مقالات مختارة

سيناريوهات اليوم التالي

عبد الله الكبير
1300x600
1300x600

تنبه بعض المحللين والمتابعين للشأن الليبي، إلى التعديل المفاجئ الذي أجراه عقيلة صالح على قانون انتخابات الرئيس، بشأن الحد الأدنى لسن المترشح، وتخفيضها من أربعين سنة إلى خمس وثلاثين. 


ذهبت الظنون وقتها إلى أن سبب هذا التعديل هو إتاحة الفرصة لترشح أحد أبناء حفتر، لأن شروط الترشح في مجملها صممت لترشح حفتر وتهيئة الطريق لفوزه، وإذا ما وقع أي تطور غير متوقع واستبعد حفتر، أو أحجم لسبب ما عن خوض غمار المنافسة، يترشح ابنه بدلا عنه. 


ولكن هذا التعديل لم يكن برغبة أو اقتراح من النواب، بل باقتراح من المفوضية التي تحولت خلال زمن التحشيد للانتخابات إلى قبلة للسفراء الغربيين. ولم يتردد النواب في الموافقة وإجراء التعديل في النسخة الأخيرة من القانون، ما يرجح أن دولة كبرى فاعلة كانت وراء هذا التعديل، لغرض الدفع بمرشح جديد من خارج التكتلات السياسية والعسكرية المعروفة.

 

ولكن استطلاعات الرأي لا تشير إلى احتمال فوز مرشح غير الأسماء الجدلية المعروفة. فكيف يمكن إقناع الناخبين بشخصية غير معروفة، لا حظ لها في منافسة الكبار، ومن ثم لن يكون هذا المرشح المغمور هو الحصان الأسود في هذه الانتخابات؟

 

قد تدفع أمريكا مع بعض الحلفاء بمقترحات أخرى ترضي أغلب أطراف الصراع، ولا تدفع الأمور نحو استفزاز الخصم الروسي، أو تجر البلاد إلى حرب جديدة، فالمشهد الفوضوي المعقد مفتوح على كل النهايات المتوقعة وغير المتوقعة.

ولكن الدفع بشخصية مغمورة غير جدلية ممكن إذا ذهبت الأمور نحو تأسيس اتفاق سياسي جديد، كما حصل في اتفاق الصخيرات، إذ لم يتوقع أحد اختيار فائز السراج رئيسا، والأمر نفسه تكرر في اتفاق جنيف عبر قائمة المنفي والدبيبة. 


أحد السيناريوهات الطارئة بعد أن بات تأجيل الانتخابات مرجحا، هو الذهاب إلى تسوية سياسية أخرى بتشكيل حكومة جديدة تضم كل الأطراف، وتنال قبولا محليا ودوليا يضاهي ما تتمتع به الحكومة الحالية. وكالعادة تتولى البعثة الأممية، ومن ورائها الدول الفاعلة، الإشراف على تشكيل هذه الحكومة عبر لجنة الحوار السياسي، أو من المرشحين بعد جولة أولى من الانتخابات، يتوقع أن تكون نتائجها متقاربة نظرا للعدد الكبير من المتقدمين، باستثناء الأسماء الأوفر حظا، وهم لا يتعدون الخمسة، أبرزهم رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة وسيف الإسلام القذافي.


 تطورات الجدل حول شرعية ترشح رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة لخوض غمار المنافسة، تتجه إلى تشكل تكتل واسع من المرشحين لمواجهة المرشح الأول للفوز عبد الحميد الدبيبة، بعد فشل الطعون القضائية في إقصائه. لذلك ستتغير خارطة التحالفات بشكل حاد من أجل تحقيق توازن مفقود معه.

 

أما سيف القذافي فبالنظر إلى الموقف الغربي الصارم في استبعاده، وهذا قد يتم بشكل عرضي عبر الطعون القضائية، فإذا تجاوز الطعون وعاد للسباق، سيتغير المسار نحو تسوية سياسية لا تمكنه من لعب دور مؤثر، أو تعاد صياغة قانون الانتخابات لإبطال ترشحه، فالموقف الأمريكي البريطاني لم يدع أي مجال لاحتمال القبول به في موقع قيادي يجبرهم على التعامل معه. 


 والحاصل أن حدة الصراع الدولي والإقليمي لأهداف مختلفة ومتعارضة أحيانا، مع الخلاف الممتد حول من يتولى منصب المبعوث الأممي خلفا للمبعوث المستقيل، وتعويل بعض المرشحين على الدعم الدولي، قد يدفع إلى استمرار إدارة الأزمة وتجميد الصراع، بتسوية مقبولة عن طريق لجنة الحوار السياسي، أو بعد جولة أولى من الانتخابات الرئاسية يجري في أعقابها اختيار العشرة أو العشرين الأعلى أصواتا لإنجاز التسوية وتقاسمهم السلطة في حكومة جديدة. 


إلى جانب هذه التوقعات. قد تدفع أمريكا مع بعض الحلفاء بمقترحات أخرى ترضي أغلب أطراف الصراع، ولا تدفع الأمور نحو استفزاز الخصم الروسي، أو تجر البلاد إلى حرب جديدة، فالمشهد الفوضوي المعقد مفتوح على كل النهايات المتوقعة وغير المتوقعة.

0
التعليقات (0)