مقابلات

عبد اللطيف المكي لعربي21: سنعلن عن حزبنا الشهر المقبل

عربي21
عربي21

قال وزير الصحة التونسي الأسبق، عضو مبادرة "توانسة من أجل الديمقراطية"، عبد اللطيف المكي، إنهم دخلوا في الثلث الأخير من مسار تأسيس حزبهم الجديد، و"نحن الآن في مرحلة التدقيقات من حيث المضامين، والهيكلة، والاسم، والهوية البصرية للحزب، وخلال فترة وجيزة لن تتجاوز أسابيع قليلة، وربما خلال الشهر المقبل، سنعلن بصورة نهائية عن ميلاده بشكل رسمي".


وهاجم المكي، في مقابلة خاصة مع "ضيف عربي21"، موقف الرئيس قيس سعيد من الأحزاب التونسية، قائلا: "هذا رجل يحمل فكرا رجعيا، يعود لأشياء تشبه ما كان يقوم به القذافي، وهو يعادي الأحزاب؛ لأنه لا يستطيع أن يستفيد من وجودها، وهذه طبيعة المستبدين، ومع الأسف الشديد نمر بموجة فكر سياسي رجعي لن يُكتب له النجاح".


وأوضح أن "قيس سعيد تراوده بالفعل أفكار حل الأحزاب السياسية واعتقال قياداتها، بل وأكثر من ذلك"، مستدركا: "لكن الدولة التونسية التي عرفت الأحزاب السياسية منذ قرن ونصف، والعشر سنوات بعد الثورة، جعلت أجهزة الدولة المختلفة تدافع عن المكتسبات الديمقراطية، ولا يمكن أن تنساق لأي قرارات سياسية لضرب الأحزاب أو الديمقراطية".

 


وفيما يلي نص المقابلة الخاصة مع "ضيف عربي21":


أعلنتم قبل أيام اعتزامكم تأسيس حزب سياسي جديد.. فهل هناك جديد بشأن هذه الخطوة؟


الجديد في هذا الشأن أننا دخلنا في الثلث الأخير من مسار تأسيس الحزب، ونحن الآن في مرحلة التدقيقات من حيث المضامين، والهيكلة، والاسم، والهوية البصرية للحزب، وخلال فترة وجيزة لا تتجاوز أسابيع قليلة وربما خلال شهر حزيران/ يونيو المقبل، سنعلن بصورة نهائية في جلسة تأسيسية عن ميلاد هذا الحزب بشكل رسمي، وقد أخذنا وقتا معقولا في تأسيسه؛ لأن عملية تأسيس حزب ليس بالأمر الهين، وهو عبارة عن عرض سياسي جديد نقدمه للمجتمع التونسي بناءً على تقييم المرحلة السابقة منذ الثورة وحتى الآن، وبناءً على دراسة الواقع واستشراف آفاق المستقبل، ونأمل أن تكون عملية محترمة لتجنب أن يحكم الرأي العام على هذه التجربة حكما مسبقا كبقية الأحزاب الأخرى البالغ عددها 230 حزبا، وهي أحزاب في غالبيتها العظمى (95%) غير موجود إلا على الورق فقط.


ما الذي سيضيفه الحزب الجديد للمشهد السياسي التونسي؟


سيضيف خلفيته الفكرية "المحافظة"؛ فهو يعلن بصورة واضحة أنه حزب محافظ على القيم الاجتماعية والأخلاقية في حياتنا العامة، كما يحافظ على مكتسبات البلاد، وهو يحمل فكر تواصلي وتراكمي مع ما أنجزه السابقون من أبناء الوطن، ولا يحمل فكر القطيعة ويرفض وينفي كل ما تم إنجازه في السابق؛ فهو حزب يتمحور حول ربط العملية التنموية بالعملية الثقافية، باعتبار التنمية ثقافة؛ فقبل أن تكون هناك إمكانيات لا بد من وجود ثقافة مواجهة التحديات، وثقافة التطوير والإنجاز، وإنتاج الثروات، وهو حزب ديمقراطي يؤمن بأن الديمقراطية هي أفضل ما توصلت إليه الإنسانية في تنظيم العمليات السياسية، أو تنظيم التعاضد بين الدولة والمجتمع، وهو حزب إصلاحي أيضا، والإصلاحية تتكامل مع فكرة المحافظة؛ فلسنا في قطيعة، وإنما في عملية إصلاح وتطوير مستمر.


مَن هم أبرز الأعضاء المؤسسين لهذا الحزب؟ وهل جميعهم أعضاء سابقون في «النهضة» أم لا؟


بعضهم من حركة النهضة، لكن وفد علينا مستقلين من الشباب والكهول (من الذكور والإناث)، وأصبح عدد المستقلين أكثر من الأعضاء السابقين في حركة النهضة، والحزب لا يركز على تجميع الأسماء الكبرى بصورة مصطنعة، وإذا جاءت أسماء كبيرة بصورة طبيعية ووجدت نفسها في هذا المشروع فمرحبا، وإلا فنحن لسنا كالأحزاب التي ركزت على ذلك في العملية التسويقية للإبهار حتى أدى بها إلى التفرق والتشرذم والتمحور حول أشخاص؛ فنحن حزب طويل النفس يُعوّل على الطاقات الشابة في أن تبني مسارا داخل الحزب، وتصبح في يوم من الأيام معروفة، بالإضافة إلى أن الحزب يضم كثير من الأسماء الكبيرة التي يعرفها الرأي العام، منهم السيد محمد بن سالم، وزبير الشهودي، وسمير ديلو، وآمال عزوز، وجميلة الكسيكسي، والدكتور أحمد النفاتي، ومعز الحجر، وغيرهم الكثير..

 

ومعظمهم أسماء لها خبرات مرموقة سواء في الحكومة أو في البرلمان أو المجتمع المدني، وعالم السياسة، فضلا عن العشرات من الأسماء الشابة في داخل وخارج تونس.


رئيسة الحزب الدستوري الحر، عبير موسي، حذّرت قيس سعيد ورئيسة الحكومة، نجلاء بودن، من الترخيص لحزبكم.. فهل تتوقع أن تمنحكم السلطة ترخيصا رسميًا؟


نحن سنتقدم للإدارة التونسية؛ فقانون الأحزاب تطبقه الإدارة التونسية وفق مقاييس موضوعية، والبعض ما زال يتصور نفسه إنه يمثل التجمع المنحل (حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقا) الذي ثار عليه الشعب، بزعم أنه لا زال يحكم، وبالتالي يتوهم أنه قادر على أن يعطي تأشيرة القبول لهذا ويرفض تأشيرة لذاك، ونحن لن نولي هذه المشاكسات أي اهتمام، واهتمامنا سيتوجه للجماهير من شعبنا لنقنعهم بمشروعنا، ونستمع منه كذلك؛ لأن الشعب الذي يريد أن يطور بلاده تنبع منه الحكمة.


البعض يقول إنكم تحاولون استبدال ما يصفونه بـ"القميص الإخواني" قميصا آخر مقبول داخليا وخارجيا وطوق نجاة عند انغلاق الأبواب أمام النهضة.. ما تعقيبكم؟


هم يريدون أن يجعلوا من كلمة «إخوان» "سُبة"، والإخوان ليسوا "سُبة"، وإنما حزب وجماعة كبقية الأحزاب والجماعات التي لها أخطائها ولها إيجابياتها كذلك، نحن نريد أن نكون في سياق وطني، ولسنا بديلا عن أي حزب آخر، ونقدم عرضا سياسيا جديدا له أبعاده السياسية والأخلاقية والتنموية، والحكم بين الجميع هو الشعب الكبير.


كيف تفسر موقف الرئيس قيس سعيد من الأحزاب التونسية؟


هذا رجل يحمل فكرا رجعيا، يعود لأشياء تشبه ما كان يقوم به القذافي، ويقول: "لا عودة للوراء"، لكنه يريد أن يعود بنا إلى الوراء، وهو يعادي الأحزاب التونسية لأنه لا يستطيع أن يستفد من وجود الأحزاب والمنظمات التونسية، وهذه طبيعة المستبدين، ومثله مثل عبير موسى، فهما وجهان لعملة واحدة، يهاجمان الأحزاب، والمنظمات، وكل منهما يقول إنه الوحيد الموجود والقادر على الفعل، وعلى الإنجاز.. ومع الأسف الشديد نمر بموجة فكر سياسي رجعي لن يُكتب له النجاح.


رئيس "جبهة الخلاص الوطني"، أحمد نجيب الشابي، كشف مؤخرا أن قيس سعيد يعتزم حل الأحزاب السياسية وتوقيف قياداتها ووضعهم تحت الإقامة الجبرية.. فهل دخلت تونس مرحلة استهداف الأحزاب السياسية؟


أعتقد أن مثل هذه الأفكار تراود قيس سعيد وأنصاره، لكن الدولة التونسية التي عرفت الأحزاب السياسية منذ قرن ونصف، والعشر سنوات بعد الثورة جعلت أجهزة الدولة، من جيش وأمن وإدارة وقضاء، تدافع عن المكتسبات الديمقراطية، ولا يمكن أن تنساق لأي قرارات سياسية لضرب الأحزاب أو الديمقراطية، وهي استفادت من الثورة ومن المنظومة الديمقراطية، لكن قيس سعيد تراوده هذه الأفكار وأكثر وأخطر منها.


لكن ماذا لو قام بحل الأحزاب بالفعل؟ وهل يمكنه ذلك؟


واقعيا لا يمكن حل الأحزاب السياسية، من الممكن أن يصدر قرارا، لكن واقعيا لا يمكن حلها؛ فقد استطاعت أن تتواجد في ظل حكم "بورقيبة" و"بن علي"، رغم أنها كانت ممنوعة قانونيا ومُطاردة من قِبل الأمن، لكن الأحزاب صمدت، وصبرت، وبقيت، وأظن أن هذا سيستمر.


كيف ترى المستقبل السياسي لحزبكم الجديد وحظوظه في الانتخابات المقبلة؟


عندي أمل، لكن الأمل يجب أن نسعى إليه بالعمل، ونحن نعمل بالفعل، ولن تخيبنا النتائج أو صناديق الاقتراع، ونحن كديمقراطيين نقبل بحكم الشعب وتقييمه لنا أيّا كان.


ما هي "الخيارات السياسية الخاطئة" التي تعتقدون أن حركة النهضة وقعت فيها سابقا؟


منها إدارة الوفاق بين عامي 2014 و2019، وتهميش دور المناضلين داخل الحزب ومؤسسات الدولة، وعدم الأخذ بعين الاعتبار ملاحظات الرأي العام التي تُقال في الحملات الانتخابية، وكذلك إسقاط الحكومات وذهاب الأستاذ راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان، وإسقاط حكومتين في أربعة أشهر، وهو ما يدل على سوء اختيار أو سوء اتخاذ القرار، مما سهّل عملية الانقلاب، وهذا الكلام ليس وليد اللحظة، فقد قلته في حينه، ثم جاء قيس سعيد ووظف أخطاء الجميع، لكي يبرر انقلابه.


ما حجم وتأثير النهضة في المشهد السياسي اليوم في تونس؟


لا توجد إحصاءات مهنية دقيقة نستند إليها في ذلك، والآن ليس لدي تقدير بهذا الخصوص.


كيف تقيم الحياة الحزبية في تونس اليوم؟


تعاني الكثير من السلبيات، ولكن الأحزاب – التي ينطبق عليها كلمة أحزاب – كان لها الفضل في حمل الرسالة الديمقراطية، والنضال من أجل حقوق الإنسان والتبشير بتونس جديدة، لكن لديها الكثير من السلبيات، وأعتقد أن التعاون بين المناضلين وبين الدولة من خلال تطوير قانون الأحزاب لضمان ديمقراطية إدارة الأحزاب ولضمان المؤسساتية، ولضمان شفافية المال، وتقديم التمويل العمومي للأحزاب بقدر وزنها الانتخابي للحيلولة دون الاختراق من رأس المال الفاسد الداخلي أو رأس المال الأجنبي.. هذا كفيل بأن يطور الحياة الحزبية ويجعلها في عمومها إيجابية ومفيدة للبلاد.


هناك مَن لا يعتبر قيس سعيّد رئيسا شرعيا ويطالبون بانتخاب رئيس آخر شرعي.. فهل أنتم تعتبرون قيس سعيّد رئيسا شرعيا للبلاد أم لا؟


هو قال ذلك، هو خرج من الشرعية؛ فبعد أن أقسم على الدستور، وحمايته، لكن في النهاية خرج وألغى الدستور، وبالتالي هو ألغى منظومة شرعيته، وأصبح يتصرف من داخل منظومته الشخصية التي أسسها عبر مرسومه الرئاسي الذي أعقب انقلاب 25 تموز/ يوليو 2021.


ما مآلات المشهد السياسي في تونس؟


النضال، ثم النضال على مختلف الجبهات، حتى تتعافى الديمقراطية في تونس من هذا الاعتداء الغاشم عليها، وهو أمر وارد وأرجو أن يكون قريبا.

التعليقات (0)