ملفات وتقارير

هل دفعت السعودية "الحريري" للاعتذار عن تشكيل الحكومة؟

محلل سياسي قال إنه من دون غطاء سعودي لا يمكن للحريري تشكيل حكومة جديدة- الأناضول
محلل سياسي قال إنه من دون غطاء سعودي لا يمكن للحريري تشكيل حكومة جديدة- الأناضول

فشلت الجهود الأمريكية والفرنسية الأخيرة مع السعودية في حلحلة الوضع اللبناني، ما دفع رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، إلى الاعتذار عن تشكيل الحكومة، ما أدخل البلاد في أزمة إضافية.


واعتذر الحريري قبل أيام عن تشكيل الحكومة، في ظل استمرار خلافه مع الرئيس ميشال عون، في حين يرى محلل سياسي أنه من دون غطاء سعودي لا يمكن للحريري تشكيل حكومة جديدة.

وخاضت السفيرتان الأمريكية والفرنسية ونظيرهما السعودي جهودا دبلوماسية في محاولة لحلحلة الوضع، إلا أن النتيجة جاءت معاكسة، فاعتذر الحريري. ما يطرح سؤالا حول الأسباب الحقيقة وراء الاعتذار، وعلاقة السعودية بذلك؟

ووفق المحلل السياسي فيصل عبد الساتر، فإن "الحريري كان يعلم أن الفيتو السعودي عليه حضر منذ اللحظة الأولى لتكليفه (قبل 9 أشهر)، لكنه لم يصارح أحدا لأنه ربما كان يراهن على الوقت لتغير الرياض موقفها منه".


وأضاف عبد الساتر أن "الحريري وبعد كل جولاته في الخارج، وصل في نهاية المطاف إلى طريق مسدود، وهو يعلم أنه من دون غطاء سعودي لا يمكنه تشكيل حكومة جديدة".


وأردف: "هذا ما تأكد مؤخرا من خلال حركة السفيرتين الأمريكية والفرنسية، حيث كان واضحا أنه ليس هناك أي إشارة إيجابية من السعودية تجاه الحريري".


وساطة مصر والإمارات لم تنجح


ولفت المتحدث إلى أن "الحريري كان يراهن على تغيير في الموقف السعودي تجاهه عبر وساطة ودعم من مصر والإمارات".


وتابع: "إلا أن الدور المصري لم ينجح في تغيير الموقف السعودي، كما أن تصاعد الخلافات بين أبو ظبي والرياض مؤخرا، أحبط رهان الحريري".

 

اقرأ أيضا: رئيس لبنان يعلن موعد الاستشارات لتسمية رئيس وزراء جديد

ورأى أن "ما ظهر إلى العلن خلال اعتذار الحريري بشأن الخلاف على التشكيلة الوزارية وتوزيع الحقائب كان مجرد شماعة، والحقيقة أن الحريري لم يحصل على أي ضوء أخضر سعودي، بل جرى إقصاؤه". إلا أن الكاتب والمحلل السياسي توفيق شومان، لا يربط اعتذار الحريري بموقف السعودية منه، ويقول إن الأزمة السياسية الحالية في لبنان هي صراع داخلي بشكل شبه كامل، دون نفي وجود تأثيرات قليلة من الخارج.


السعودية غير راضية عن الحريري


وأفاد شومان، بأن "موقف السعودية من الحريري ليس جديدا، إنما يعود إلى عام 2016، حيث لم تكن الرياض حينها راضية عن التسوية التي أبرمها الحريري مع عون (حليف حزب الله) والذي وصل من خلالها الأخير إلى سدة الرئاسة اللبنانية".


وأشار إلى أن "موقف الرياض من الحريري هو نفسه منذ التسوية الرئاسية حتى اليوم"، موضحا أن الحريري شكل حكومتين (عام 2016 و2018) بعد إبرامه التسوية مع عون، بمعزل عن موقف السعودية الذي لم يكن مؤيدا.


وبموجب هذه التسوية، وصل مؤسس "التيار الوطني الحر" ميشال عون، في تشرين الأول/ أكتوبر  2016، إلى سُدة الرئاسة، وبعد شهر واحد كلف الحريري للمرة الثانية رئيسا للحكومة.


وطالما كانت السعودية داعمة لما يعرف في لبنان بـ"الحريرية" السياسية منذ أوائل التسعينيات مع تولي رفيق الحريري رئاسة الحكومة، ثم نجله سعد بعد اغتيال والده عام 2005.


وتاريخيا، كانت تسود علاقات دافئة بين الرياض وبيروت، إلا أنها توترت بعد عام 2016، إذ اتهمت السعودية "حزب الله" (حليف عون) بالسيطرة على القرار السياسي والأمني في لبنان، فضلا عن تدخله في حرب اليمن بدعم جماعات تعمل ضدها.


وقال شومان: "صحيح أن السعودية أقفلت الأبواب على أي مساعدة إلى لبنان من دون شروط، سواء على شكل هبات أم إيداعات في المصرف المركزي، إلا أن أساس الأزمة داخلي، واعتذار الحريري يقع ضمن هذه الخانة".


صراع الصلاحيات


ولفت المتحدث، إلى أن "لبنان اليوم أمام أزمة صراع حول الصلاحيات بين رئاسة الجهورية ورئاسة مجلس الوزراء، وأمام محاولة للعودة إلى ما قبل 1990 عندما كان النظام في البلاد رئاسيا".


وفي عام 1990، إثر حرب أهلية استمرت 15 عاما، وقع المسؤولون اللبنانيون اتفاقية الطائف في السعودية لوقف الحرب، نُقلت بموجبها بعض من صلاحيات رئاسة الجمهورية إلى مجلس الوزراء.


وقبيل الطائف، كان رئيس البلاد يُعين الوزراء ويختار من بينهم رئيسا للوزراء، أما بعده فأصبح الرئيس يسمي رئيس الوزراء بالتشاور مع رئيس البرلمان استنادا الى استشارات نيابية ملزمة، وأصبح تشكيل الحكومة يتم بالاتفاق بين رئيس البلاد ورئيس الوزراء.


وفي 15 من الشهر الجاري، أعلن الحريري في مؤتمر صحفي اعتذاره عن تشكيل الحكومة بعدما قدم للرئيس عون تشكيلة وزارية ثانية بعد 9 أشهر من تكليفه، لكن الأخير طلب إدخال تعديلات عليها وهو ما رفضه الحريري.


وبذلك عادت الأزمة الحكومية في البلاد إلى نقطة الصفر، بعدما كانت حكومة تصريف الأعمال الراهنة برئاسة حسان دياب قد استقالت عقب 6 أيام من انفجار مرفأ بيروت، في 4 آب/ أغسطس الماضي، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا، وخسائر مادية هائلة.


ويشهد لبنان، منذ عام ونصف العام، أزمة اقتصادية حادة أدت إلى تدهور مالي، وفقدان القدرة الشرائية لمعظم المواطنين، فضلا عن ارتفاع معدلات الفقر بشكل غير مسبوق.

التعليقات (0)