سياسة دولية

وسط خلافات.. التوقيع رسميا على اتفاق السلام التشادي في قطر

الدوحة استطاعت إقناع المجتمع الدولي بمراقبة نتيجة الحوار الشامل في تشاد- جيتي
الدوحة استطاعت إقناع المجتمع الدولي بمراقبة نتيجة الحوار الشامل في تشاد- جيتي

 

أعلنت الخارجية القطرية رسميا اليوم أن الحكومة الانتقالية في تشاد، وممثلون عن مجموعات المعارضة، وقعوا، اليوم الاثنين، "اتفاقية الدوحة للسلام، بمشاركة الحركات السياسية العسكرية في الحوار الوطني الشامل والسيادي في تشاد".

وجرى التوقيع في مراسم أقيمت في الدوحة صباح اليوم حيث وقعت الاتفاقية مع الحكومة الانتقالية أكثر من 40 من مجموعات المعارضة، لم تكن بينها حركة (فاكت)، أحد أبرز الحركات المسلحة.

وحضر مراسم التوقيع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ووزير الخارجية في الحكومة الانتقالية في جمهورية تشاد، بالإضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الإفريقي، وعدد من المنظمات الإقليمية والدولية.   

ونقل تقرير إعلامي صادر عن الخارجية القطرية عن الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ووزير الخارجية قوله: إن توقيع اتفاقية الدوحة "يعكس حرص الأطراف التشادية، وإدراكها لأهمية إنهاء مرحلة الحرب وتحقيق تطلعات الشعب التشادي للسلام"، مضيفا أنه "لا يخفى على الجميع أن المفاوضات التي جرت في الدوحة واجهت العديد من التحديات التي تم معالجتها، 

وأعرب عن اليقين بأن نتائج المفاوضات وتوقيع اتفاقية السلام سوف تشكل مرحلة مهمة ودقيقة للشعب التشادي خلال الحوار الوطني لإيجاد حلول للمسائل الخلافية، وتحقيق المصالحة الوطنية".    

وذكر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن بلاده "تتطلع لأن يكون اتفاق السلام المبدئي الموقع اليوم نقطة تحول مهمة على طريق الاستقرار والازدهار للشعب التشادي"، معربا عن أمله في أن "تلحق بقية المجموعات التشادية الأخرى بركب السلام".
 

وكان أحد زعماء المعارضة التشادية قد قال في وقت سابق لـ "عربي21"، إنه سيتم التوقيع بالأحرف الأولى على مشروع اتفاقية السلام التشادية-التشادية اليوم الاثنين في تمام الساعة العاشرة صباحا بتوقيت غرينتش في العاصمة القطرية الدوحة، وذلك بحضور رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد إدريس ديبي، وبعض المعارضين.

وأكد محمد بشير خليل، مُمثل الحركة الديمقراطية التصحيحية "MDR"، أن "الحركات المسلحة البارزة لم توقع على هذه الاتفاقية، ومنها حركتنا وحركة FACT التي قتلت الرئيس السابق إدريس ديبي والتي يتزعمها مهدي محمد علي، والمنسقية الوطنية من أجل التغيير والإصلاح (CNCR) بزعامة بشير الخليل حمدي، وحركة CNR بزعامة بشارة إدريس حقار، وحركة CNR2 بزعامة أبّكر توليمي وغيرهم".

بينما لفت بشير، في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، إلى أن "من أبرز الأطراف الموقعة على الاتفاقية: الجنرال محمد نوري زعيم حركة UFDD، وتيمان إرديمي زعيم حركة UFR، وآخرين"، موضحا أنه لم تكن هناك محادثات مباشرة بين أطراف بالمعارضة والحكومة التشادية حتى الآن.

وأردف: "في بداية مجيئنا إلى الدوحة طالبنا بوساطة قطر، وأن تكون ضامنة لتنفيذ بعض المطالب منها إعادة هيكلة الجيش، والمشاركة في لجنة رئاسة الحوار الشامل المزمع عقده قريبا، لكن بسبب تعنت الوفد الحكومي المفاوض وعدم استجابته لمطالب المعارضة عادت المفاوضات إلى المربع الأول، وهو (حوار تمهيدي) للحوار الوطني الشامل في أنجمينا، وهذا ما أدى إلى عدم توقيع بعض الحركات على الاتفاقية".

ووفق تقارير صحفية، تلقى وزراء خارجية دول معنية باستقرار وسط وغرب أفريقيا الدعوة لحضور حفل توقيع الاتفاقية.

ولفت المعارض التشادي إلى أنه لم يتم إدخال تعديلات مهمة على النسخة الأخيرة من اتفاق السلام، والتي قامت "عربي21" بنشرها قبل أيام.

وكانت "عربي21" قد انفردت بنشر النسخة الأخيرة من اتفاق السلام الجديد الذي تقدم به الوسيط القطري من أجل تحقيق السلام في دولة تشاد، وذلك في أعقاب استضافة الدوحة مفاوضات جمعت بين ممثلي المجلس العسكري الانتقالي والحركات المسلحة في البلاد.

 

اقرأ أيضا: "عربي21" تنشر نص اتفاق السلام في تشاد بوساطة قطرية

ونوّه بشير إلى أنهم طالبوا سابقا بضرورة "منع رئيس المجلس العسكري الانتقالي حاليا من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، وأن تنص الاتفاقية على ذلك، لكن هذا المطلب تم رفضه بزعم إمكانية دراسة هذا المطلب خلال مناقشات الحوار الوطني، وهو ما ساهم في تأزيم محادثات الدوحة، بالإضافة إلى بعض الأمور الأخرى".

واستطرد بشير قائلا: "الدوحة استطاعت إقناع المجتمع الدولي بمراقبة نتيجة الحوار الشامل، بالإضافة إلى المنظمات والهيئات الدولية، لكننا نرى أن المجتمع الدولي لم يحقق أي نتيجة مرجوة منه في جميع بقاع العالم، حتى ينجح في بلادنا".

ورغم تأكيده على انطلاق الحوار الوطني الشامل في العاصمة التشادية أنجمينا في موعده يوم 20 آب/ أغسطس الجاري، إلا أنه عبّر عن اعتقاده بأن فرص نجاح هذا الحوار تُعدّ ضعيفة جدا في ظل التطورات الأخيرة، وفي ظل إصرار الحكومة على مواقفها التي وصفها بالمتعنتة.

وبخصوص تنظيم الحوار الوطني الشامل، قالت الاتفاقية إن المجلس العسكري الانتقالي والحركات السياسية العسكرية يتعهدون رسميا ببذل كافة الجهود لتنظيم حوار وطني شامل تكون قراراته مُلزمة لجميع الأطراف، وذلك في العاصمة أنجمينا في أقرب وقت ممكن، دون أن تحدد موعدا بذلك.

ومنذ 13 آذار/ مارس الماضي، تستضيف الدوحة مفاوضات السلام بين المجلس العسكري الانتقالي ونحو 52 حركة سياسية وعسكرية تشادية، بهدف التوصل إلى اتفاق سلام أولي ينهي عقودا من الحروب، ويمكّن حركات المعارضة من المشاركة في الحوار الوطني الشامل لتحقيق المصالحة الوطنية في البلاد، وإجراء انتخابات حرة يشارك فيها الجميع.

يشار إلى أنه في 20 نيسان/ أبريل 2021، أعلن الجيش التشادي عن مقتل رئيس البلاد، إدريس ديبي (68 عاما)، متأثرا بجراح أصيب بها خلال تفقد قواته في الشمال، حيث يشن المتمردون هجوما لإسقاط نظامه الحاكم منذ العام 1990.

وتوفي ديبي بعد ساعات من إعلان فوزه رسميا بولاية سادسة في انتخابات رئاسية أجريت في 11 نيسان/ أبريل الماضي.

وعقب وفاته، تم تشكيل مجلس عسكري انتقالي برئاسة نجله محمد (37 عاما) لقيادة البلاد لمدة 18 شهرا تعقبها انتخابات.

وبجانب إنشائه وزارة للمصالحة الوطنية، عيَّن ديبي مستشارا للمصالحة والحوار برئاسة الجمهورية، وأطلق دعوة لجميع الأطراف، بما فيها الحركات المسلحة والجماعات المتمردة، للمشاركة في الحوار الوطني.

0
التعليقات (0)