آراء ثقافية

عن "بالطو" عاطف فياض: قطاع واقعي من حياة المصريين

مسلسل "بالطو" يجسد واقع القطاع الصحي في مصر- تويتر
مسلسل "بالطو" يجسد واقع القطاع الصحي في مصر- تويتر
من العسير أن يختار شخصٌ مثلي (طبيبٌ) نقطة بدايةٍ للكتابة عن مسلسلٍ موضوعُه طبيبٌ شابٌّ يبدأ حياتَه العملية في وزارة الصحة المصرية ليواجهَ الصعوباتِ الغريبةَ المضحكة المُبكِية التي اشتُهر بها القطاع الصحي الحكومي في مصر، إلّا أنّ الحلقة الأخيرةَ التي أُذيعَت قبل ساعةٍ من شروعي في كتابة هذه المراجعة تحملُ نقطةَ التماسّ الأعنفَ بيني وبين المسلسل، فكما أنّ الطبيبَ الجديدَ الذي وصلَ إلى القرية محلّ الأحداث (طرشوخ الليف) - ليتسلّم إدراةَ الوحدة الصحية من البطل (د. عاطف، الذي قامَ بدَوره عصام عمر) - قد أُصيبَ في حادثٍ مروريٍّ يومَ وصولِه، أُصبتُ أنا في حادثٍ لا يقلُّ عنفًا يومَ وصولي طبيبًا مُقيمًا مؤهَّلًا إلى مستشفى إدفو العامّ في 2015، لأقضيَ الأشهُر الأربعةَ التي يتطلّبُ القانونُ قضاءَها في "أماكن نائية" تمهيدًا لترقيتي إلى اختصاصيٍّ للجراحة العامة! ومن الحلقة قبل الأخيرة تقريبًا تأتي نقطةٌ أخرى مضحكة مبكية، فكما يراوغ الأستاذ عبد البديع (جسَّدَه محمد محمود) السيارات بسيارة الإسعاف التي يقودُها للَّحاق بوحدةٍ صحيةٍ قريبةٍ يُودعُ لديها التطعيماتِ المهدَّدةَ بأن تَفسَدَ لانقطاع التيار الكهربائي عن قرية طرشوخ، فيقول له البطل "انت بتعمل غُرَز ليه؟ هو احنا ف زفّة؟!" أذكرُ جيّدًا أنّ حادثَ وصولي إلى إدفو كان بسبب قائد سيّارةٍ تُقلُّ عروسَين في زفافهما، وكان بدَوره (يغرِّز) تحيةً للعروسين، على (كوبري إدفو) على النيل، فاصطدم برتلٍ من السيارات بينها سيارةُ الأجرة التي كنتُ أستقلُّها، ونجمَت عن ذلك إصاباتٌ متفاوتة الخطورة، بين جروحٍ سطحيةٍ ووفاة.

المسلسل يفضح واقعًا مصريًّا متردّيًا مَهما قِيل في محاولة تجميلِه: تفشّي الجهل ولاسيّما الجهل الصحّي، ازدهار الدجَل، فقدان الثقة بين الناس والمؤسسات الرسمية، نقص إمكانيات الأماكن العلاجية الحكومية، إسناد الأمر إلى مَن لم يؤهَّل له على نحوٍ كافٍ، التعقيد الإداري (البيروقراطي) الأجوف الذي يُشيع مُناخ العدائية بين زملاء العمل ويُحيل بيئة العمل إلى ساحة عِراكٍ تافه، إلى غير ذلك. أضِف إلى هذه المَظاهر بُعدَ قرية الأحداث عن المدينة، ما يجعلُها في مصر محرومةً بالضرورة من كثيرٍ من الخِدمات الحيوية، ولا أنسى تحذير أحد أساتذة الصحة العامّة في كلّيّتي: "يا ولاد كلّ ما تقديركم التراكمي قَلّ، كلّ ما كان مصيركم في نجعٍ من النُّجوع!" كان كلامُه قاسيًا بلا شكٍّ، لكنّه كان واقعيًّا، وفي رأيي أنّ عشرين عامًا قد مرَّت على نُطقِه به لم تغيِّر من واقعيّتِه إلا قليلًا، إن كانت قد غيَّرَت.

لقد قرر الكاتب (د. أحمد عاطف فياض) أن يَجمعَ على بطلِه الذي يحملُ اسمَه (عاطف) هذه البَلايا كُلَّها، بحيث تُوقِعه طِيبتُه المُفرطةُ فيها، فتكون أشبه بما يسميه أحدُ أساتذتي الجرّاحين في المستشفى الذي أعمل به "خوازيق شفّافة"!

تضافرَت كتابةُ فيّاض وإخراج (عُمَر المهندس) في تقديم عملٍ مشوِّقٍ تمامًا، فالمَشهد يسلّم المُشاهِد لِما يَليه محمّلًا بالترقُّب، والحلقةُ تتركُ متابعَها متشوّقًا إلى تالِيَتِها ليعرفَ مآلَ الأحداث المعلَّقة، والمدهش أنّه العمل الأول الذي يُنتَج لفيّاض الذي بَنى مخططَه على روايتِه هو "بالطو وفانلّة وتاب"، وهو كذلك الأوّلُ لعمر المهندِس مُخرجًا بعد أن ساعد في إخراج أعمالٍ سابقة.
أمّا اختيار الممثلين فقد جاء موفّقًا للغاية، كأنه يَنقلُ قطاعًا حقيقيًّا من المصريين بوجوههم وأجسادهم وتعبيراتِهم إلى الشاشة، أو كأنّ الأدوارَ قد أُسنِدَت إلى أشخاصٍ حقيقيين (لا ممثّلين) يقومون بهذه الأدوار في الواقع، على غِرار ما ابتكرَه تاريخيًّا المُخرج السوﭬـياتّي العظيم سرجي إيزنشتِاين (1898-1948) في فِلمه "المدمّرة پوتِمكِين" مِن اختيار مَن يجسّدون الأدوار بناءً على مظهرِهم فيما سمّاه الاختيار التنميطي Typage/ Typecasting! فالبطل (عصام عمر) الفارع الطول ذو الملامح الجادّة مُوحٍ تمامًا بخرّيج الطبّ الذي قضى أعوامَ دراستِه بين البيت والكلّيّة لا يعرفُ من الدنيا إلّا هما، و(محمود حافظ) في دور (د. سمير) طبيب الأسنان المتنمِّر المتبجّح قد رسمَ نفسَه في الدور ببراعةٍ على الأصعدة كافّة، و(مريم الجندي) بملامحها الحادّة البريئة في آنٍ هي بالضبط الصيدلانيةُ الشابّة يقِظة الضمير القوية الشخصية، و(عارفة عبد الرسول) بملامحها الصارمة التي أبرزَتها تمامًا تعبيراتُ وجهِها وطريقةُ كلامِها وغطاء رأسِها هي رئيسُ التمريض الشديدةُ الجادّة التي يخشاها الجميع ويعملون لها ألف حساب. 

هذا، فِيما واصلَ (محمود البزّاوي) إتقانَه الخلّابَ لأدوارِه جميعًا، فأضافَ بصمتَه الفريدةَ في سجلّ الممثلين المصريين الذين جسّدوا دورَ المُشعوِذ الذي يدّعي العلاجَ بالقرآن وإبطالَ السِّحر، وقائمةُ هؤلاء تضمُّ أحمد زكي في "البيضة والحَجَر" وشوقي شامخ في مسلسل "لمّا التعلب فات"، إلى جوار آخَرين. وقد كرَّسَ أداؤه دَورَ الشيخ مرزوق تلك السّماتِ التي ارتبطَت بصورةِ هؤلاء الدجّالين في الوعي الجمعي المصري، من حركات العينين المفاجئة ونظراتِها المقتحِمة إلى هدوء الحديث إلى تهدُّج الصوت أحيانا. وينبغي ألّا ننسى الدور الفريد لمحمد محمود بوَصفِه هنا مسؤول دفتر الحضور والانصراف بالوحدة الصحية، ذلك الطيّب المتوافِق مع ما حولَه، المُبتلَى بابنِه المتبطّل مدمن المخدِّرات، فضلًا عن ضيوف الشرَف: سلوى خطّاب موظفة الرقابة الإدراية التي تحاول أن تكون جادّة، وسامي مغاوري صاحب البيت الذي يحترِق والذي يرفض الاستعانةَ إلا بالشيخ مرزوق، وعلى رأس ضيوف الشرف خالد الصاوي في دور الدكتور أشرف مدير الوحدة الأصلي الذي ماتَ مِيتةً غريبةً في الحلقة الأولى (سقطَت عليه مروحة السقف فجأة!)، والذي جسّد بأستاذيّةٍ الطبيبَ الذي أنساه طولُ وجودِه في بيئة عملٍ فقيرةٍ كثيرًا ممّا تعلَّمَه وأكسبَه كثيرًا من سِمات العشوائيّة.

وفي المسلسل خطوطٌ تبدو هامشيّةً لم تُضَف إلّا لتحريك الأحداث؛ كخطّ الغرفة الممنوع على عاطف دخولُها في سكَن الأطبّاء، والتي قِيل له إنّها منحوسة، حيثُ ينقطِع التيارُ الكهربيُّ عن الوحدة لحظةَ محاولتِه دخولَها فتبدأ مشكلة التطعيمات التي ذكرناها آنِفًا، وخطوطٌ أخرى قد يُقال إنها أضيفَت لخَلق تنفيسٍ كوميديٍّ لا غير، كالمَشاهد التي تجمع البطلَ بالفلّاح المُسِنّ الذي يُشاركُه شُربَ الشاي في الحقل ولا ينطقُ إلا مرّةً واحدةً قبلَ المَشهد الأخير متسائلًا عن سرّ الغرفة المنحوسة. لكنّ كِلا الخطّين يبدو رمزًا لطيفًا عميقًا رغمَ جوّ الكوميديا الصاخب، فالغرفةُ هي ذلك العبثُ الضارب بجذورِه في تربة العمل الحكوميّ. إنها اللامَنطقيّة التي نراها في كثيرٍ من الأماكن الخِدميّة في مصر، مجرّد تلازُم غير مبرَّر بين فعل تافه ونتائج فادحة! أمّا الفلاح الصامت صاحب الشاي فيكوّن مع عاطف ثنائيًّا كوميديًّا مؤقّتًا للغاية، يتماسّ مع تاريخ الثنائيات الكوميدية Double Acts التي حافظَت رغمَ اختلاف أطيافِها على نموذج الثرثار الخفيف (د. عاطف) إلى جوار نموذج الرصين الثقيل الذي لا يأبهُ بمحاولاتِ الثرثار الفاشلة (الفلّاح)، وهذا الثنائيّ بدَورِه رمزٌ على عبثيّةٍ أخرى، تتمثّل في شكوى الطبيب إلى مجتمعِه الكبيرِ ممّا يَلقاه من صعوباتٍ في بيئة عملِه العَدائيّة، وعدم التفات هذا المجتمَع إلى شكواه.

وممّا لفتَ انتباهي أثناء عرض المسلسل تصاعُد ردود الفِعل على تصوير الأوضاع السيئة في الوحدات الصحية، ووصفُها بالمبالَغة، كأنّ الكوميديا اختراعٌ جديدٌ على البشرية وكأننا لم نشهد شكلًا من أشكال المبالَغة والصُّدَف الغريبة في الكوميديا منذ ميلادِها! وكذلك دارَ بعضُ ردود الفِعل على عدم وجود قريةٍ اسمُها "طرشوخ الليف" في مركز مطوبس بمحافظة كفر الشيخ! والواقعُ أنّ المؤلّف كان مضطرًّا إلى اختيار اسم مركزٍ حقيقيٍّ ليُضفي مِسحةَ واقعيةٍ على العمل، لكنه في الوقت ذاتِه نَحتَ بذكاءٍ اسمَ القريةِ غريبًا مُثيرًا للضحك، مُجاريًا أسماء القرى المصرية المكوّنة من تركيبٍ إضافيٍّ، والتي ينحدِر إلينا مُضافُها من اللغة القبطية أو الرومانية أو اليونانية مُعرَّبًا فاقدًا معناه الأصليّ، فِيما يأتينا المضافُ إليه عربيًّا مفهومًا، والأمثلة على ذلك كثيرةٌ لا علاقةَ لغرابتِها باحترامِنا لها، فهناك "تَفَهْنا العَزَب" و"مَشتُول السُّوق" وغيرهما. أمّا الاسم الذي تعجّلَ الإخراج في ظهورِه فهو اسم الوحدة الصحية التي قصدَها عاطف وعبد البديع في الحلقة التاسعة ليُودِعا فيها صندوق التطعيمات، حيث ظهرَ اسمها "الوحدة الصحية بأبو تيج"، مفترِضِين أنّ "أبو تيج" أقرب مكانٍ إلى "طرشوخ". لكنّ "أبو تيج" مدينة كبيرة تقع في محافظة أسيوط في صعيد مصر، أي تفصلُها عن مركز مطوبس بأكملِه مئاتُ الأميال! 

ولا يسعُنا في النهاية إلا أن نهنّئ طاقَم المسلسل على نجاحِه المستحَقّ، وأخُصُّ المؤلّف د. فيّاض بتلك الجُملة التي أظنُّه يقدِّرُها بوَصفِه جرّاحَ عِظامٍ كما علِمت: "تسلم الأيادي يا دَكتَرة".
التعليقات (1)
نسيت إسمي
الأحد، 12-03-2023 04:20 م
'' دقات الناقوس شر البلية ما يضحك "بالطو رقم 4 '' 1 ـ (نكت قصيرة) كلما رأيت خطي في الكتابة زاد أملي بأن أصبح طبيب هههه هذا واحد ضراتو كرشو مشا عند الطبيب. سولو الطبيب شنو كليت. قال ليه بيمو ديال الدجاج. فاش قلبو لقاه واكل كنور هههه في غرفة العمليات شوف يا حاج .. أنا مش مذاكر عمليات القلب كويّس .. تحب أعمل لك الزايدة و خلاص؟ هههه أجنبي يسأل عربي كيف يسرقون عندكم؟ قله: شايف المشروع إللي هناك؟ قال: مش شايف أي شي!! قله: عليك نور هذا لحد الآن مكلف 95 مليون دولار هههه . 2 ـ (مريض في مجتمع مريض) أتمنى أن يكون فقدان الشغف الذي أعاني منه الآن مجرد فترة عابرة تنتهي مع الوقت، أتمنى ألا يطول الأمر فأنا لا أملك الشغف حتى لأبسط الأعمال اليومية، الضغوطات و الالتزامات و الحياة كلها أشياء تسير بسرعة جنونية، و أنا أعلم جيداً فقداني للشغف سيكلفني الكثير و الكثير، أنا لا أملك شغفاً للعمل أو للدراسة، أشعر بالملل من القراءة و من مشاهدة الأفلام و المسلسلات، لا أتحمل الجلوس أو التحدث مع أحد لفترة طويلة، لا أطيق المناقشات و لا شئ يثير إعجابي، أتجنب أبسط المحادثات و أرُد بأبسط الكلمات المُمكنة، أبدو سخيفاً أحياناً، لكن كل هذا يحدث رغماً عني، أنا لا أملك شغفاً للنهوض من على سريري من الأساس .. أتمنى أن تكون مجرد فترةٍ عابرةٍ فلقد فقدت شغفي تجاه كل شئ . 3 ـ (قصة طبيب الغلابة) طبيب الفقراء أو كما يطلقون علية طبيب الغلابة هو الدكتور محمد عبد الغفار مشالي ، الذي وُلد في محافظة الغربية وذاع صيته وأشتهر بطبيب الغلابة أو طبيب الفقراء ، دكتور محمد عبد الغفار مشالي هو طبيب مصري أصيل وهب عمره وخبرته كلها في مجال الطب لعلاج الفقراء والغلابة وذلك تنفيذاً لوصيه والده رحمه الله الذى ضحى بتكاليف علاجه من أجل إلحاقه بكلية الطب حتى يقوم بعلاج الفقراء والغلابة الذين لا يملكون نقوداً كافية للكشف على أنفسهم أو على أبنائهم. يقوم دكتور محمد مشالي طبيب الغلابة بعلاج الغلابة والفقراء والمساكين من المرضى الذين عجزوا عن توفير ثمن الكشف أو العلاج وذلك على عكس كثير من الأطباء الأخرين الذين صنعوا من مهنة الطب الراقية تجاره لهم لكي تغنيهم فلا يقدمون خدماتهم الطبية إلا لمن يدفع نقود أكثر ، وإن كان هناك الكثيرون أيضاً من الأطباء الذين يفعلون الخير ويراعون ظروف المحتاجين والفقراء بل ويعالجونهم بالمجان ولكن يبقى دكتور الغلابة دكتور محمد مشالي هو القدوة الحسنة والمثل الأعلى في أعمال الخير لكل طبيب إنسان. 4 ـ (دكتور زيفاجو لـ بوريس باسترناك) هي واحدة من أشهر الروايات الموجودة حتى وقتنا هذا، و ذلك لأنه تم تحويلها لفيلم بعد نجاحها العظيم في صورة رواية، كاتب هذه الرواية هو بوريس باسترناك، و الذي قام بعمل حبكة رائعة في الرواية، و قام بإدخال أكثر من مجال فيها، مما جعل الرواية تنال شهرة واسعة، و أيضاً جعل الفيلم الخاص بها من أشهر الأفلام الموجودة و أعظمها. كاتب هذه الرواية هو بوريس باسترناك، و هو واحد من أشهر الكتاب الروسيين، كانت ولادة هذا الكاتب العظيم في يوم 10 فبراير، في عام 1890، و هو ليس كاتب فقط بل كان شاعر روسي أيضاً، كانت ولادته في موسكو، و أهم ما يميز حياته و ما ترك أثر على كتاباته أيضاً، هو أنه عاش في عالم منفتح على الكثير من الثقافات، و ساهم هذا التفتح في بناء شخصية الكاتب الروسي، ترك دراسة الكونسرفتوار، ليتفرغ لدراسة الفلسفة. و لكنه لم يظل لفترة طويلة في الجامعة، حيث قام بتركها و نجد أنه في نفس السنة التي ترك فيها بوريس باسترناك الجامعة، أصدر فيها الديوان الأول الخاص به، و استمر بعدها الكاتب و الشاعر في كتابة العديد من القصائد، و أهم ما كان يميز هذه القصائد هو أنه كان يستخدم فيها اللغة اليومية في كتابتها، و التي تجعلها أقرب لمن يقرأها، أشهر ما يميز مسيرته أنه كان يقوم بترجمة الكثير من أعمال وليم شكسبير، الذي كان شاعر و كاتب مسرحي. أهم ما يميز روايته الشهيرة دكتور زيفاجو، هو أنها تم تحويلها لفيلم سينمائي، مما أعطاها شهرة واسعة أكثر من الشهرة التي حصلت عليها، و كان هذا الفيلم من بطولة عمر الشريف و جولي كريستي، و نجح هذا الفيلم مثلما نجحت الرواية، و أكبر دليل على نجاحه الشديد، هو أنه حصل على خمس جوائز أوسكار، و التي هي واحدة من أهم الجوائز السنيمائية في العالم، فالرواية كانت من أروع الروايات التي تم كتابتها، و عند تحويلها لفيلم أصبحت من أروع الأفلام أيضاً. الشخصية الرئيسية لهذه الرواية و التي تم تسمية الرواية على اسمها، هي شخصية دكتور يوري زيفاجو، و الذي كان طبيب و شاعر في نفس الوقت، والد دكتور زيفاجو كان صناعي غني، و الذي قام بالانتحار، و والدته توفت هي الأخرى في بداية الرواية حيث قام الكاتب بعرض هذه الوفاة، كان الدكتور متزوج من امرأة و انجب منها طفل، و هنا تظهر شخصية جديدة هي شخصية لارا، و هذه الشخصية عانت من ضغط عشيق والدتها عليها، فكان يحاول اغوائها لتكون معه بكل الطرق، و لكنها رفضت هذا و قامت بالزواج. ما جمع شخصية لارا و شخصية دكتور زيفاجو، هو أنهم كانوا يخدمون المرضى أثناء الحرب العالمية الأولى، حيث كان دكتور زيفاجو يخدم المصابين في الحرب كطبيب في الجيش، و كانت لارا متطوعة كممرضة من الممرضات الموجودين لإسعاف المصابين في الحرب، و هنا تبدأ الأحداث بينهم، حيث وقع كل منهما في حب الآخر، و نشأت بينهم قصة حب، و لكن انتهت هذه القصة مع نهاية الحرب العالمية الأولى، و بعدها وقعت الثورة الروسية، و قام دكتور زيفاجو بأخذ زوجته، و ذهب معها لقرية ريفية في روسيا، و في هذا الوقت جمعه القدر بلارا مرة أخرى. بعد أن انتهت قصة حبهم بعد الحرب العالمية الأولى و انتهائها، حيث كانت لارا في نفس المنطقة التي يسكن فيها دكتور زيفاجو، و كان السبب في وجودها هناك، هو أنها كانت تبحث عن زوجها، و نجد أن مشاعر كل منهما ظهرت مرة أخرى، و كأن هذا اللقاء يؤكد أن قصة حبهما لم تنتهي بعد، و لكن تحدث مرة أخرى العوائق التي تمنعهم من البقاء في نفس المكان، و تستمر أحداث الرواية، التي تميز الكاتب فيها أنه قام بالتعبير عن أكثر من مجال مختلف، مثل الفلسفة و الطب و الأدب، بطريقة رائعة و بحبكة عظيمة للرواية، و التي ساهمت في جعلها من أشهر الروايات في العالم.