تقارير

"العفولة".. قصة مدينة فلسطينية لم تفقد هويتها رغم الاحتلال

صورة جوية حديثة لمدينة العفولة
صورة جوية حديثة لمدينة العفولة

حظيت بموقع استراتيجي نادر، وجمال طبيعة ساحر، وفي غفلة من الزمن بيعت من قبل أسرة عربية مقطوعة الجذور عن فلسطين ليهود قدموا إلى فلسطين كمهاجرين، ومع مرور الوقت تحول سكان المنطقة الأصليين إلى أقلية وسط موجة من المهاجرين الجدد.

العفولة أو "عاصمة المرج" مدينة فلسطينية تقع جنوبي مدينة الناصرة، في منتصف سهل مرج ابن عامر الأرض الساحرة وجنة فلسطين وغلة خيراته.

جعل منها موقعها الجغرافي ملتقى عدة طرق محورية خدمت كل قرى ومدن المنطقة المحيطة بها، فهي تتحكم في بوابات سهل مرج ابن عامر بالطرق التي تربطها مع المناطق المجاورة. 

كما أنها تتصل بالسهل الساحلي بطريق تعبر ممر مجدو إلى الجنوب الغربي، وتتصل بكل من حيفا وعكا عبر فتحة وادي نهر المقطع الذي تمر عبره طريق معبدة وسكة حديد الحجاز. 

وتتصل العفولة بكل من الناصرة في الشمال وطبرية في الشمال الشرقي وجنين في الجنوب بطرق جبلية.

 

                            إحدى طرقات مدينة العفولة
 
واستوطن الإنسان القديم منطقة العفولة منذ العصر الحجري النحاسي، وقد عثر في حفريات أثرية على مستوطنة تعود إلى تلك الفترة التاريخية، وتبين أن سكانها انتقلوا إلى تل العفولة الحالي الواقع على الطريق الواصل بين القدس وحيفا، واستخدموا مستوطنتهم الأولى مقبرة لموتاهم.

وبقيت المنطقة مأهولة خلال فترات العصر البرونزي القديم والوسيط والحديث، وذلك بدلالة المواد الحضارية التي عثر عليها، ففيها تل أثري أجري فيه تنقيب أثري، وفيها أرض مرصوفة بالفسيفساء، وفي العصر الروماني كانت مدينة أربل تقوم على أرض العفولة.

اختير هذا الموقع التلي للعفولة للدفاع عن القرية القائمة عند عقدة مواصلات هامة من جهة، ولتفادي أخطار المستنقعات التي تشكلها فيضانات نهر المقطع على مسافة قريبة إلى الجنوب الغربي من القرية.

والمنطقة المحيطة بالعفولة ذات أراض خصبة، كانت تستغل قديما في الرعي ثم في الزراعة وبشكل خاص زراعة القمح. وكانت أراضي العفولة، مثل غيرها من أراضي سهل مرج ابن عامر، ملكا للدولة، يزرعها السكان العرب منذ أجيال كثيرة دون أن تسجل لهم حقوق الملكية.

وقد قامت الحكومة العثمانية عام 1869 ببيع هذه الأراضي وما عليها من قرى لبعض التجار والإقطاعيين اللبنانيين من عائلة سرسق، الذين قاموا بدورهم ببيعها لليهود فيما بعد. ونتج عن ذلك تناقص عدد السكان العرب وتزايد اليهود بمرور الوقت، ففي عام 1912 كان في العفولة 172 عربيا، زاد عددهم في 1922 إلى 563 عربيا. لكن اليهود الذين امتلكوا معظم أراضي العفولة منذ عام 1925، تمكنوا من طرد غالبية السكان العرب من قريتهم، وأنشأوا عليها مستعمرة "عفولاه".

وفي أواخر عهد الانتداب البريطاني بلغ عدد سكان العفولة 2,310 أشخاص، جميعهم من اليهود، باستثناء 10 أشخاص من العرب. ومنذ قيام دولة الاحتلال تطورت المستعمرة من الناحيتين السكانية والعمرانية، فزاد عدد سكانها نتيجة الهجرة الصهيونية إليها، فبلغ 16,600 نسمة عام 1968، وتوسعت المستعمرة عمرانيا، وامتدت في جميع الاتجاهات. ووصل عدد سكان العفولة حسب دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية في عام 2014 إلى 43,832 نسمة.

وتشهد مدينة العفولة المحتلة مظاهر عنصرية من قبل المستوطنين، وفي عام 2016، ألغت محكمة الاحتلال في الناصرة مزادات فازت بها عشرات العائلات العربية لبناء منازل في العفولة، بعد موجة مظاهرات عنصرية في المدينة.

 

           رئيس بلدية العفولة الإسرائيلي يتظاهر ضد دخول العرب متنزه البلدة

وفي عام 2019، قررت بلدية الاحتلال حظر دخول غير سكان العفولة إلى الحدائق العامة، ثم منعت فلسطينيي الأراضي المحتلة عام 1948 من شراء وحدات سكنية فيها، وانضم رئيس بلدية مدينة العفولة الإسرائيلي إلى المتظاهرين للاحتجاج على بيع منزل لعائلة عربية. ولوح المتظاهرون بالأعلام الإسرائيلية وأعلام منظمة "لهافا" اليمينية المتطرفة.

ولم تتوقف الإجراءات الإسرائيلية المتشددة التي تمنع الفلسطينيين من البناء أو الشراء في العفولة، فقد حصنت بلدية الاحتلال نفسها بعدة قوانين وإجراءات تمنع تسرب أي قطعة أرض أو منزل إلى أيدي العرب في منطقة العفولة.

المراجع:

ـ العفولة (قرية)، الموسوعة الفلسطينية، 25/8/2014.
ـ مصطفى مراد الدباغ، بلادنا فلسطين، 1973، و1974.
ـ أنيس صايغ، بلدانية فلسطين المحتلة (1948– 1967)، 1968.
ـ ممنوع دخول العرب: بلدية العفولة تقصر دخول المنتزه على سكانها، موقع عرب48، 25/6/2019.


التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم