هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
جملة من التساؤلات أثارتها الزيارات المكثفة المتبادلة بين المسؤولين في العراق وإيران، والتي جاءت بعد رسالة شديدة وجهتها الولايات المتحدة إلى بغداد هددت فيها بغلق سفارتها والرد على الهجمات الصاروخية.
وبالتزامن مع زيارة استمرت ليومين أجراها وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين زيارة، والتقى بكبار المسؤولين، فإن نائب رئيس هيئة أركان الجيش الإيراني قدير نظامي التقى أمس الأحد، وزير الدفاع العراقي جمعة عناد.
وقبل ذلك بيوم واحد، نشرت مواقع إيرانية وأخرى محلية عراقية مقطعا مصورا، يظهر قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني في زيارة إلى مدينة كربلاء العراقية وسط حراسة مشددة.
تنازلات إيرانية
من جهته، قال السياسي العراقي أثيل النجيفي لـ"عربي21" إن "الزيارات المتبادلة تقرأ حسبما جاء قبلها من أحداث، وتحديدا ما قدمته الكتل التي تعتبر نفسها حليفة لإيران من تنازلات رفضت فيها قصف المليشيات للسفارة الأمريكية والمظاهر المسلحة".
اقرأ أيضا: خطوات حكومية ضد "الحشد الشعبي".. هل يسعى الكاظمي لتفكيكه؟
وأعرب النجيفي عن اعتقاده بأن "هذه الفصائل والجهات المدعومة من إيران قد أبدت رغبتها في التهدئة من موقفها تجاه الولايات المتحدة، لهذا أنا أعتقد أن الزيارات إلى إيران لن تخرج عن هذا النطاق".
وأوضح أن "هناك سياسة إيرانية الآن تدعو إلى التهدئة مع الولايات المتحدة في العراق وعدم الاصطدام، لأنهم استشعروا أن الاصطدام سيعني ضياع كل ما أسسوه بعد 2003، وبالتالي هم غير مستعدين لذلك".
وتوقع السياسي العراقي أن "يلمس العراقيون خلال الفترة المقبلة بعض التهدئة والتنازل من إيران وحلفائها في العراق".
وفي السياق ذاته، قال السياسي الكردي ماجد شنكالي في تغريدة على "تويتر" إن "المعلن عن زيارة وزير الخارجية العراقي إلى طهران هي لزيادة التنسيق والتعاون الأمني والاقتصادي والتجاري بين البلدين، أما غير المعلن وهو الأهم، فكل المعطيات تؤكد أنها لإيصال رسالة أمريكية قوية وواضحة حول التعامل الأمريكي مستقبلا مع تجاوزات الفصائل المسلحة الموالية لإيران".
majidshingali) September 27, 2020
وضع مربك
وعلى نحو مماثل، قال الخبير الأمني والاستراتيجي، سرمد البياتي، في حديث لـ"عربي21" إن "الحراك القوي في الزيارات بين بغداد وطهران، لا يمكن أن يكون بعيدا عن رسالة وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، التي توعد فيها بغلق السفارة ومعاقبة من استهدفها".
وأضاف البياتي، قائلا: "ربما تكون زيارة نائب رئيس هيئة الأركان الإيراني ظاهرها بروتوكولي، لكن الحقيقة قد تكون رسالة أرادت إيران أن توصلها بطريقة معينة".
وأشار إلى أن "الوضع في العراق مربك جدا، فبالإضافة إلى الحراك الدبلوماسي، فإن هناك اجتماعا للرئاسات الأربع (الجمهورية، الحكومة، البرلمان، والقضاء الأعلى) كل ذلك يعطيك صورة عما يحدث في الوقت الحالي".
ونوه البياتي إلى أن "أمريكا إذا أغلقت سفارتها في بغداد، فإنها لن تخرج من العراق لأن لديها قنصلية قيد الإنشاء في أربيل تصل مساحتها إلى 50 دونما، لذلك فإن هناك خطأ في التقدير لمن يعتقد أن واشنطن عدو، لأنها إذا نقلت عملها إلى خارج بغداد، فستنفذ أعمالا وهي في مأمن بالإقليم".
اقرأ أيضا: لماذا صمت العراق عن اتفاق تركيا وإيران ضد "بي كا كا"؟
ورأى البياتي أن "الموضوع يحتاج إلى تقدير موقف صحيح، وكذلك بحاجة إلى سياسيين على مستوى عال من الفطنة والخبرة، والشيء نفسه بالنسبة للقادة الأمنيين، لتدارك الأزمة الحالية".
وبحسب قوله، فإن "التغريدات الأخيرة للمرشد الإيراني علي خامنئي توحي بأنهم يفضلون سلك طريق السياسة على غيرها من الطرق، لكن تبقى الأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت".
غلق السفارة
وعلى ضوء هذه التطورات، تضاربت الأنباء التي تفيد بمغادرة السفير الأمريكي ماثيو تولر سفارة بلاده في المنطقة الخضراء وسط بغداد، وذهابه إلى مقر القنصلية في أربيل.
لكن سفارة واشنطن في بغداد، أصدرت الأحد، بيانا على حسابها في "فيسبوك" قالت فيه: "خلال اليومين القادمين، ستُجري السفارة الأمريكية سلسلة من الاختبارات التي تشمل معدات وإجراءات الطوارئ خاصتنا. سيصل صوت الإنذارات بالخطر وصفارات الإنذار وغيرها من أنواع الضوضاء إلى السكان المقيمين في المناطق المُحيطة بالسفارة عند إجراء هذه التدريبات. تتقدم السفارة باعتذارها عن أي إزعاج قد ينجم عن ذلك".
وكانت الولايات المتحدة الأمريكية، قد بعثت الأسبوع الماضي، برسالة تهديد شديدة اللهجة إلى الحكومة العراقية والقوى والمليشيات الشيعية، على خلفية استمرار الهجمات الصاروخية واستهداف البعثات الدبلوماسية.
وبحسب وسائل إعلام عراقية، فإن الرسالة أرسلت عبر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى الرئيس العراقي برهم صالح، الذي أوصلها بدوره لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، والأخير أبلغ بها القوى الشيعية في اجتماع عقد قبل أيام.
الكاظمي قال للقادة الشيعة؛ إن بومبيو أبلغ الرئيس صالح بأن واشنطن ستُغلق سفارتها في بغداد، وتنتقم من فصائل شيعية على اعتبار أنها "أهداف مشروعة" إذا لم توقفوا الهجمات على البعثات الدبلوماسية، وطالبهم بالإدانة والتخلي عن تلك الأفعال علنا.