تقارير

مخيم شعفاط.. ضحية إهمال "بلدية القدس" و"الأونروا"

مخيم شعفاط.. شاهد على جزء من تاريخ احتلال فلسطين
مخيم شعفاط.. شاهد على جزء من تاريخ احتلال فلسطين

يحمل اسمان وفقا للقريتين الواقع بينهما، فهو مخيم شعفاط، وأيضا مخيم عناتا، إذ يقع على مساحة تقارب الـ200 دونم في أراضي قريتي عناتا وشعفاط ضمن حدود القدس المحتلة.

 

                        مشهد خارجي لمخيم شعفاط

نشأ متأخرا عن باقي المخيمات فقد بدأت حركة النزوح إلى مخيم شعفاط ما بين عامي 1965 و1966، أي بعد مرور أكثر من عقد على إنشاء جميع المخيمات الرسمية في الضفة الغربية، وهو بحسب وكالة الغوث الدولية (الأونروا) المخيم الوحيد الذي يحمل قاطنوه "الهوية الإسرائيلية" أو ما يسمى بـ"الهوية المقدسية"، على خلاف هوية عرب 48 الذين تتعامل معهم سلطات الاحتلال بوصفهم "مواطنين إسرائيليين"، نظريا، لكن واقعيا تمارس ضدهم كل أنواع العنصرية والتمييز.

ووفقا لأوراق "الأونروا" فقد أقيم المخيم بديلا لمخيم المعسكر الذي كان في البلدة القديمة بجانب حائط البراق أو الجهة الغربية للمسجد الأقصى. وبعد خروج جميع اللاجئين، أغلق مخيم المعسكر.

وتعود أصول اللاجئين في مخيم شعفاط إلى 55 قرية تابعة لمناطق القدس واللد ويافا والرملة. ومثل باقي مخيمات الضفة الغربية، فقد تأسس المخيم فوق قطعة من الأرض استأجرتها "الأونروا" من الحكومة الأردنية.

 

                           الشارع الرئيسي في مخيم شعفاط

وكانت عملية تأسيس المخيم واحدة من المشاريع التي تقدمت بها الحكومة الأردنية عبر المراسلات بين وزارة خارجيتها وبلدية القدس التي كان يرأسها في حينه روحي الخطيب، ومحافظ القدس ووزارة الإنشاء والتعمير.

ويعد مخيم شعفاط المخيم الوحيد في الضفة الغربية الذي يقع ضمن الحدود "البلدية" للقدس لذلك يحصل سكانه على هويات مدنية تابعة للقدس، الأمر الذي يضمن لهم حقوق الإقامة في القدس ويجعلهم "مؤهلين" للحصول على بعض الخدمات الاجتماعية الإسرائيلية، بما في ذلك الرعاية الصحية.

المخيم محاط بالعديد من المستوطنات الإسرائيلية، ويمنع اكتمال السلسلة الاستيطانية حول القدس فمستوطنة التلة الفرنسية من الجنوب، ومستوطنة بسكات زئيف من الشمال، ومستوطنة عناتوت من الشرق، ومستوطنة شفاط من الغرب، في حين يحاصره جدار الفصل العنصري من ثلاث جهات.

ويعاني مخيم شعفاط مثل باقي المخيمات الفلسطينية من مشاكل كثيرة وأخطرها الكثافة السكانية العالية إذ إن الأرقام تشير إلى أن نحو 9 آلاف نسمة يسكنون المخيم، وبإضافة القاطنين على شارع عناتا، وهو ضمن أراضي المخيم، يصبح المجموع العام نحو 15 ألف نسمة.

ومن المشاكل التي يعانيها المخيم الجدار العنصري (الجدار الفاصل) الذي أدى إلى تعطيل وعرقلة أعمال الكثير من العمال الفلسطينيين وعقد حياتهم، إضافة إلى إغلاق الطريق الخارجة أمام سكان المخيم والتهديد المتواصل بهدم المنازل الفلسطينية، والمضايقات اليومية التي تمارسها شرطة الاحتلال عند حاجز المخيم.

ويتسبب الجدار بعرقلة الحياة اليومية لسكان المخيم، خصوصا طلاب المدارس والجامعات والعمال الذين يقفون صباحا ومساء في كل يوم على الحاجز للخروج إلى أعمالهم ومدارسهم وجامعاتهم، كما يؤثّر وجود الحاجز على حركة المرور بين القرى المجاورة للمخيم لأن المخيم هو الحلقة الفاصلة لقرى القدس الشمالية عن قراها الشرقية.

وبسبب إهمال السلطة الفلسطينية وعدم الاهتمام من "بلدية" القدس الإسرائيلية وعدم اكتراث وكالة "الأونروا" لهذا المخيم فهو يعاني من نقص في الخدمات والبنية التحتية، إذ إن "الأونروا" تعتقد أن الأوضاع المادية لأهالي المخيم جيدة وهو لا يحتاج إلى خدماتها، رغم أن "بلدية" القدس لا تعترف جغرافيا بسكان المخيم ولا تقدم لهم أية خدمة، وبالتالي فقد ضاعت حقوق سكان المخيم بين الاحتلال و"الأونروا".

ويختلف مخيم شعفاط عن المخيمات الأخرى كونه يقع في قبضة إسرائيلية محكمة ويُفرض عليه نوع غريب من العزل: عزل عن المدينة التي احتضنته منذ التأسيس وكان جزءا منها، وعزل عن محيطه الفلسطيني الذي يحظر عليه الدخول إلى المخيم أو التدخل في شؤونه. 

 

شباب فلسطينيون يرشقون الحجارة خلال مواجهات مع شرطة الحدود الإسرائيلية في مخيم شعفاط

باختصار؛ فإن الوضع داخل المخيم صعب ومعقد، فالتركيبة السكانية المتنوعة، وتعدد الجهات صاحبة القرار، والعجز عن القيام بالواجبات تجاه المخيم، أمور كلها زادت من حجم المشكلة، في ظل ضعف ولامبالاة وعدم تدخل "الأونروا" في مواجهة مخططات "بلدية" القدس، وغياب شبه تام لخطة فلسطينية تستجيب للحد الأدنى من حاجات المقدسيين، وبينهم سكان مخيم شعفاط.

معاناة المخيم لا تتوقف عند أي حد فهي متواصلة مع الهجمات التي يشنها الاحتلال على المخيم في ظل ما تشهده الأراضي الفلسطينية من أحداث متسارعة، فقد دفع المخيم ضريبة مواقفه الوطنية بسقوط عدد من الشهداء واعتقال العشرات من أبناء المخيم. ولا يزال يدفع ثمنا باهظا من جوانب عدة منها ضياع هوية الجهة المسؤولة عنه.

المصادر

ـ هبة أصلان، "غيتو" مخيم شعفاط: عزل إسرائيل وغياب رسمي فلسطيني، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد107،2016.
ـ وكالة الغوث الدولية (الأونروا)، ملف المخيمات، مخيم شعفاط، 31 /3/2005.
ـ وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا)، مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، مخيم شعفاط.
ـ أين يقع مخيم شعفاط، موقع حروف عربي، 28/3/2020.
- هبة أصلان، مخيم شعفاط.. لاجئون من التهجير للعزل، الجزيرة نت، 25/5/2016.



التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم