صحافة دولية

بوليتيكو: باكستان تكتشف ثمن التحالف مع الصين

أبدت أمريكا بعض المخاوف بشأن تعميق العلاقات بين باكستان والصين- الأناضول
أبدت أمريكا بعض المخاوف بشأن تعميق العلاقات بين باكستان والصين- الأناضول

قالت مجلة "بوليتيكو" إن "الاحتجاجات والديون الضخمة والاحتياطات النقدية المتضائلة، كلها عواقب اعتماد باكستان المتزايد على الصين"، مستدركة: "لكن الدولة ما زالت ترى أن الأمر يستحق كل هذا العناء".


وأضافت المجلة في تقرير ترجمته "عربي21"، أن "باكستان لم تتوقع هذا عندما تلقت بسعادة 60 مليار دولار من الصين عام 2013"، مشيرة إلى أن الدولتين أضفتا الطابع الرسمي على الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، الذي يعد جزءا من استراتيجية البنية التحتية الدولية لبكين، المعروفة باسم مبادرة الحزام والطريق".


وتابعت: "في البداية، بدت إعادة الاصطفاف مع بكين بمثابة وضع مربح للجانبين، وابتعدت الدولة الجنوب آسيوية، التي تعاني من ضائقة مالية، عن حليفها التقليدي الولايات المتحدة"، منوهة إلى أنه كان لدى الصين وباكستان الكثير من الفوائد الاقتصادية الملموسة، إلى جانب مصلحتها الجيواستراتيجية بسبب الهند، وما تمثله من عدو تقليدي مشترك للجانبين.


ولفتت إلى أنه "بفضل الأموال والخبرة الصينية، أضافت باكستان المزيد من الكهرباء إلى شبكتها المتداعية، وهي الآن تربط مدنها بشكل أفضل بالطرق وأنظمة النقل العام الجديدة. وفي المنتديات الدولية، تمتلك إسلام أباد داعما أكثر موثوقية من أمريكا، خاصة عندما يتعلق الأمر بالقضية التي تهتم بها باكستان: توبيخ الهند".


وقال عزير يونس، المستشار المقيم في أمريكا، الذي يستضيف بودكاست عن الاقتصاد الباكستاني، في إشارة إلى تحالف إسلام أباد مع بكين: "جميعهم موافق.. هناك إجماع واسع على أن هذا هو الطريق إلى الأمام بالنسبة للبلاد".


بالنسبة لباكستان، كان التحالف يعني أيضا الاعتماد على الصين في كل شيء من الطائرات المقاتلة إلى لقاحات فيروس كورونا. وفي كانون الثاني/ يناير، قالت إسلام أباد إنها ستتلقى "هدية" من 500 ألف جرعة من لقاح سينوفارم، وهي تجري حاليا محادثات مع بكين لتأمين المزيد من جرعات لقاح سينوفارم ولقاح كانسينو.


قال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان العام الماضي: "نحن نقدر صداقتنا القوية وشراكتنا الاستراتيجية".


وأبدت أمريكا بعض المخاوف بشأن تعميق العلاقات بين باكستان وبكين. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إن واشنطن ما زالت "قلقة من أن بعض مشاريع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني تفتقر إلى الشفافية، وتفرض مستويات لا يمكن تحملها من الديون على باكستان، مع استفادة الشركات الصينية المملوكة للدولة بشكل غير متناسب".


لا يقتصر القلق على الأمريكيين. يلاحظ العديد من الباكستانيين أيضا أن التحالف يفرض ضغوطا على موارد بلادهم وشعبها وسمعتها الدولية.

 

اقرأ أيضا: اتفاق بين الهند وباكستان على وقف إطلاق النار في كشمير


فمن ناحية، إسلام أباد ببساطة غير قادرة على سد الديون للصين؛ فقد ذكر موقع بلومبيرغ، في وقت سابق من هذا الشهر، أن الحكومة الباكستانية ستطلب من الصين إعفاء من الديون على المشاريع التي تنفق عليها بسخاء؛ فبين عامي 2018 و2020، أضافت باكستان 17 مليار دولار إلى ديونها الخارجية، حيث وصل إجمالي ديونها 113 مليار دولار العام الماضي.


وحتى في أفضل الظروف، فإن الأوضاع المالية لباكستان معروفة بعدم الاستقرار، وهي حاليا في برنامج إنقاذ لصندوق النقد الدولي بقيمة 6 مليارات دولار -وهو البرنامج الثالث عشر من نوعه- لكن حجم وشروط الاستثمار الصيني تعني أزمة نقدية أكبر، في وقت يعاني فيه اقتصادها من ضغوط جائحة فيروس كورونا. نتيجة لذلك، تضخمت ديونها، وانخفضت عملتها، وزاد التضخم بشكل كبير.


قال حسين حقاني، مدير جنوب ووسط آسيا في معهد هدسون، وهي مؤسسة فكرية مقرها واشنطن، وسفير باكستاني سابق لأمريكا: "إنهم يجدون أنفسهم في فخ ، لكنه فخ من صنعهم".


أصدر خان نداء عاما للحصول على مساعدة الديون العام الماضي، حيث أدى الوباء إلى توقف الاقتصاد الباكستاني.


وقال يونس، المستشار، إن فخ الديون الباكستانية وحده بالكاد يميل كفة الميزان ضد الصين. "سيقول مجتمع الأعمال: نعم لدينا ديون، لكن باكستان كانت دائما لديها مشكلة في تسديد الديون". وقال إن باكستان قامت بشكل أساسي بتغيير الدائنين، في حين أن جميع أساسيات اقتصادها لا تزال كما هي، لكن باكستان قد تتخلى عن أكثر مما كانت تساوم عليه.


وقال حقاني، مستشهدا باستيلاء الصين على ميناء هامبانتوتا السريلانكي بعد نفاد الأموال من الدولة الجزيرة: "لم يسبق لأمريكا أو صندوق النقد الدولي الاستيلاء على أراضي بلد آخر كسداد لقرض".


وأضاف أن "شروط القروض مع دولة غربية واقعية ويمكن التنبؤ بها.. الأمر يختلف مع الصين؛ فهناك شفافية أقل".

 

ويحذر الخبراء من أن ميناء جوادر (غوادار)، بالقرب من الحدود الباكستانية مع إيران، يمكن أن يصير إلى ما صار إليه ميناء هامبانتوتا، وتم إيقاف العمل حديثا في بناء سياج حول الميناء بشكل مؤقت، فقط بعد احتجاج السكان المحليين. ومن غير الواضح ما إذا كان أمر بناء السياج جاء من الحكومة الباكستانية أم بناء على طلب الصين، التي تشعر بالقلق إزاء القضايا الأمنية في الإقليم.


ولم ترد الحكومة الصينية ولا الباكستانية على طلبات التعليق.

التعليقات (0)