هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
جائحة كوفيد ـ 19 تغير ميزان الاقتصاد العالمي؛ آخر تصريحات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل؛ إذ قالت مخاطبة أعضاء البرلمان الألماني (البوندستاغ) يوم أمس الأربعاء 9 كانون الأول (ديسمبر) إن الاقتصادات التي ثبت أنها الأكثر متانة هي تلك التي تمكنت من السيطرة على الجائحة.
تصريحات ميركل تعبر عن مستوى الإحباط الذي بلغته المستشارة في ظل الارتفاع الكبير بأعداد الإصابات مسجلة 20 ألف إصابة و590 وفاة يوم أمس الأربعاء؛ بزيادة 100 وفاة عن الرقم المعلن يوم الأربعاء من الأسبوع الفائت؛ ليرتفع عدد الوفيات إلى 20 ألف وفاة ومليون و250 ألف إصابة من أصل 20 مليون إصابة سجلتها القارة الأوروبية منذ بداية الأزمة؛ وهي أرقام تكبح جماح التعافي الاقتصادي وتعيقه.
إحباط المستشارة ممزوج بوجع اقتصادي؛ فالسيطرة على الجائحة لم تتمكن برلين ودول أوروبا من تحقيقه حتى اللحظة؛ والسباق المعلن نحو اللقاح لم يكبح جماح الوباء في القارة الأوروبية أو يوقف التفشي؛ فالتعافي بعيد المنال واللقاحات تحتاج إلى أشهر قبل أن تتمكن من كبح جماح الوباء على مستوى القارة الأوروبية والعالم في وقت تتقدم فيه الصين وتحرز مزيدا من النجاحات مخلفة وراءها القارة الأوروبية.
ففي الوقت الذي انشغلت فيه أوروبا بالبحث عن لقاح وخاضت سباقا محموما لأجل ذلك؛ انشغلت الصين بالإنتاج المرفق بإجراءات صارمة لمواجهة الوباء مقدمة نموذجها الخاص؛ نموذج انعكس على صادرات الصين لتقفز بنسبة 21.1% خلال تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت مسجلة أكبر زيادة لها في عامين؛ فالصين متجر العالم الذي لم يغلق قط منذ آذار الماضي، لترتفع معها الواردات بنسبة 4.5% للفترة ذاتها في الصين محققة نموا تجاوز الـ 2.8% أيلول (سبتمبر) من العام الحالي مع توقعات بأن يتجاوز الـ 4% العام المقبل.
الدول النامية تتطلع إلى الصين كملاذ آمن من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية؛ ورغم الحملات والاتهامات للصين باستغلال القروض والديون للسيطرة على قطاعات مهمة في الدول المدينة آخرها السيطرة على موانئ كينيا وموزمبيق؛ ورغم شراسة الحملات فإن المزيد من الدول تتوجه إلى بكين؛
الصين حققت فائضا تجاريا خلال العام الحالي يفوق التوقعات قدره 75.4 مليار دولار، الأكبر منذ 30 عاما؛ نموذج كان مصدر الإلهام الحقيقي لميركل عند قولها بأن ميزان الاقتصاد العالمي تغير؛ وأن الاقتصادات الأكثر متانة هي التي تمكنت من التعافي مبكرا من الوباء؛ فالصين الدولة الوحيدة التي حققت هذه المعادلة تلاحقها اليابان وكوريا الجنوبية إلى حد ما.
فالميزان التجاري للصين مع الولايات المتحدة سجل رقما قياسيا جديدا بلغ 37.4 مليار دولار خلال شهر تشرين الثاني (نوفمبر)؛ في وقت توقع فيه اقتصاديون أن تزيد الصادرات بنحو 12% وأن تزيد الواردات بنحو 8%؛ فالصين تقود التعافي للاقتصاد العالمي مخلفة وراءها أوروبا وأمريكا؛ إذ لم تعد أوروبا وأمريكا مركز العالم وقبلته الاقتصادية.
الدول النامية تتطلع إلى الصين كملاذ آمن من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية؛ ورغم الحملات والاتهامات للصين باستغلال القروض والديون للسيطرة على قطاعات مهمة في الدول المدينة آخرها السيطرة على موانئ كينيا وموزمبيق؛ ورغم شراسة الحملات فإن المزيد من الدول تتوجه إلى بكين؛ فالعراق بات على بعد خطوة واحدة من توقيع صفقة بمليارات الدولارات مع شركة تشنخوا أويل الصينية، تحصل بمقتضاها بغداد على أموال نقدية تساعدها في ضائقتها المالية مقابل إمدادات نفطية طويلة الأجل؛ تدفع فيه الشركة الصينية لشركة سومو العراقية مسبقا نحو 2.5 مليار دولار مقابل 48 مليون برميل من الخام بين الأول من تموز (يوليو) 2021 و30 حزيران (يونيو) 2022؛ مضافا إليه شرط استثنائي فريد يتيح للشركة الصينية إعادة تصدير النفط إلى حيث ترغب وبالسعر الذي ترغب؛ منافسة بذلك المخزونات الأمريكية والشركات العالمية الكبرى.
ختاما: الصين تتقدم في سباقها نحو التعافي إلى قمة النظام الاقتصادي الدولي؛ تتوسع في كافة القطاعات الإنتاجية وتتوغل في أسواق النفط الدولية لتصبح رقما مهما ومؤثرا؛ لم تعد هناك من ساحة إلا وللصين فيها حصة مهمة تؤكد مكانتها في النظام الاقتصادي الدولي؛ فالفائض الصيني الذي حققته لأول مرة منذ 30 عاما يتوقع أن يتضاعف في حال تمكنت من اختراق المزيد من أسواق الطاقة وأسواق التمويل في المنطقة العربية والعالم؛ فسباق التعافي تحول إلى قفزة في الزمان والمكان للصين يصعب مجاراتها فيه أو تجاوزها بمجرد وخزة من إبرة تحوي اللقاح الموعود للقضاء على كوفيد 19.
hazem ayyad
@hma36