كتاب عربي 21

51 في المائة نصيب الدول العشر الأوائل بالصادرات الدولية

ممدوح الولي
1300x600
1300x600
حسب بيانات منظمة التجارة العالمية، استحوذت خمس دول على نسبة 38 في المائة من الصادرات الدولية السلعية في العام الماضي، وهي الصين بنسبة، 15 في المائة والولايات المتحدة بنصيب 8 في المائة، وألمانيا 7 في المائة، وهولندا 4 في المائة، واليابان 3 في المائة.

وفي المركز السادس جاءت هونج كونج، تليها كوريا الجنوبية فإيطاليا وفرنسا وبلجيكا، ليصل نصيب الدول العشرة الأوائل 51 في المائة من الصادرات الدولية. وهذه القائمة للدول العشر مستمرة منذ سنوات مع التبديل بالمراكز خلال السنوات الماضية، ومن يخرج منها يقف على مشارفها ليعود مرة أخرى. ولذا فإن قائمة العشرين الأوائل أكثر تعبيرا عن تركز الصادرات الدولية، خاصة وأنها تستحوذ على نسبة 71 في المائة من مجمل الصادرات الدولية في العام الماضي.

وتتضمن قائمة العشر الثانية حسب الترتيب: كندا والمكسيك وروسيا وإنجلترا وسنغافوره وتايوان والإمارات والهند وإسبانيا وسويسرا. ويفضل بعض المتخصصين استبعاد ثلاث دول من قائمة العشرين الأوائل وهي: هونج كونج والإمارات وسنغافورة، على أساس أن ارتفاع رقمها جاء من ارتفاع نصيب إعادة التصدير بها لسلع سبق لها استيرادها، ولم تقم بإجراء أية قيمة مضافة عليها، ولذلك يستبدلونها بالدول الثلاث التالية وهي: أستراليا وبولندا وفيتنام، وأحيانا ماليزيا والبرازيل.
تخلو قائمة العشرين الأوائل من الدول العربية والإسلامية، سوى الإمارات في المركز السابع عشر، والتي دخلتها من باب إعادة التصدير

وهكذا تخلو قائمة العشرين الأوائل من الدول العربية والإسلامية، سوى الإمارات في المركز السابع عشر، والتي دخلتها من باب إعادة التصدير، لكن قائمة الثلاثين الأوائل تضمنت أربع دول اسلامية أخرى هي ماليزيا في المركز الرابع والعشرين، والسعودية وإندونسيا بالمركزين السابع والثامن والعشرين وتركيا في المركز الثلاثين.

باكستان 214 مليون نسمة وصادرات 28 مليارا

ومن خلال قائمة الأوائل بالصادرات يتضح أن العلاقة بين ارتفاع عدد السكان وارتفاع حجم الصادرات ليست دائمة، فإذا كانت الصين قد احتلت المركز الأول بكل من السكان والصادرات، فإن الهند صاحبة المركز الثاني عالميا بالسكان جاءت في المركز الثامن عشر بالصادرات، بينما جاءت الولايات المتحدة صاحبة المركز الثالث بالسكان في المركز الثاني بالصادرات.

وأهل ارتفاع عدد السكان دول مثل ألمانيا واليابان للتواجد بصدارة الصادرات، لكن مجيء هولندا التي يقل عدد سكانها عن 18 مليون نسمة، في المركز الرابع بالصادرات الدولية خالف السياق السكاني، وهو ما تكرر مع سويسرا التي يبلغ عدد سكانها تسعة ملايين، وبلجيكا البالغ سكانها أقل من 12 مليون نسمه، ويعني في نفس الوقت ارتفاع نسبة المكون الصناعي عالي التكنولوجيا غالي الثمن في صادرات تلك الدول.
خلت قائمة الثلاثين الأوائل من دول كثيفة السكان، مثل باكستان البالغ عدد سكانها 214 مليون نسمة، فبلغت قيمة صادراتها 28 مليار دولار فقط، ونيحيريا البالغ سكانها 201 مليون نسمه، بينما بلغت قيمة صادراتها 46 مليار دولار كدولة مصدرة للنفط والغاز الطبيعي، وبنجلاديش البالغ سكانها 172 مليون بينما كانت صادراتها 44 مليار دولار


إلا أنه على الجانب الآخر خلت قائمة الثلاثين الأوائل من دول كثيفة السكان، مثل باكستان البالغ عدد سكانها 214 مليون نسمة، فبلغت قيمة صادراتها 28 مليار دولار فقط، ونيحيريا البالغ سكانها 201 مليون نسمه، بينما بلغت قيمة صادراتها 46 مليار دولار كدولة مصدرة للنفط والغاز الطبيعي، وبنجلاديش البالغ سكانها 172 مليونا بينما كانت صادراتها 44 مليار دولار.

وبالطبع تتجه الصناعات المحلية بتلك البلدان النامية للوفاء باحتياجيات السكان محليا، لكن الأمر لا يخلو من بصمات سلبية من جانب الدول الكبرى خاصة ذات التاريخ الاستعمارى منها؛ في إبقاء تلك الدول مستوردة لمنتجاتها بأساليب متعددة، بعضها تجاري وبعضها سياسي وبعضها عبر الانقلابات العسكرية، ولجأت لتثبيت ذلك بعقد اتفاقات تجارة حرة مع الكثير من الدول النامية، بحيث يتم تبادل التجارة بين الجانبين بدون جمارك، سعيا لزيادة صادراتها، وابتعلت الدول النامية الطعم، حيث فقد زادت معدلات دخول المنتجات الأجنبية لأراضيها، لتستمر في عجزها التجاري، كما ساهم رخص المنتجات الأجنبية في صعوبة منافسة الصناعات المحلية لها، حتى أن بعضها لم يتمكن من الاستمرار في السوق، حيث أن تكلفة الخامات في كثير من الصناعات كانت أعلى من سعر المنتج النهائي المستورد.

أساليب غير تجارية لخفض صادراته النامية

 

وحتى مع وجود ميزة نسبية لبعض الصناعات في الدول النامية، فقد لجأت الدول الكبرى إلى سلاح الإغراق لفرض رسوم على تلك الواردات إليها، حيث فرضت دول أوروبية رسوم إغراق على أغطية الأسرّة المصرية، كما تلجأ إلى منع وصول بعض السلع الرخيصة بمبررات أخرى منها عمالة الأطفال، مثلما فعلت مع صناعة الملابس في بنجلاديش.

وتلجأ الدول الكبرى إلى تعزيز دور لوبي المستوردين في الدول النامية من خلال تسهيلات الموردين، ودعم جمعيات رجال الأعمال المشتركة، وتشجيع استهلاك منتجاتها بوسائل عديدة أبرزها المعونات، فعندما أرادت فرنسا أن يكون القمح الفرنسي ضمن قائمة الواردات المصرية من القمح، قامت بتقديم كمية من القمح الفرنسي كمعونة حتى تنضم للقائمة التي أصبحت تحتل المركز الرابع بها، وربما يتحسن مركزها في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية.

تتغاضى عن الممارسات الاستبدادية لتلك الدول، طمعا في استمرار نفاذ منتجاتها السلعية والخدمية إلى جانب مبيعات السلاح، مثلما تغاضت كثير من الدول عن تسبب الحكم السعودي في مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وعن ممارسات النظام المصري القمعية

ولتحسين الصورة الذهنية لتلك البلدان المصدرة لدى المستهلكين في الدول المستوردة، تقوم ببعض الأنشطة الثقافية، مثل إنشاء اليابان دارا للأوبرا في مصر، وإنشاء روسيا مركزا ثقافيا روسيا في مصر وغيرها، كما يمتد الأمر لإنشاء مدارس في تلك الدول تدرس مناهج الدول المصدّرة الدارسية لأبناء الصفوة في تلك المجتمعات، بحيث تربط الدارسين فيها، فيستمرون في التعامل معها عندما يكون لهم البيزنس الخاص بهم، وحتى إذا مارسوا أنشطة أخرى غير تجارية فسيكونون مفضلين لاستهلاك منتجاتها، ويستخدمون وسائل النقل الخاصة بها ويقضون إجازاتهم السياحية فيها.

وتستحق المنافسة التجارية الضارية عالميا والتي ظهرت بعض ملامحها بعهد الرئيس الأمريكي ترامب مع الصين وغيرها؛ أن تنفق تلك الدول الكثير لضمان استمرار نفاذ منتجاتها لتلك الأسواق كثيفة السكان أو للدول النفطية ذات الإيرادات العالية. كما تتغاضى عن الممارسات الاستبدادية لتلك الدول، طمعا في استمرار نفاذ منتجاتها السلعية والخدمية إلى جانب مبيعات السلاح، مثلما تغاضت كثير من الدول عن تسبب الحكم السعودي في مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وعن ممارسات النظام المصري القمعية.

عجز تجاري بأمريكا وإنجلترا وفرنسا

وتحاول الولايات المتحدة حاليا الاستفادة من الحرب في أوكرانيا في إحلال النفط والغاز الطبيعي الأمريكيين بنصيب معين، محل النفط والغاز الطبيعي الروسيين في أوروبا، كما تحاول الحد من القدرات التصديرية لروسيا، سواء في مجال الحبوب أو المعادن بإيجاد مصادر بديلة للدول المستوردة لها، وتستخدم سلاح العقوبات ضد روسيا ومن يتعانون معها، ولعل وقائع استبعاد رئيس الوزراء الباكستاني السابق عمران خان عندما أراد التعاون مع روسيا أحد الشواهد.

ويعزز تلك المواقف ما تشهده الموازين التجارية من عجز كبير بكثير من تلك الدول، وهو العجز الذي بلغت قيمته تريليونا و183 مليار دولار في الولايات المتحدة العام الماضي، وبلغ 226 مليار دولار في إنجلترا، و177 مليار دولار في الهند، و129 مليار دولار في فرنسا، و46 مليار دولار في تركيا، و17 مليار دولار في التشيك، و13 مليار دولار في اليابان.

يتسبب كبر حجم العجز التجاري في كبر العجز بميزان المعاملات الجارية، الذي يتضمن التجارة السلعية والتجارة الخدمية وفوائد الاستثمارات وتحويلات العمالة والمعونات

ويتسبب كبر حجم العجز التجاري في كبر العجز بميزان المعاملات الجارية، الذي يتضمن التجارة السلعية والتجارة الخدمية وفوائد الاستثمارات وتحويلات العمالة والمعونات، حيث بلغ العجز بميزان المعاملات الجارية في العام الماضي 807 مليار دولار في الولايات المتحدة، و82.5 مليار دولار في إنجلترا، و27 مليار دولار في فرنسا، وهو العجز المستمر منذ سنوات بذلك الميزان في تلك الدول الثلاث.

وحتى في الحساب المالي الذي يتضمن الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة والقروض والودائع، فقد حقق ذلك الحساب في العام الماضي عجزا في الولايات المتحدة بقيمة 729 مليار دولار، و61 مليار دولار في إنجلترا، و58 مليار دولار في فرنسا، وهو أيضا عجز مستمر منذ سنوات في تلك الدول الثلاث.

وحتى في الدول ذات الفائض التجاري السلعي، مثل الصين وألمانيا وهولندا وكوريا الجنوبية وإيطاليا وكندا وسويسرا وأستراليا وتايوان وغيرها، فإنها تسعى لتعظيم ذلك الفائض لتعويض العجز في ميزان التجارة الخدمية، مثل الصين وألمانيا، ولتحسين مركزها في قائمة الدول المصدرة حفاظا على دوران العجلة الاقتصادية فيها، وخفض معدلات البطالة والتضخم والفائدة، خاصة في الدول الديمقراطية التي تعتمد على أصوات الناخبين للاستمرار في مقاعد الحكم.

twitter.com/mamdouh_alwaly
التعليقات (0)