقليص
مساحة مصر، والهزيمة في كل حروب اليمن و1956 و1967، وضياع سيناء".
وأضاف أن أنور السادات أقام الانفتاح الاقتصادي الذي دمر المجتمع والاقتصاد،
وقام بتحويل انتصار مرحلي في بداية حرب أكتوبر إلى هزيمة سياسية وعسكرية، بجانب خيانة
مصر والعرب والإسلام باتفاقية كامب ديفيد".
عادل، ضابط الجيش السابق، وصف أيضا حقبة حسني مبارك بأنها "فراغ
كبير"، مؤكدا أن عبد الفتاح السيسي "مجرم خائن بائع لأرض مصر، وقاتل شعبها، ومدمر وحدتها".
وختم تدوينه بالقول: "لو كانت هذه أكبر الكوادر التي أنتجتها ما
تسمى مؤسسة الجيش، فماذا نتوقع من القادم؟".