كتاب عربي 21

توقعات أداء الاقتصاد المصري في العام الجديد

ممدوح الولي
1300x600
1300x600
يتوقع أن يواجه الاقتصاد المصري خلال العام الحالي مأزقا بسبب توجه الدول لرفع الفائدة، خاصة الولايات الولايات وعدد من الدول الأوروبية، ما سيؤدي لخروج العديد من المستثمرين الأجانب من الأسواق الناشئة ومنها مصر، ومن هنا ستضطر السياسة النقدية المصرية إلى الإبقاء على سعر الفائدة المرتفع حاليا، والذي يشكو المستثمرون المحليون من ارتفاعه، كما تعاني الموازنة العامة من تبعاته السلبية على قيمة فوائد الدين الحكومي في الموازنة.

وربما تتجه السياسة النقدية لرفع سعر الفائدة بنسبة قليلة وذلك لجذب المستثمرين الأجانب لشراء أدوات الدين الحكومي المصري، والتي تحقق موارد دولارية ضخمة بلغت 34 مليار دولار في أيلول/ سبتمبر الماضي، تساعدها على استقرار سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، وسط نقص واضح بالعملات الأجنبية، عبر عنه تراجع صافي العملات الأجنبية في الجهاز المصرفي إلى 5.3 مليار دولار في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، مقابل 20.4 مليار دولار في شباط/ فبراير من نفس العام الماضي، وارتفاع العجز في الميزان التجاري والذي يتوقع تخطيه رقم 40 مليار دولار في العام الماضي، وتأثر إيرادات السياحة سلبيا بالمتحور أوميكرون، وتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بسبب الظروف الدولية وبيئة الاستثمار المحلية المتخمة بالمعوقات واستمرار التضييق على رجال الأعمال، وخروج كثير من المستثمرين الأجانب من البورصة المصرية، وبلوغ الاحتياطيات من العملات الأجنبية في المصرف المركزي بنهاية العام 40.9 مليار دولار، مقابل 45.5 مليار دولار في شباط/ فبراير 2020، رغم ما حصلت عليه مصر من قروض وطرح سندات خلال تلك الفترة.
ربما تتجه السياسة النقدية لرفع سعر الفائدة بنسبة قليلة وذلك لجذب المستثمرين الأجانب لشراء أدوات الدين الحكومي المصري، والتي تحقق موارد دولارية ضخمة بلغت 34 مليار دولار في أيلول/ سبتمبر الماضي، تساعدها على استقرار سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، وسط نقص واضح بالعملات الأجنبية

18 مليار دولار تكلفة الدين الخارجي

وفي نفس الوقت تبلغ أقساط وفوائد الدين الخارجي متوسط وطويل الأجل بالعام الحالي 17.925 مليار دولار، بخلاف الدين الخارجي قصير الأجل والذي يزيد عن 13 مليار دولار. وإذا كان الدين الخارجي قصير الأجل يتم تجديده، فإن أقساط وفوائد الدين الخارجي يجب سدادها، خاصة للمؤسسات متعددة الأطراف والبالغ نصيبها 5.5 مليار دولار، وللدول المختلفة (عدا الخليجية) البالغ نصيبها 4.6 مليار دولار، وللسندات المطروحة في الخارج والبالغ نصيبها 3.7 مليار دولار.

ويبلغ نصيب الدول الخليجية الثلاث: الكويت والإمارات والسعودية؛ من الأقساط والفوائد في العام الحالي 4.2 مليار دولار، وربما يتم اللجوء إلى تأجيل سداد أقساطها كما حدث مع القسط المستحق للسعودية في أيلول/ سبتمبر الماضي، حيث يبلغ نصيب الكويت ملياري دولار، والإمارات 1.5 مليار دولار، والسعودية 682 مليون دولار، وفي حالة تأجيل سداد الأقساط للدول الخليجية الثلاث فإنه يجب سداد 13.9 مليار دولار لباقي الجهات.

ولهذا ستستمر مصر في الاقتراض الخارجي بأكثر من وسيلة، منها الصكوك السيادية التي جهزت لها وزارة المالية، وإصدار السندات الخارجية سواء الخضراء أو غيرها، والاقتراض من المؤسسات متعددة الأطرف الإقليمية ومن الدول، على الأقل لسداد الأقساط والفوائد المستحقة عليها، وفوائد استثمارات الأجانب التي تدور حول 13 مليار دولار، إلى جانب السياحة الخارجة والمدفوعات الخدمية الأخرى والتي تدور حول الثمانية مليارات من الدولارات.

ورغم توقع تحسن قيمة الصادرات السلعية، إلا أنها تعتمد بنسبة 60 في المائة على مكونات مستوردة، ومع توقع زيادة عائدات قناة السويس مع زيادة بنسبة ستة في المائة بالرسوم من شباط/ فبراير، إلا أن الوزن النسبي لها في مجموع الموارد قليل ويدور حول الخمسة في المائة. كما يتوقع استمرار احتلال تحويلات العمالة المركز الأول في موارد النقد الأجنبي، والتي تمثل حوالي ربع موارد النقد الأجنبي.
تظل قيمة الواردات السلعية المشكلة الرئيسية، حيث تشكل المكون الأكبر بمدفوعات النقد الأجنبي، ويتوقع بلوغها في العام الماضي أكثر من 80 مليار دولار، بسبب طفرة أسعار الوقود والسلع الأساسية وهو رقم غير مسبوق تاريخيا

الواردات السلعية تبلغ 80 مليار دولار

وتظل قيمة الواردات السلعية المشكلة الرئيسية، حيث تشكل المكون الأكبر بمدفوعات النقد الأجنبي، ويتوقع بلوغها في العام الماضي أكثر من 80 مليار دولار، بسبب طفرة أسعار الوقود والسلع الأساسية وهو رقم غير مسبوق تاريخيا، رغم أنه يمثل الرقم المسجل في الجمارك، بينما يحرص كثير من المستوردين على التلاعب بقيمة فواتير الواردات لخفض ما يدفعونه من جمارك.

وكان البنك الدولي قد توقع ارتفاع أسعار النفط وفول الصويا وزيت فول الصويا والأخشاب والتبغ واللحم البقري ولحوم الدواجن خلال العام الحالي، وكلها سلع تستورد مصر منها كميات كبيرة، كما توقع البنك الدولي انخفاضات ضيئلة في أسعار المعادن.

ورغم توجه الدولة المصرية لخفض قيمة الدعم على السلع التموينية، والتي تتركز في الخبز والزيت والسكر، مما يتطلب استيراد كميات كبيرة من القمح وزيت الطعام والسكر للوفاء بها، فإن الأمر يحتاج للتدرج، مما يعني الحاجة لاستمرار استيراد تلك الكميات الكبيرة من هذه السلع في العام الحالي والتي ارتفعت أسعارها بشكل كبير خلال العام الماضي، وكذلك توفير عملات صعبة لاستيراد البتوجاز والبنزين والسولار للوفاء بالاحتياجات المحلية، ودفع قيمة الغاز الطبيعي الذي تم التعاقد على استيراده من إسرائيل، واستيراد الذرة للوفاء باحتياجات الأعلاف اللازمة لتربية الثروة الحيوانية من اللحوم والأسماك والدواجن.

ورغم إدخال القطاع الخاص لاستيراد كميات من تلك السلع لتخفيف الضغط على الحكومة، إلا أنه يلجأ للمصارف المحلية لتدبير العملات الأجنبية لاستيرادها، وهي المصارف التي تعاني من عجز في صافي أصول العملات الأجنبية بها، خلال الفترة من شهر تموز/ يوليو وحتى شهر أيلول/ سبتمبر كآخر بيانات معلنة.

استمرار التدخل لتحديد سعر الصرف والتضخم

وهكذا يمكن توقع بقاء سعر الصرف عند نفس معدله المستمر خلال السنوات الأخيرة حول 15.7 جنيه للدولار، نتيجة تدخل المصرف المركزي إداريا، وذلك حتى لا تزيد تكلفة الواردات السلعية الضخمة، خاصة مع ارتفاع أسعارها عالميا وارتفاع تكلفة شحنها بحريا أيضا.
المصرف المركزى عينه على المستثمرين الأجانب لتشجيعهم على شراء أدوات الدين الحكومي، وحتى لا يكون تحريك سعر الصرف عاملا مضادا لجذبهم، خاصة بعد انخفاض رقم مشترياتهم من أذون الخزانة المصرية

كما أن المصرف المركزى عينه على المستثمرين الأجانب لتشجيعهم على شراء أدوات الدين الحكومي، وحتى لا يكون تحريك سعر الصرف عاملا مضادا لجذبهم، خاصة بعد انخفاض رقم مشترياتهم من أذون الخزانة المصرية في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بنحو ملياري دولار، وهي آخر بيانات معلنة، بينما لا يتم إعلان بيانات المالكين لسندات الخزانة المصرية، والتي تمثل النسبة الأكبر من الدين الحكومي بالمقارنة بأذون الخزانة، حيث يتوقع زيادة معدل للخروج للأجانب في الشهور التالية، في ضوء ارتفاع أسعار الفائدة في عدد من الدول الأوروبية وغيرها، وتجهيز الفيدرالي الأمريكي لذلك خلال العام الحالي.

وقد بدأت موجة من رفع الفائدة منذ تموز/ يوليو الماضي واستمرت في الشهور التالية، وخلال الربع الأخير من العام الماضي رفعت إنجلترا والنرويج ورومانيا والتشيك وبولندا والمجر سعر الفائدة، بل لقد رفعت كل من المجر وبولندا وبارجوي سعر الفائدة ثلاث مرات خلال الشهور الثلاثة، وزادت كل من التشيك ورومانيا وروسيا والبرازيل وتشيلي وكازاخستان وباكستان وأذربيجان وأرجواي الفائدة مرتين بنفس الفترة.

وبلغ عدد الدول التي رفعت سعر الفائدة 16 دولة في تشرين الأول/ أكتوبر، زادت إلى 18 دولة في الشهر التالي ثم إلى 20 دولة في الشهر الأخير من العام الماضي، وأربع دول في الأسبوع الأول من العام الجديد هي: بولندا وأورجواي وبيرو والأرجنتين، ليصل معدل الفائدة في الأرجنتين إلى 40 في المائة، بينما ظل معدل الفائدة المصري عند 8.25 في المائة منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 وحتى الآن.

أما معدل التضخم فسيظل منخفضا رغم ارتفاع الأسعار العالمية واستيراد مصر حوالي 60 في المائة من احتياجاتها الغذائية، بسبب التدخل الإدارى في إعلان رقم تضخم منخفض، يفيد السلطات النقدية في إعلان أنها قد حققت مستهدفات التضخم، كما يفيدها في إظهار سعر فائدة حقيقي يعد الأعلى في العالم، لإغراء المستثمرين الأجانب بشراء أدوات الدين الحكومي، وذلك بطرح معدل التضخم غير الواقعي من نسبة الفائدة.

twitter.com/mamdouh_alwaly
التعليقات (0)

خبر عاجل