مقالات مختارة

هل هذا شهر رمضان؟

فارس الحباشنة
1300x600
1300x600

في رمضان انقطاع عن اللحوم، وأكل ما تيسر من لحم أبيض: الدجاج والسمك.


وأحرص على التقشف والزهد، واستغلال الشهر الفضيل في العبادة والتقرب لله.


في رمضان، أفطر على صحن شوربة وأحرص على تناول العدس والفريكة، وصحن سلطة، ومكونات السلطة منوعة وثرية، وأتناول الحشائش الخضراء بكثرة.


رمضان فرصة لكي يستعيد الجسد عافيته، وفرصة لتطهيره من سموم الطعام والشراب، وكما قالوا فإن المعدة بيت الدواء والداء.


فلا يعقل في رمضان تحويله إلى شهر استهلاك وشهر إسراف و"أكل وشرب"؟!


الازدحام في المولات، واقتصاد «عربات المول« أهلك الناس، وأهلك صحتهم، وأهلك عادات وتقاليد رمضان.


فهل حقيقة أن العائلة تحتاج إلى شراء مونتها الشهرية دفعة واحدة؟


كل حارة وحي يوجد به دكان وسوبر ماركت، ولا يعقل أن تشتري شوال رز وشوال سكر و50 طير دجاج و5 قلنات زيت.


لست مظطرا لتخزين المواد الغذائية، انسعار الناس وإقبالهم العالي على شراء المواد الغذائية يزيد من سعرها، ويفتح شهية التجار على الاحتكار والتلاعب بالأسعار.


ناس يتزاحمون ويتلاطمون، وسيدات يجررن عربات وأكياس تفيض من العربة، والمول والدكان والسوبر ماركت قريب من البيت بعشرات الأقدام.


مناظر شاهدتها مع حلول شهر رمضان وتخال أن حربا تقرع الأبواب أو حظرا شاملا يطرق الاسماع وتذكرنا بأيام كورونا اللعينة والسوداء.


رمضان شهر بركة وخير، وشهر عمل وإنجاز وانتصار، وفي تاريخ العرب المعاصر حققت الجيوش العربية الأردنية والمصرية والسورية نصرا تاريخيا في حرب رمضان يضاف في سردية الصراع العربي/ الإسرائيلي إلى نصر معركة الكرامة الذي حققه الجيش الأردني.


وكم نحتاج إلى إعادة تقويم عاداتنا وسلوكنا وتفكيرها وأذهاننا في رمضان. ثقافة الاستهلاك والعبادة والابتعاد عن قيم التقاعس والبطالة والتثاؤب والضجر من الصوم، وكان الصائم يحمل الناس والمجتمع مسؤولية صيامه!


و لربما الأهم في رمضان، كيف نبني ثقافة العمل الاجتماعي والخيري، ويساعد الغني الفقير والاحساس الاجتماعي، والميسور المعسورين وما أكثرهم اليوم في بلادنا.. وتجنب إظهار مظاهر الاستهلاك والإسراف ونشر أخبار وصور الولائم والعزائم وبوفيهات خمس نجوم.


في رمضان تلجأ شريحة واسعة إلى البنوك وشركات التسهيلات المالية لاقتراض سلفة تسد وتغطي حاجات الشهر الكريم، ولا تنسوا أن رمضان يختم في عيد، وللعيد التزامات وفاتورة ومصاريف ونفقات خارجة عن الحسبة العادية.


كم نحتاج إلى فهم عقيدتنا وشرائعنا وطقوس عبادتنا بحكمة وعقلانية.. ولو فكر في رمضان ليكن شهر تكافل وتعاضد وإحساس اجتماعي، وشهر زهد وتقرب إلى الله، وشهر لاكتشاف الذات والأنا، وابتعدنا عن مظاهر التكلف والإسراف والاستهلاك والبذج والانفاق الغبي.

 

(الدستور الأردنية)

 

1
التعليقات (1)
طالب الجريري
الجمعة، 08-04-2022 03:00 م
كلام في غاية الروعة،،، شكرا استاذ فارس،،، رمضان كريم،،،،