نشرت صحيفة "الغارديان"
البريطاينة مقالا للصحفية نسرين مالك سلطت فيه الضوء على معاناة الأطباء والممرضين
الأجانب العاملين في الرعاية الاجتماعية.
كشفت مالك أن هؤلاء يعملون
في الخطوط الأمامية لمواجهة فيروس
كورونا المستجد دون المعدات الشخصية الواقية،
وبورديات طويلة، وهم سعداء في ذلك، ورغم ذلك فهم لا يستطيعون دفع الرسوم التي
تفرضها عليهم وزارة الداخلية للبقاء في المملكة المتحدة والاستمرار في العمل.
تقول مالك في المقال الذي
ترجمته "عربي21":"عادة ما يضطرون للاستدانة لدفع الرسوم. وبعضهم
ببساطة يغادر البلد عندما ينتهي تصريح عمله بسبب عدم وجود المال لتجديده. وأكبر
الرسوم التي يواجهونها هي رسوم العلاج والتي يجب دفعها مقدما. يضطرون لدفع الرسوم
لاستخدام خدمات الصحة مع أنهم يدفعون الضرائب والتأمين الوطني".
ويجد المواطنون البريطانيون
صعوبة في فهم الرسوم التي تفرضها وزارة الداخلية عندما يسمعون عنها لأول مرة، إنهم
يجدون من الصعب أن يفهموا أن هناك عاملين في خدمات الصحة الوطنية يدفعون ضرائب
مضاعفة لاستخدام الخدمات الصحية. ويقولون لي: أنت بالتأكيد تقصدين من يحملون
تأشيرات زيارة للمملكة المتحدة، أليس كذلك؟ بالتأكيد هم المقصودون برسوم الخدمات
الصحية لتثبيط السياحة الصحية...؟
وتعلق الكاتبة: "أجيبهم
بأني لا أقصد "السياحة الصحية"، أقصد أطباء يعملون في خدمات الصحة وممرضون
وعاملون في الرعاية من خارج الاتحاد الأوروبي يقضون السنوات بين تجديدات الإقامة؛
يوفرون ويقترضون لدفع تكاليف تصريحهم القادم. التكاليف باهظة وخاصة للأطباء
المتدربين والممرضات حيث تبدأ رواتبهم بين 23000 و18000 جنيه إسترليني سنويا. أما
رسوم الصحة الآن فهي 400 جنيه استرليني في العام، ولا يحق للشخص التأجيل ولا الدفع
سنويا، يجب أن تدفع مقدما لفترة الإقامة كاملة".
وتضيف: "وإن كان يرافق
العامل في الصحة زوجته وأطفاله فيجب أن يدفع الرسوم عن كل شخص منهم. فعائلة مكونة
من أربعة أشخاص وتريد إذن عمل لمدة خمس سنوات عليها أن تدفع 8000 جنيه. وهذا الرسم
سيزيد في تشرين أول/ أكتوبر من 400 إلى 624 جنيه استرليني. أي أن العائلة المؤلفة
من أربعة أشخاص ستدفع 12480 جنيه إسترليني". تعلق مالك: "لا أعرف إن كان
هناك الكثير من الناس في المملكة المتحدة ناهيك عن الأطباء المبتدئين والممرضين
وعمال الرعاية لديهم مثل تلك المبالغ".
وتقول مالك: "تغطي لغة
القانون الطبيعة الحقيقية لضحاياه، فمع أن القانون يعطي الانطباع بأنه يستهدف سياح
الصحة غير القانونيين الذين يأتون للمملكة المتحدة ويستخدمون الخدمات الصحية ثم
يختفون، مكلفين دافع الضرائب ملايين الجنيهات، وتدعي الحكومة أن من العدل أن يدفع أولئك
الذين "ليسوا مقيمين بالعادة" هذه الرسوم، لكن على أرض الواقع فالزوار
لا يدفعون تلك الرسوم ولكن فقط الأجانب الذين يعملون أو يدرسون في المملكة المتحدة".
فعبارة "ليسوا مقيمين
بالعادة" تعني ببساطة "لا يحملون الإقامة الدائمة"، وهذا ينطبق على
عدد كبير من حاملي إقامة العمل، وذوي الدخل المحدود ومحدودي الإقامة الذين يدفعون
الضرائب وضرائب القيمة المضافة والتأمين الوطني. بعضهم مثل الدكتورة سيتي ابراهيم،
طبيبة عامة متدربة في مقاطعة يوركشير، تعلمت في المملكة المتحدة وقضت عقودا تعمل
وتعيش في هذا البلد، وعندما وجدت أن عليها أن تدفع 11400 جنيه استرليني لتجديد
تصريح العمل اضطرت إلى ترك عملها وكتبت: "قلبي هنا في الخدمات الصحية
الوطنية.. ولكن لا أستطيع التحمل أكثر من ذلك".
ظلم هذه الرسوم تبدو أوضح إذا
ما اعتبرنا أن الجائحة التي يعمل موظفو الصحة لمواجهتها مناوبات أطول دون مقابل،
ويقبلون بكأس قهوة مجانية وطعام متبرع به.
تكشف مالك في مقالها أن كل
من سمعت منهم بدون استثناء خلال الأيام الأخيرة، والذين صدرت التعليمات لهم بعدم
التحدث إلى الإعلام حول نقص المعدات الوقائية، سعيدون بالقيام بمناوبات إضافية. وكلهم
قالوا بأنهم لا يعلمون من أين سيحصلون على المال ليدفعوا الرسوم عندما يحين وقت تجديد
إقاماتهم حيث سترتفع هذه الرسوم مرة أخرى في تشرين أول/ أكتوبر، وسوف يتم توسيعها
لتشمل العاملين من الاتحاد الأوروبي".
تقول مالك: هؤلاء لا
يستطيعون ذكر أسمائهم ولكن يمكن سماع أصواتهم. هناك حوال153000 موظف غير بريطاني
في الخدمات الصحية الوطنية. ويجب على الحكومة أن تلغي رسوم الصحة المفروضة عليهم
دون تأخير.