مقابلات

برلماني مغربي لـ"عربي21": أداء حكومة "أخنوش" مرتبك وضعيف

السطي قال: لاحظنا وجود استهداف واضح للبرلمان وباقي المؤسسات المنتخبة- عربي21
السطي قال: لاحظنا وجود استهداف واضح للبرلمان وباقي المؤسسات المنتخبة- عربي21

لا نريد لحكومة "أخنوش" أن تفشل رغم كل ملاحظاتنا عليها وأتمنى أن تكمل ولايتها التشريعية

 

طريقة معالجة الحكومة لأزمة الارتفاع المهول في الأسعار تزعزع ثقة المواطنين في المؤسسات

 

الدستور يتيح إمكانيات أخرى يمكن اللجوء إليها قبل الدعوة لانتخابات مبكرة ومنها تعديل الحكومة

 

الملك المغربي عودنا على الإنصات لنبض الشارع والتفاعل معه كما حدث عام 2011

 

الأغلبية الساحقة من الموظفين غير راضية عن نتائج الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات

 

"اتحاد الشغل" بصدد إصدار مذكرة مُفصلة حول هفوات ومخرجات "الحوار الاجتماعي" الهزيلة

 

الحكومة أبعدتنا من الحوار ومن المجلس الاقتصادي والاجتماعي واضطررنا لتوجيه طعن

 

لاحظنا وجود استهداف واضح للبرلمان وباقي المؤسسات المنتخبة

 

الانتخابات المقبلة في المغرب يجب أن تفرز خريطة سياسية حقيقية والنتائج حتما ستتغير


وصف البرلماني عن نقابة "الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب" بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان)، خالد السطي، أداء حكومة "أخنوش" بـ "الارتباك وغياب الانسجام والوضوح، رغم كثرة الحديث عن الانسجام"، مضيفا: "هناك إشارات غير مُبشّرة، بالإضافة إلى ضعف التواصل والصمت، وضعف التفاعل السياسي، وتعليق كل شيء على الحكومات السابقة".


وأضاف السطي، في مقابلة خاصة مع "عربي21": "نحن لا نريد لهذه الحكومة أن تفشل رغم كل ملاحظاتنا عليها، لأن فشلها يعني ضياع زمن تنموي مهم في زمن سياسي مليء بالتحديات. ولا زال الوقت مبكرا للحكم على التجربة الحكومية التي أتمنى أن تكمل ولايتها التشريعية وتخضع للتقييم والمحاسبة من طرف الناخبين".


وحول احتمالية الدعوة لانتخابات جديدة حال تأزم الأوضاع وفشل الحكومة، أوضح أن الدستور المغربي "يتيح إمكانيات أخرى يمكن اللجوء إليها قبل الدعوة إلى انتخابات مبكرة، ومنها تعديل الحكومة بما في ذلك رئيسها. وعموما لقد عودنا جلالة الملك على الإنصات لنبض الشارع والتفاعل معه. وقع هذا بشكل واضح جدا خلال عامي 2011 و2017".


وأشار السطي إلى أن "الأغلبية الساحقة من الموظفين غير راضين عن نتائج ما سمي حوارا اجتماعيا بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب وبعض النقابات"، كاشفا أنهم في الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بصدد إصدار مذكرة مُفصلة حول ما وصفها بهفوات هذا الاتفاق ومخرجاته "الهزيلة".


وكانت الحكومة المغربية قد أعلنت، في 30 نيسان/ أبريل الماضي، توقيع اتفاق اجتماعي وميثاق وطني للحوار الاجتماعي مع النقابات يشمل تحسين شروط العمل وزيادة الأجور، عشية إحياء اليوم العالمي للعمال في الأول من أيار/ مايو المنصرم.


وانطلق هذا الحوار الاجتماعي في شباط/ فبراير الماضي برعاية الحكومة وبمشاركة ثلاث مركزيات نقابات "للشروع في التفكير الجدي والمسؤول في كيفية مأسسة الحوار الاجتماعي، ليكون عقده ملزما ومنتظما"، حسب ما أعلنه رئيس الحكومة عزيز أخنوش آنذاك.


وفي ما يلي نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":


ما تقييمكم لأداء حكومة "أخنوش"؟


الحكومة لا زالت في سنتها الأولى، لكن جرت العادة أن تتخذ الحكومة مجموعة من الإجراءات في المائة يوم الأولى لتولي المسؤولية. وإذا أردنا الانطباع الواضح عن أداء الحكومة يمكن أن أقول بدون تردد إنه طبعها الارتباك وغياب الانسجام والوضوح، رغم كثرة الحديث عن الانسجام، لكن أكيد أن هناك إشارات غير مُبشّرة، بالإضافة إلى ضعف التواصل والصمت، وضعف التفاعل السياسي، وتعليق كل شيء على الحكومات السابقة.


لنأخذ مثلا الطريقة التي جرى بها تدبير برنامج "فرصة" لتشجيع الشباب على خلق مقاولات صغيرة جدا لامتصاص البطالة؛ فقد اُنتزع من يد الوزير المكلف بالشغل والمقاولات الصغرى (الأصالة والمعاصرة) ووضع في يد وزيرة السياحة (حزب التجمع الوطني للأحرار)، بل وأُسند لمؤسسة عمومية لا يسمح القانون المنشئ لها بممارسة الأنشطة المتعلقة بهذا البرنامج، وهو ما يؤكد تحكم العوامل الحزبية في قرارات رئيس الحكومة على حساب الانسجام الحكومي والمشروعية القانونية لأعمال الحكومة. وقد كشف الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة ووزير العدل، عبد اللطيف وهبي، عن اختلافه مع رئيس الحكومة في هذا الملف قبل أن يؤكد قبوله بالقرار بعد حسمه من طرف أخنوش رئيس الحكومة ورئيس حزب الأحرار.


كما أن الطريقة التي تعالج بها الحكومة مسألة الارتفاع المهول في أسعار المحروقات والسلع الأساسية غير مفهومة وغريبة؛ إذ يشعر المواطن بتخلي الحكومة عنه وتركه في مواجهة مصيره وحده؛ فالضعف الكبير للتواصل الحكومي، وامتناع الحكومة عن القيام بإجراءات حقيقية للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين يزعزع ثقة المواطنين في المؤسسات، ناهيك عن البلبلة التي خلقها قرار فرض جواز التلقيح لولوج مقرات العمل وغيرها من المرافق نتج عنه اعتصامات ومسيرات ضخمة في مختلف مدن المغرب.


ثم ملف آخر ساهم في رفع القلق من هذه الحكومة ألا وهو تحديد سن التوظيف بالتربية والتعليم في 30 سنة بدلا من 45، كما هو منصوص عليه في القانون دون إغفال عدم تلبية مطالب مادية رفعت في الحملة الانتخابية كالعادة في أجور المدرسين بحوالي 250 دولارا شهريا، وإدماج الأساتذة المتعاقدين في الوظيفة العمومية، والزيادة في أجور الأطباء بـ 400 دولار، وتخصيص منحة الشيخوخة بـ 100 دولار شهريا للمسنين، وما إلى ذلك.


الحكومة المغربية وقعت خلال الأسابيع الماضية اتفاقا اجتماعيا وميثاقا وطنيا للحوار الاجتماعي مع النقابات.. فكيف تنظرون لنتائج هذا الحوار؟


مخرجات ما سمي "حوارا اجتماعيا" بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب وبعض النقابات تعزز ما ذهبتُ إليه في الإجابة على سؤالكم الأول؛ فقد كشف استطلاع للرأي أعدّه "المركز المغربي للمواطنة" مؤخرا عن عدم رضا الأغلبية الساحقة من الموظفين عن النتائج الهزيلة لهذا الحوار، ونتائج هذا الاستطلاع منشورة للعموم، وهي تعبير حي عما يشعر به العامل والموظف، ونحن في "الاتحاد الوطني للشغل" بصدد إصدار مذكرة مُفصلة حول هفوات الاتفاق المذكور ومخرجاته الحقيقية.

 

هل تضخم التكنوقراط في تركيبة حكومة أخنوش على حساب السياسيين يُعدّ من بين الأسباب التي أدت لهذا الإخفاق برأيكم؟


دعنا نكُن واقعيين. لا يمكن ربط إخفاقات الحكومة في أشهرها الأولى بوجود تكنوقراطيين ضمن تشكيلتها. لقد حسم الدستور هذه المسألة؛ فإذا كان اختصاص تعيين الوزراء من طرف الملك مطلقا، فإن اختصاص اقتراح الوزراء على الملك من طرف رئيس الحكومة هو اختصاص مطلق أيضا.


وبالتالي، فإن رئيس الحكومة في النهاية هو الذي يتحمل حصيلة حكومته، سواء كان فيها وزراء تكنوقراط أم كانت كلها مُحزّبة. ولكي أجيبك باختصار شديد، فأنا أعتقد أن رئيس الحكومة نفسه شخص تكنوقراطي رغم أنه يرأس حزبا سياسيا.


هل العاهل محمد السادس يمكن أن يدعو إلى انتخابات جديدة حال تأزم الأوضاع وفشل الحكومة؟


بداية، لا نريد لهذه الحكومة أن تفشل رغم كل ملاحظاتنا عليها، لأن فشلها يعني ضياع زمن تنموي مهم في زمن سياسي مليء بالتحديات. وهناك أعمال وأوراش مهمة مفتوحة اليوم منها ما هو متواجد بالصحراء المغربية كميناء الداخلة المتوسطي بأقصى الجنوب المغربي، والطريق السريع الرابط بين تزنيت والداخلة، الذي يمتد على مسافة 1055 كلم، وينبغي تعبئة كل الوسائل من أجل إنجاحها.


لقد اخترنا في المغرب آليات أخرى لتدبير التنافس السياسي، وبغض النظر عن الملاحظات المسجلة حول العملية الانتخابية الأخيرة؛ فنحن مع المنهجية الديمقراطية، وبالتالي لا زال الوقت مبكرا للحكم على التجربة الحكومية التي أتمنى أن تكمل ولايتها التشريعية وتخضع للتقييم والمحاسبة من طرف الناخبين رغم الاختلاف في طريقة تدبير انتخابات أيلول/ سبتمبر 2021 التي جاءت بها.


لكن مع ذلك وجوابا على سؤالكم. فالدستور يتيح لجلالة الملك مجموعة من الخيارات، ومنها إمكانية حل البرلمان، والدعوة لانتخابات سابقة لأوانها، إذا كان ذلك سيُشكّل حلا لتأزم الأوضاع وفشل الحكومة.


ماذا لو لم يقم الملك بالدعوة لانتخابات جديدة رغم استمرار تأزم الأوضاع وفشل الحكومة؟


أعتقد أن الحياة السياسية في المغرب مرنة إلى درجة تمكن من التأقلم والتكيف مع الأوضاع. ومن هنا فإن الدستور، نصا وروحا، يتيح إمكانيات أخرى يمكن اللجوء إليها قبل الدعوة إلى انتخابات مبكرة، ومنها تعديل الحكومة بما فيها رئيسها. وعموما لقد عودنا جلالة الملك على الإنصات لنبض الشارع والتفاعل معه. وقع هذا بشكل واضح جدا خلال الربيع العربي سنة 2011 وخلال احتجاجات إقليم الحسيمة سنة 2017.


في حال إجراء انتخابات جديدة في المغرب قبل نهاية العام الجاري.. ما توقعاتكم لنتائج تلك الانتخابات المحتملة؟


كما سبقت الإشارة إليه، فإن الدستور يتيح إمكانية أخرى يمكن اللجوء إليها قبل الدعوة لانتخابات مبكرة. أما توقع نتائج الانتخابات فمسألة ثانوية، والمهم بالنسبة لي، سواء أجريت الانتخابات في وقتها أم أجريت قبل ذلك هو سلامة العملية الانتخابية، وتصحيح الاختلالات التي شهدتها التجربة الانتخابية السابقة، ومنع استعمال المال، والتوجيه والدعاية السياسية، ووقف التشهير بالمنافسين، وهذا سيفرز لنا خريطة سياسية حقيقية والنتائج حتما ستتغير، لأن العديد من المغاربة مقتنعون بأن نتائج 8 أيلول/ سبتمبر 2021 لم تعكس الخريطة الحقيقية للناخب بالضبط كما حدث في الانتخابات المهنية الأخيرة الخاصة بالنقابات.


البعض يرى أن "مَن يحكم المغرب هو الملك الذي هو رئيس الدولة، وأمير المؤمنين، ورئيس السلطة القضائية والتنفيذية والقوات المسلحة، بل ورئيس كل شيء في البلاد، وذلك حسب الدستور المغربي"، وبالتالي فصلاحيات رئيس الحكومة "ليست مطلقة".. ما تعقيبكم؟


لقد اختار المغرب منذ السنوات الأولى لاستقلاله نظاما سياسيا دستوريا، بل لقد كانت هناك محاولة جادة قبل الحماية الفرنسية سنة 1908 لاعتماد وثيقة دستورية. وهناك القانون الأساسي للمملكة الذي صدر سنة 1961، وهو بمثابة إعلان دستوري قبل دستور 1962.


ولقد عرفت الحياة السياسية خلال الستين سنة الماضية مدا وجزرا بين المعارضة والملك الراحل الحسن الثاني، رحمه الله، قبل أن يقتنع الجميع بأهمية التعاون.


لقد ارتقى دستور 2011 بمكانة الوزير الأول إلى رئيس للحكومة بصلاحيات واسعة وغير مسبوقة. وربط تعيينه بالإرادة الشعبية، حيث نص الفصل 47 على ضرورة تعيين رئيس الحكومة من الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات، وهو من يقترح الوزراء.


كما أن الدستور ربط التعيين بالتنصيب البرلماني بناءً على برنامج يتقدم به رئيس الحكومة، ولذلك فهو يتحمل مسؤولية تنفيذ التعهدات الواردة في هذا البرنامج. أيضا لا بد من التذكير بأن جلالة الملك، وفق الدستور، هو رئيس الدولة والضامن لوحدتها، ويُلجأ إليه للتحكيم، وهذا أمر مهم بالنسبة لنا كمغاربة، وهذا أمر يخصنا أيضا.


وماذا عن تقييمكم لأداء البرلمان في تركيبته الحالية؟


لقد وسعت الوثيقة الدستورية من اختصاصات البرلمان، سواء في المجال التشريعي أو الرقابي. وقد تم التراجع عما يمكن تسميته نظام "الثنائية البرلمانية" وليس الثنائية المجلسية التي كانت موجودة في دستور 1996، حيث كان بإمكان مجلس المستشارين (الغرفة الثانية) التقدم بملتمس الرقابة لإسقاط الحكومة، رغم أنه لم يكن معنيا بتنصيبها.


لقد وسّع دستور 2011 من مجال القانون، وجعل إخراج القوانين اختصاصا حصريا للبرلمان، وأضاف اختصاصا رقابيا آخر يتعلق بتقييم السياسات العمومية. وكما تعلمون فإن المغرب أدمج المكون النقابي ضمن تركيبة مجلس المستشارين من خلال تخصيص 20 مقعدا للمنظمات النقابية من أصل 120 مقعدا.
يقوم البرلمان بمهام رقابية وتشريعية مهمة غير أننا لاحظنا منذ مدة استهدافا واضحا للبرلمان وباقي المؤسسات المنتخبة. لكن هذا لا يمنع من القول بأن هناك تحديات مرتبطة أساسا بطبيعة النخب، وتمثل هذه الأخيرة وظيفة السلطة التشريعية التي تحولت في أغلب الأحيان إلى آلية ميكانيكية في يد الأغلبية الحكومية، وعليه فالأحزاب السياسية مسؤولة عن نوعية النخب التي قدمتها ورشحتها للبرلمان.


ولذلك، ينبغي على البرلمان أن يقوم بوظائفه كاملة في استقلال عن الجهاز التنفيذي في إطار نظام فصل السلط الذي تأخذ به بلادنا؛ فالبرلمان يمارس الرقابة على عمل الحكومة، ولا ينبغي أن يتحول إلى أداة في يدها.


كيف ترى اليوم ترتيب نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب؟ وما حظوظها في الانتخابات المهنية المقبلة؟


الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب هو منظمة نقابية حقيقية، بغض النظر عن نتائج انتخابات فئة ممثلي الموظفين وعمال القطاع الخاص (اقتراع 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2021)، التي قلّصت من تواجدنا بمجلس المستشارين، وحصلنا على 10% من مجموع المقاعد المُخصصة لممثلي الأجراء.


أيضا نحن القوة النقابية الثالثة بالقطاع الخاص بما يزيد عن 2400 مندوب رسمي عبر التراب الوطني، وبخصوص حظوظ النقابة في الانتخابات المقبلة، والتي لا زالت بعيدة عام 2027؛ فحاليا نشتغل على إعادة الهيكلة التنظيمية قطاعيا ومجاليا في أفق عقد المؤتمر الوطني العام المقبل بعدها سنستعد للاستحقاقات الانتخابية.


هل أنتم معنيون بـ "الحوار الاجتماعي"؟


نقابتنا انخرطت فيه منذ عام 1996، حيث وقعت اتفاق 1 آب/ أغسطس 1996، كما وقعت عددا من الاتفاقات آخرها نيسان/ إبريل 2019، ورغم ارتفاع عدد مناديب الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب تواليا من 500 سنة 2003 إلى 1400 عام 2009 إلى 2572 سنة 2015 إلى 2680 سنة 2022، إلا أن الحكومة أبعدتنا من الحوار الاجتماعي، وتم إبعادنا من عضوية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في مخالفة للقانون التنظيمي للمجلس، مما دفعنا إلى توجيه طعن إداري ثم قضائي.


إلى أي مدى تأثرت نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بنتائج الانتخابات السابقة؟ وما الأسباب التي أدت لتراجع حظوظكم في تلك الانتخابات؟


سبق ونظمنا كنقابة مؤتمرا صحفيا بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات بسطنا خلاله مجموعة من الملاحظات التي سجلناها على سير العملية الانتخابية. وبخصوص الانتخابات المهنية؛ فقد عرفت هي الأخرى انتكاسة كنّا نأمل تجاوزها لإفراز خريطة نقابية حقيقية، حيث سجلنا مجموعة من الاختلالات التي شابت هذه الاستحقاقات الانتخابية، من قبيل عدم الالتزام بمقتضيات القوانين المنظمة للعمليات الانتخابية، وصلت درجة التلاعب في التقطيع الانتخابي، كما وقع بقطاعي التعليم والعدل إسقاط أسماء كثيرة من ناخبي الاتحاد من لوائح الناخبين بمختلف مدن المملكة، خاصة بقطاعات المالية والصحة والجماعات الترابية وتسجيل آخرين بمدن لا علاقة لها بانتدابهم، وعدم إشعار آخرين بمكاتب تصويتهم، مما حرم نسبة كبيرة منهم من حقهم في التصويت، بالإضافة إلى حدوث فوضى في بعض مقرات مكاتب التصويت؛ بعدما ترك المجال لبعض الأطراف للقيام بممارسات مشبوهة لاستمالة الناخبين، باستعمال مختلف الوسائل للتصويت على لوائح بعينها أو تهديدهم بالطرد من العمل.


ما أسباب تحول موقف إسبانيا من قضية الصحراء؟


ببساطة جدية الطرح المغربي وواقعيته. فلا يتعلق الأمر بإسبانيا فقط، بل بعدد من الدول التي كانت إما راعية للانفصال أو أن موقفها يتسم بالرمادية. والصحراء مغربية بحكم التاريخ والجغرافية والروابط الاجتماعية، لكن ما ينبغي الإشارة إليه هو أن التحول في الموقف الإسباني تاريخي ينضاف إلى الموقف الأمريكي المُتخذ في كانون الأول/ ديسمبر 2020 المعترف بمغربية الصحراء.


صحيح، أن العلاقة بين المغرب وإسبانيا كانت تعرف في السابق مدا وجزرا، لكن كان هناك اقتناع دائم داخل بعض الأوساط الإسبانية بأهمية الشراكة الاستراتيجية مع المغرب، قبل أن ينتصر موقف مدريد الأخير على أي محاولة لإطالة سوء الفهم؛ فهناك تحديات مشتركة تتعلق بمكافحة الهجرة غير النظامية، والاتجار الدولي في المخدرات، والإرهاب، تفرض عملا كبيرا بين البلدين، خصوصا أن الانفصال يساهم في تغطية الإرهاب، بل هو أحد روافده الأساسية، كما أعلن المجتمعون في الاجتماع الوزاري الدولي لمحاربة داعش المنعقد بمراكش مؤخرا.

 

لكن ما هو المقابل الذي قدمه المغرب لإسبانيا كي تدعمه في قضية الصحراء؟


لطالما اتسمت السياسة الخارجية للمغرب بالجدية والواقعية على قاعدة رابح- رابح. وبالتالي لا يمكن الحديث عن تنازلات. ويتضح اليوم أن المغرب شريك جاد وملتزم، وفي نفس السياق مدافع شرس عن حقوقه. لقد قدّم المغرب مقترحا جادا لتسوية النزاع المفتعل في الصحراء عبر مبادرة الحكم الذاتي، وهي مبادرة تحظى بدعم الأمم المتحدة، التي تعتبر هذه المبادرة أساسا جادا وذا مصداقية لإنهاء هذا النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.


وهناك اليوم حوار هادئ بين الرباط ومدريد لبناء شراكة استراتيجية بناء على قاعدة رابح – رابح، وحل مجموعة من الإشكالات من بينها مسألة سبتة ومليلية.

 

كيف تنظرون لقمة جامعة الدول العربية المقبلة التي ستنعقد خلال أشهر قليلة بالجزائر في ظل غياب المغرب عنها؟


حتى الآن لا علم لي بأن المغرب سيتغيب عن قمة جامعة الدول العربية بالجزائر. هناك آمال كبيرة معقودة على القمة العربية المقبلة، خصوصا في ظل التحديات والإشكالات التي تواجه الوطن العربي، ومن بينها محاربة الإرهاب، والأمن الغذائي، وبناء شراكة اقتصادية حقيقية، خصوصا في ظل المتغيرات الدولية الأخيرة.


لقد حان الوقت لوضع الخلافات جانبا، والتوجه نحو المستقبل كقوة واحدة، وللإشارة فالمغرب طالما مد يده للأشقاء بالجزائر من أجل المصالحة، كما دعا جلالة الملك الرئاسة الجزائرية أكثر من مرة إلى فتح الحدود بين البلدين، لكن للأسف لا حياة لمن تنادي، خصوصا وأنه لا مكان في عالم اليوم للحلول الفردية. صحيح، من المستبعد جدا اندلاع حرب عالمية ثالثة، لكن لا أحد يمكنه أن يتكهن بالمستقبل، وبالتالي علينا أن نكون مستعدين لكل السيناريوهات.

التعليقات (0)