هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
حذّر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان من خطر آلاف الألغام المنتشرة في مختلف مناطق النزاع في سوريا على حياة وسلامة المدنيين، داعيًا جميع أطراف النزاع إلى التوقف عن استخدامها، وكشف مواقعها، والتعاون في تحييد خطرها.
وسلّط المرصد الحقوقي الأوروبي في تقرير له اليوم الاثنين، أرسل نسخة منه لـ "عربي21"، الضوء على الاستخدام الكبير للألغام في النزاع السوري، مؤكدا أن هناك أعدادا كبيرة منها ما تزال منتشرة بين منازل المدنيين، وفي الأراضي الزراعية، وهي ناجمة عن العمليات العسكرية الممتدة خلال السنوات الماضية حتى هذا اليوم.
ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ الخسائر البشرية والمادية الناجمة عن الألغام ستستمر لمدة طويلة حتى بعد انتهاء النزاع، في حال لم تتم معالجة هذه القضية الحساسة بشكل عاجل من الجهات المختصة، وبالتعاون مع أطراف النزاع.
ولفت إلى استمرار وقوع الضحايا بسبب الألغام، على الرغم من تراجع العمليات العسكرية، بسبب عدم وجود معلومات دقيقة حول أماكن وجود الألغام، وتواضع جهود كشفها ومكافحتها.
وبيّن التقرير أنّ الألغام في سوريا تسبّبت في الفترة الممتدة من آذار (مارس) 2011 إلى آذار (مارس) 2021، بمقتل نحو (2637) مدنيًا، بينهم (605) أطفال و(277) سيدة، و(8) من أفراد الطواقم الطبية و(6) من الدفاع المدني، و(9) من الكوادر الإعلامية.
وتظهر الأرقام التي عرضها التقرير أنّ معظم ضحايا تلك الألغام كانوا من محافظتي "حلب والرقة"، إذ تجاوزت نسبتهم نصف مجموع الضحايا بنسبة حوالي 50.5%، تلتها محافظة دير الزور التي جاوزت نسبة الضحايا فيها الـ16%، ثم درعا (9%)، وحماة (8%)، ثم باقي المحافظات والتي بلغت النسبة فيها حوالي 16.5%.
وتضمن التقرير شهادات جمعها فريق المرصد الأورومتوسطي لمدنيين وقعوا ضحايا لألغام كانت مزروعة قرب بيوتهم أو في مزارعهم، إذ يقول "عمر الحلبي" من "دير حافر" في ريف حلب الشرقي، وهو طفل أصيب بانفجار لغم أرضي: "بينما كنت ألعب مع أصدقائي قرب البيت، شاهدنا قطعة حديدية على شكل كرة، فاقتربنا منها وأخذنا نلعب بها حتى انفجرت، ليتبيّن لاحقًا أنّها لغم متفجر. فقدت على أثر الانفجار يدي وقدمي، وبقيت كذلك إلى أن استطعت بعد 7 أشهر تركيب طرفين صناعيين".
وقال المسؤول القانوني للمرصد الأورومتوسطي طارق اللواء، إنه رغم تورط مختلف أطراف النزاع في سوريا في زراعة الألغام بدرجات متفاوتة، غير أنّ المسؤولية الأكبر في هذا الإطار تقع على عاتق قوات النظام السوري تبعًا للتجهيزات العسكرية، والتسليح المتنوع الذي تتمتع به، والذي يشمل أنواعًا متعددة من الألغام الروسية الصنع، إذ إنّ عددًا من تلك الأنواع لا تملكها سوى قوات النظام كالألغام البحرية التي ألقتها على المناطق المدنية بواسطة مروحيات عسكرية تابعة لها.
ولفت اللواء، الانتباه إلى أن استخدام الألغام محظور بموجب العهود والمواثيق الدولية ذات العلاقة، وفي مقدمتها معاهدة أوتاوا لحظر الألغام لعام 1997، والتي رفضت سوريا التوقيع عليها إلى جانب نظام روما الأساسي الذي يحظر تلك الممارسات باعتبار الألغام سلاحا يستهدف المدنيين الذين لا يشاركون في الأعمال القتالية.
وتضمن التقرير تفصيلًا لأنواع مختلفة من الألغام التي تُستخدم في النزاع السوري، ومنها ما يسمى محليًا بالمسطرة، والمسبحة، والحجر، والليزري، والدوسة، وهي ألغام أرضيّة خفيّة تنفجر عند الاقتراب منها أو لمسها أو لمس شيء مرتبط بها.
ودعا المرصد الأورومتوسطي أطراف النزاع في سوريا، وبشكل أساسي القوات النظامية، إلى التوقف عن زراعة الألغام، وتدمير المُخزّن منها بالكامل، والتعاون مع الفرق المختصة لكشف أماكنها وإبطال مفعولها ووضع علامات تحذيرية في الأماكن التي يُحتمل أن تكون فيها.
وطالب الأورومتوسطي الأجهزة المعنية في الأمم المتحدة بإطلاق برنامج واسع لتطهير مناطق النزاع في سوريا من الألغام، وتأمين الاعتمادات المالية، والمعدات والتقنيات والكوادر البشرية المتخصصة لذلك، من أجل المساهمة في حماية أرواح المدنيين السوريين.
وقُتل رئيس الدائرة الفنية في حوض الفرات الأدنى بدير الزور أول أمس السبت، وأصيب سائقه بجروح، جراء انفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب في قرية المريعية الواقعة ضمن مناطق نفوذ النظام السوري بريف دير الزور.
ووفق المرصد السوري لحقوق الإنسان فقد تم رصد، انفجار لغم أرضي برعاة أغنام في بادية الحوايج بريف دير الزور الشرقي، ما أدى إلى مقتل طفل وإصابة شاب كان برفقته وهم من أبناء مدينة البوكمال.
ووفقاً لتوثيقات المرصد السوري، فإن عدد الذين قتلوا وقضوا جراء انفجار ألغام وعبوات وانهيار أبنية سكنية متصدعة من مخلفات الحرب في مناطق متفرقة من الأراضي السورية في حمص وحماة ودير الزور وحلب والجنوب السوري، في الفترة الممتدة من بداية شهر كانون الثاني (يناير) من العام الفائت 2019 وحتى اليوم، بلغ 506 أشخاص، بينهم 77 مواطنة و157 طفلاً.