ملفات وتقارير

هل ينجح الصدر في ضم "قوى تشرين" إلى مليونيته؟

يعتصم أنصار الصدر في مبنى البرلمان مطالبين بحله - جيتي
يعتصم أنصار الصدر في مبنى البرلمان مطالبين بحله - جيتي

مع اقتراب "المليونية" التي دعا إليها زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، السبت، كشفت مواقع محلية عن تواصل الأخير مع عدد من قادة حراك تشرين 2019، ودعاهم إلى الانضمام إلى الصدريين للمطالبة بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

ومنذ أسبوعين، يسيطر أتباع الصدر على مبنى البرلمان في المنطقة الخضراء وسط بغداد، رفضا لترشيح قوى الإطار التنسيقي الشيعي، النائب محمد شياع السوداني، لرئاسة الحكومة المقبلة، معلنين اعتصاما مفتوحا لحين تلبية مطالبهم في حل البرلمان، وإبعاد الفاسدين.

الرهان الأخير

وتعليقا على ذلك، قال المحلل السياسي العراقي جبار المشهداني لـ"عربي21" إنه "لا يمكن الحديث عن أن حراك تشرين موحد، فهو تشظى مثل باقي القوى والمشاريع السياسية، والدليل موقفهم من الانتخابات الأخيرة في 10 أكتوبر الماضي، كانوا بين مشارك ومقاطع، وبالتالي لم تعد تشرين كما كانت عليه في عام 2019".

وأضاف المشهداني أن "بعض الجهات التشرينية ترى أن حركة الصدريين تتوافق وتنسجم مع مطالبها، وتدعم هذا الحراك، والبعض الآخر يريد ضمانات، ويشعر بالخوف كونه يتذكر ما حصل من احتكاك وصل إلى وقوع ضحايا في صفوف التشرينيين، وهذه لا ينكرها الصدريون، ويعتبرونها غير مقصودة، واحتكاكا بين الإخوة".

 

اقرأ أيضا: القضاء العراقي ردا على الصدر: لا نملك صلاحية حل البرلمان

وأشار إلى أن "هناك جزءا ثالثا من حراك تشرين لا يخجل من إعلانه عدم الثقة بمشروع الصدر، لكن في تقديري ثمة أغلبية تشرينية ترحب بالعودة والانضمام مع الصدريين، وتريد الخلاص من هذه العملية السياسية، وتحقيق هدفها الأساسي، وهو (نريد وطن)، وتجد في حراك الصدر فرصة طيبة لتحقيق ذلك".

ولفت المشهداني إلى أن "الشارع العراقي بعاطفيته العالية ربما يتفق مع مشروع الصدريين، ولكن ليس حبا بهم بقدر ما هو يأس مطبق من العملية السياسية ومعظم أطرافها، التي أنتجت فشلا متكررا على مدى 20 عاما".

وتابع: "ربما كان اليأس من الإصلاح عبر صندوق الانتخاب يدفع بالناس إلى أنه لا سبيل أمامكم الآن  سوى الرهان الأخير على مشروع الصدريين في الخلاص من هذه الطبقة السياسية، وبعد ذلك يمكن الحديث عن مفاوضات أو ضمانات من الصدريين في ألا يتحول العراق في المستقبل إلى دكتاتورية جديدة".

وأكد المشهداني أن "هناك تخوفا وتعاطفا لدى الشارع مع حراك الصدريين، وبين هذا وذاك لا يمكن حسم مزاج الجمهور اعتبارا من اليوم، فالكثير ينضمون إلى مشروع الصدريين بسبب أخطاء قوى الإطار التنسيقي وتصريحاتهم وعنادهم".

ونوه إلى أن "هناك رأيا يقول إنه مهما اتفقنا على وجود سلبيات في المشروع الصدري، فإنه يبقى في مجمله أفضل من العملية السياسية الحالية، وأقل سوءا، ويمكن أن يكون الرهان الأخير".

ولفت المشهداني إلى أن "أحد أهم أسرار حركة الصدريين هو مناداتهم باستقلالية العراق، وإبعاد البلد عن الهيمنة الأمريكية والإيرانية، وأن (إيران برا برا) واحد من أكثر الشعارات جذبا للشارع العراقي، الذي يشعر أنه فقد استقلاليته، وأصبح تابعا لكل الأطراف الإقليمية والدولية".

تماهٍ كبير

من جهته، قال أستاذ الإعلام في العراق، الدكتور فاضل البدراني، لـ"عربي21" إن "خطاب التيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر يتماشى مع خطاب تشرين والقوى الشعبية العراقية، فهناك تقارب وتماه إلى حد كبير، وهذه نقطة مهمة لا بد من الإشارة إليها".

في الوقت ذاته، يضيف البدراني أن "قوى تشرين لا تريد الاندماج بكتلة واحدة مع التيار الصدري، فهي تخشى ولا تريد أن تتحول إلى وضع سياسي، وأن بعض قيادتها تقول إنها تنتظر إلى ما بعد انتهاء الأزمة الحالية بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري، وإلى ماذا ستؤول الأمور".

وتوقع البدراني أن "تشرين لها رأي، وربما تظهر في وقت مميز يحمل اسمها وبصمتها، وأعتقد متى ما وجدت الوقت المناسب والظرف الذي يتيح لها الظهور في الشارع، فهي ستظهر عندما تضعف القوى الحزبية أكثر".

واستدرك الخبير العراقي قائلا: "لكن مع ذلك، هناك قواعد شعبية عديدة حاليا متواجدة مع التيار الصدري، أما حراك تشرين، فلا يزال يتخوف من آثار الاحتكاك الذي حصل بينه وبين التيار الصدري في وقت سابق".

وأردف: "كان المفترض من التيار الصدري في تلك المرحلة أن يترك حراك تشرين مع القوى السياسية والحزبية الأخرى، وألا يتدخل، وبالتأكيد سيكون حينها الوقت مناسبا، وكذلك الاندماج والتفاعل والشراكة مع قواعد تشرين وقياداتها لو أتيح لها الوقت".

وأكد البدراني أن "هذه نقطة جوهرية جعلت من حراك تشرين وقياداته تتخوف من التيار الصدري، ولا أعتقد أن الضمانات تنفع لإعادة الاندماج بين التيار وتشرين، لأن للأخير خطابا شعبيا بحت، وثورة ترفض كل القوى المشاركة في العملية السياسية منذ عام 2003، بينما للتيار مواجهة ضد طرف سياسي اسمه الإطار التنسيقي".

وكشفت مواقع محلية، الأسبوع الماضي، أن الصدر تواصل مع قادة في حراك تشرين عبر مكالمة هاتفية استمرت سبع دقائق، أكد فيها أن أبواب الحنانة (مقر إقامته في النجف) مفتوحة أمام الناشطين في أي وقت للحوار والنقاش، وسبل محاسبة الفاسدين والقتلة، وإن كانوا من التيار الصدري.

وذكرت وكالة "شفق نيوز" أن "الدعوة التي وصلت الناشطين من الصدر حاليا قيد النقاش، ولم تحدد وجهة النظر بقبول الدعوة أو رفضها"، مشيرة إلى أن "هناك تنسيقا مسبقا بين اللجنة التنسيقية للاعتصام وعدد من الأشخاص الذين يمثلون الحراك الشعبي لتظاهرات تشرين".

وفي السياق ذاته، كشف الناشط في حراك تشرين، علي الخيال، أن الصدر أرسل رسالة له شخصيا، أكد فيها أن يده ممدودة لهم، وأنه مستعد لتقديم أي عضو في التيار الصدري إلى المحاكمة فورا إذا كان يمنعهم "دم" من المشاركة في المظاهرات.

وبحسب الناشط الخيال، فإن زعيم التيار الصدري طالب الخيال بتقديم أي دليل على أي فاسد أو قاتل ضمن "التيار" لمحاسبته، وأن الصدر يريد تصفير المشاكل مع حراك تشرين، مؤكدا أنه على استعداد للخروج بمؤتمر صحفي من مقر إقامته في الحنانة بالنجف، وتبني مطالب تشرين.

التعليقات (0)