هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
ذكرت مجلة "إيكونوميست" أن الإنفجار الذي هز العاصمة اللبنانية بيروت يوم الثلاثاء يجب أن يقود للتغيير قبل فوات الأوان.
وأشارت المجلة، في تقرير ترجمته "عربي21"، إلى بقاء نترات الأمونيوم التي تسببت بالكارثة، مستهجنة: "أي حكومة تترك جبلا من المواد الكيماوية المتفجرة في مكان غير آمن معظم العقد الماضي؟".
وأضافت، " هي الحكومة ذاتها، التي لم تستطع التوافق على ميزانية للدولة لمدة 11 عاما، وسمحت لمصرفها المركزي إدارة برامج تحايل مالي على طريقة بونزي للدفاع عن ارتباط عملتها غير الواقعي بالدولار".
وتابعت: "هي ذات الحكومة التي توهم نفسها بالاعتماد على المساعدات والقروض وتحويلات اللبنانيين من الخارج، وتنفق بدرجات أعلى مما تجمعه من ضرائب، وهي الحكومة التي تديرها نخبة مفصومة عن الواقع، والتي تتلاعب وتبتز في وقت يحترق فيه الاقتصاد".
وأكدت المجلة، أنه بالمحصلة فإن الحكومة اللبنانية بحاجة ماسة للإصلاح.
وأشارت إلى أن هذا الوضع كان واضحا حتى قبل الإنفجار الذي أمطر بيروت بالزجاج المهشم والأنقاض، فلعدة أشهر يعاني لبنان من اقتصاد متدهور بسبب النظام البنكي المتعفن وانهيار العملة، فقد خسرت الليرة اللبنانية نسبة 80 بالمئة من قيمتها في السوق السوداء أمام الدولار.
وأضافت أن التضخم في لبنان ارتفع، بسبب الاستيراد المتزايد، بالوقت الذي تخلفت الحكومة فيه عن دفع ديونها منذ عدة أشهر.
اقرأ أيضا: الدمار يطال 80% من تجارة لبنان.. كم بلغت قيمة الخسائر؟
ولفتت إلى أن الاقتصاد كان ضعيفا قبل أن يجبر كوفيد-19 الساسة على إغلاق البلد لشهرين بداية هذا العام، وهو يعيش الآن في إغماءة، وسط توقعات بأن يرتفع معدل الفقر من 45 بالمئة، عام 2019 إلى 75 بالمئة العام الجاري.
ونوهت إلى أن مصانع تجارية عدة أغلقت أبوابها، والعديد ممن أعاد فتح أبواب محلاتهم أغلقوها مرة أخرى بسبب عودة الإصابات بفيروس كورونا، وبدون أن يكون لديها أجوبة طلبت الحكومة مساعدة من صندوق النقد الدولي، وللحصول على المال عليها أن تظهر نوعا من حسن النية، مثل قانون حول طريقة التحكم برأس المال او إصلاح صناعة الكهرباء الخاسرة.
وأشارت إلى أن المسؤولين اللبنانيين لم يكونوا قادرين على التوافق حول خطورة الأزمة. وقضوا أسابيع في مشاحنات وخلافات حول كيفية تقدير الخسائر التي تكبدها المصرف المركزي، وراقب مسؤولو صندوق النقد الدولي الخلافات بنوع من الفزع، فيما عبّر عدد من أعضاء الحكومة عن نفاذ صبرهم.
ولفتت المجلة، إلى استقالة وزير الخارجية ناصيف حتي، الذي حذر من تحول لبنان إلى دولة فاشلة قائلا: "لقد شاركت في هذه الحكومة من منطلق العمل عند رب عمل واحد هو لبنان، فوجدت في بلدي أرباب عمل ومصالح متناقضة" على حد وصفه.
وقالت المجلة، إنه لعقود طويلة رسم لبنان سلطة سياسية بين أديانه وطوائفه كوسيلة للحفاظ على السلام بينها. ومع أنه صمم للتأكد من مشاركة كل اللبنانيين في الحكم، إلا أن النظام سيطرت عليه نخبة حصنت نفسها، وتقوم بتوزيع وظائف الحكومة بناء على الطائفة. وسط نهب للوزارات.
وأكدت أن التبذير المرتبط بنظام الرعاية يكلف لبنان 9بالمئة، من مجمل ناتجه المحلي كل عام حسبما يقول البنك الدولي.
اقرأ أيضا: صحيفة: كيف يبدو مستقبل لبنان بعد "11 سبتمبر الشرق الأوسط"؟
وأشارت إلى أن "سكان بيروت، لاحظوا أن الانفجار حصل في المرفأ المعروف بمغارة علي بابا والأربعين حرامي. في إشارة للسرقة والرشوة والاختلاس في مؤسسات الحكومة".
وقالت المجلة، إن معظم اللبنانيين يريدون التخلي عن نظام المشاركة في السلطة السياسية، ولم يعد الكثير منهم يعرف نفسه عبر الهوية الدينية (هناك عدد كبير لم يعد ملتزما)، وأشارت إلى التظاهرات التي شهدها لبنان في تشرين الأول/ أكتوبر، وأجبرت الحكومة السابقة على الرحيل لكونها عاجزة.
وأضافت، أن "الحكومة الحالية تشكلت بوعد التغيير، لكنها لم تحقق إلا القليل. والسبب يعود لوقوف المصالح في الطريق. فأمراء الحرب الذين دمروا لبنان أثناء الحرب الأهلية باتوا سياسيين يسرقونه".
وأشارت إلى أن الأذرع السياسية لجماعات مثل حزب الله تواجه قيودا، فالقوى الخارجية مثل إيران التي تدعم الحزب، والسعودية التي تدعم النخبة السنية ستحاولان إفشال الإصلاح الذي قد يؤدي إلى تراجع وكلائهما أو قد تنفع منافسيها.
وأوضحت، أن الجميع يلعب على ورقة الخوف من النزاع الطائفي الذي قد يجعل بعض الجماعات في وضع سيئ أو يدخل البلد في دوامة عنف جديدة، مضيفة، أن ضخامة الإنفجار في مرفأ بيروت أعاد للذهن انفجار مقتل الحريري عام 2005.
وقالت إن الخوف ربما كان سببا جيدا للتحرك ببطء في نظام تشاركي بالسلطة، إلا أن من هم في السلطة باتوا يستخدمون الأزمة لصيد أتباعهم وربطهم بالمساعدات التي يقدمونها لهم.
وختمت المجلة، أن الثمن كان واضحا، فلم يكن القتال أو جهة خارجية، هو الذي تسبب في تدمير مرفأ بيروت، بل الدولة الفاسدة العاجزة، ولن يحصل الإصلاح إلا بالتحكم، وعلى الحكومة التخلي عن نظام المشاركة السياسية في أقرب وقت وقبل فوات الأوان، واستبداله بآخر ديمقراطي قائم على الجدارة.